تونس: اتهام رئيس البرلمان بالتستر على جريمة قتل

مساءلة وزير الداخلية حول «خيمة دعوية» نظمتها {حركة النهضة}

TT

تونس: اتهام رئيس البرلمان بالتستر على جريمة قتل

طالبت عائلة التونسي فيصل بركات، أحد أنصار حركة النهضة، بتوجيه الاتهام رسمياً إلى عدد من الأسماء السياسية الوازنة في البلد، من بينها محمد الناصر، الرئيس الحالي للبرلمان، في قضية ابنها الذي توفي تحت التعذيب.
وبمناسبة نظر محكمة التعقيب، أمس، في ملف ابنها الذي توفي سنة 1991 تحت التعذيب بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل (60 كلم شمال شرقي العاصمة)، طالبت أسرة بركات بإدراج رئيس البرلمان ضمن قائمة المتهمين، باعتبار أنه كان يشعل وقتها منصب مندوب تونس في الأمم المتحدة، كما كان مكلفاً بتقديم التقارير حول الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان، لكنه لم يتعرض في تقاريره إلى ما حصل من تعذيب لبركات، وبالتالي فقد ساهم في التغطية على الجريمة، حسبما جاء في تصريحات شقيقه جمال بركات.
وأحالت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بنابل 21 متهماً في القضية، من بينهم 3 وزراء من النظام السابق، وطبيبان بحالة سراح على أنظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بنابل: 11 منهم من أجل تهمة «التعذيب الصادر من موظف عمومي نتج عنه الموت»، و10 آخرون من أجل المشاركة في ذلك.
من جهة أخرى، وجه رمزي خميس، النائب في البرلمان عن حزب النداء، مساءلة شفوية إلى لطفي براهم، وزير الداخلية، بشأن منح ترخيص لجمعية الدعوة والإصلاح لإقامة خيمة دعوية في منطقة زغوان (شمال شرقي البلاد)، أشرف عليها المنجي اللوز، القيادي في حركة النهضة عضو مجلس الشورى.
واعتبر خميس أن منح الترخيص لإقامة مثل هذه الأنشطة سيفتح الباب مجدداً لعودة «الخيمات الدعوية»، التي كانت من أهم أسباب تسفير آلاف الشبان التونسيين إلى بؤر التوتر في ليبيا وسوريا وغيرها من المناطق، حسب رأيه، وقد استغل تنظيم أنصار الشريعة خلال السنوات التي تلت ثورة 2011 الخيمات الدعوية لنشر أفكاره المتطرفة، رافعاً شعار «اسمعوا منا، ولا تسمعوا عنا».
وقال خميس لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخيمات الدعوية أكدت مساهمتها الفاعلة في استفحال ظاهرة التشدد، التي قد تنتج عمليات إرهابية كتلك التي وقعت في ساحة باردو بالعاصمة التونسية.
وعلى الرغم من إقرار راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، بالفصل بين السياسي والدعوي على مستوى أنشطة الحزب الإسلامي المشارك في الحكم، فإن خميس أكد أن عدداً من قيادات حركة النهضة ما زالوا يحملون فكراً متشدداً، وعبر عن خشيته من عودة الحياة السياسية إلى الأوضاع التي كانت سائدة بين سنتي 2011 و2012، مؤكداً أنه «لا يمكن اعتبار حزب حركة النهضة حزباً مدنياً مكتملاً»، واتهمه بعدم الفصل النهائي بين الدعوي والسياسي، كما روجت لذلك بعد مؤتمرها الأخير.
وكانت جمعية الدعوة والإصلاح، التي يشرف عليها المنجي اللوز، القيادي بحركة النهضة، قد نظمت رحلة إلى مدينة زغوان، شارك فيها 600 مناصر من الجنسين ومن مختلف الأعمار، وأكد شهود عيان أنهم نفذوا عدداً من الأنشطة الثقافية والترفيهية.
وفي وقت سابق، منعت السلطات هذه الجمعية نفسها من إقامة أحد الأنشطة في سليانة (وسط تونس)، وأصدر والي (محافظ) الجهة قراراً برفض الترخيص للجمعية للقيام بهذا النشاط داخل حدود الولاية، لاعتراض عدد من مكونات المجتمع المدني، فتوجهت إلى زغوان ومارست أنشطتها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.