المغرب: تقرير حقوقي ينوه بشفافية محاكمة أحداث «أكديم إزيك»

TT

المغرب: تقرير حقوقي ينوه بشفافية محاكمة أحداث «أكديم إزيك»

خلص تقرير أنجزه مجلس حقوق الإنسان المغربي حول المحاكمة المتعلقة بأحداث أكديم إزيك في ضواحي العيون، كبرى مدن الصحراء المغربية، التي جرت أمام غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بالرباط - ملحقة سلا، ما بين 26 ديسمبر (كانون الأول) و19 يوليو (تموز) الماضيين، إلى أن المحاكمة تميزت بالشفافية، واستجابت لكل معايير المحاكمة المنصوص على شروطها في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وللصكوك الدولية الأخرى المتصلة باستقلال السلطة القضائية، ودور النيابة العامة ودور الدفاع وهيئات المحامين.
وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف في سلا، قد قضت في 19 يوليو (تموز) الماضي بأحكام تراوحت بين سنتين حبسا نافذا، والسجن المؤبد بحق الصحراويين الموالين لجبهة البوليساريو الانفصالية، بعد اتهامهم بقتل 11 من قوات الأمن المغاربة خلال أحداث مخيم أكديم إزيك التي عرفتها ضواحي مدينة العيون عام 2010.
وجرت المحاكمة بعدما قبلت محكمة النقض طلب الطعن الذي تقدم به دفاع المعتقلين الـ24 ضد الأحكام التي كانت قد أصدرتها المحكمة العسكرية لإعادة محاكمتهم مدنيا، وتراوحت تلك الأحكام ما بين المؤبد والسجن من 20 إلى 35 سنة.
وطوال أطوار المحاكمة كان المتهمون يصرون على تسييس قضيتهم، وكانوا يرددون بأنهم معتقلون سياسيون وقاطعوا جلسات المحاكمة التي تابعها مراقبون دوليون.
واستعرض التقرير، الذي قدمت مضامينه أمس بالرباط، مجموعة من الشروط التي استجابت لها المحكمة، من بينها طبيعة الهيئة التي نظرت في القضية وتشكيلتها، وضمانات استقلالها ونزاهتها، وعلنية المحاكمة وتوجيهاتها وحضوريتها، وشفافية مجرياتها، والتغطية الإعلامية لوقائعها، وتوفير الترجمة الفورية من وإلى عدة لغات، والتفعيل الواسع لإجراءات تحقيق الدعوى من خبرات طبية، واستدعاء شهود نفي وشهود إثبات ومحرري محاضر، وعرض أدوات اقتناع متنوعة والمتمثلة في أشرطة فيديو ومحجوزات، (سواطير وسكاكين) وأقراص مدمجة، ومحاضر التقاط مكالمات هاتفية، ومحاضر تنقلات إلى الخارج، وصور وإجراء مواجهات بين المتهمين والشهود.
كما أشار التقرير إلى أن المتهمين الذين ذهبوا إلى الجزائر قبل إنشاء المخيم بنحو عشرين يوما أكدوا أنهم شاركوا بالفعل في ندوة نظمت هناك حول حق الشعوب في المقاومة خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) 2010. كما تبين من المحاضر التي أدلت بها النيابة العامة، وبسطت تفاصيلها، أن بعض المتهمين زاروا الجزائر عدة مرات في إطار التنسيق مع جهات معادية للمغرب.
وأفاد التقرير بأن المحكمة وفرت وقتا كافيا وشروطا مناسبة لمختلف الأطراف، لبسط مواقفهم والدفاع عن أنفسهم ومراكزهم القانونية، وإثارة الدفوع والوسائل، وتقديم الملتمسات والطلبات. كما لفت التقرير إلى تخصيص حيز زمني متكافئ ومتناسب للمناقشة وللأطراف، حيث يوزع مجمل الحيز الزمني للمحاكمة على النحو التالي: 23 في المائة لدفاع المتهمين، و25.35 في المائة للمتهمين، و11.10 في المائة لدفاع الطرف المدني، و10 في المائة للنيابة العامة، و17.26 في المائة لشهود الإثبات والنفي، و10.3 في المائة‏ لعرض وسائل الإثبات دون الشهود، و1.25 في المائة للخبراء.
وخلص التقرير إلى أن المحاكمة تميزت بتهيئة الشروط القانونية والموضوعية للعلنية والشفافية، وبتوفير جميع الوسائل التي تمكن الجميع من متابعة المحاكمة، كما تميزت بالتصريحات التي يدلي بها الوكيل العام للملك (النائب العام) عقب كل جلسة، والمتضمنة لأهم مجرياتها والقرارات المتخذة خلالها، الشيء الذي يمكن الرأي العام من متابعة المحاكمة والاطلاع على تطوراتها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.