اللورد بلفور: لا اعتذار عن الإعلان... لكن القدس يجب أن تخضع لإشراف الأمم المتحدة

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه لم يُطبق بشكل صحيح وجرى تجاهل حقوق غير اليهود في فلسطين

اللورد رودريك بلفور (أ.ف.ب)
اللورد رودريك بلفور (أ.ف.ب)
TT

اللورد بلفور: لا اعتذار عن الإعلان... لكن القدس يجب أن تخضع لإشراف الأمم المتحدة

اللورد رودريك بلفور (أ.ف.ب)
اللورد رودريك بلفور (أ.ف.ب)

دافع اللورد رودريك بلفور عن «إعلان بلفور» الذي أصدره عمّ والده، اللورد آرثر عام 1917، وقال إنه لم يكن «وعداً» بأن بريطانيا ستقيم دولة لليهود في فلسطين، بل كان عبارة عن «رسالة» تعبّر عن «التضامن» مع آمال اليهود في إقامة وطن لهم، بشرط عدم المس بحقوق غير اليهود في «الأرض المقدسة» في فلسطين. وشدد على ضرورة النظر إلى «إعلان بلفور» من وجهة نظر تاريخية تأخذ في الاعتبار ظروف الحرب العالمية الأولى، حيث «دعم الأتراك الألمان... وخسروا». ورفض الدعوات إلى إصدار بريطانيا «اعتذاراً» عن «إعلان بلفور»، قائلا إن القدس يجب أن تكون «موقعاً تراثياً عالمياً» يخضع لإشراف الأمم المتحدة.
ورد اللورد رودريك بلفور، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بمناسبة ذكرى مئوية «إعلان بلفور» التي تصادف اليوم، على شكوى الفلسطينيين من أن الوعد كان مجحفا في حقهم بمنحه اليهود أرضهم، فقال: «أتفهم تماما المشاعر في العالم الحديث حيال الإعلان، ولكن إذا عدنا إلى عام 1917 كانت الإمبراطورية العثمانية تحكم غير اليهود واليهود في فلسطين حتى نهاية الحرب الأولى. إذن لم تكن هذه أرضهم (الفلسطينيين) حتى في ذلك الوقت. كما أنهم لم يكونوا يطلقون عليهم فلسطينيين آنذاك... أعتقد أنه كان يُطلق عليهم عرب... لذلك أعتقد أن جزءا كبيرا من الإشكالية الحالية هو نتيجة مفهوم حديث (لأمور تاريخية)». وتابع: «ما أريد أن أقوله إنه كانت هناك حرب في ذلك الجزء من العالم في تلك الحقبة. الأتراك ارتكبوا خطأ. ساندوا الألمان، أعداء الحلفاء لا سيما الإنجليز والفرنسيين، وخسروا الحرب. وهكذا بعد أن طردنا الإمبراطورية العثمانية صرنا الحكام الفعليين لتلك الأرض. لقد اعتقدنا دائما أننا جيدون في إدارة الأراضي التي نشرف عليها. والتاريخ يقول فعلا إننا كنا جيدين جدا في ذلك، ولكن بالطبع هناك من سيقول إننا كنا جيدين في استغلال الأراضي التي نحكمها. غير أن التقدير العادل يجب أن يقر بأننا جلبنا حكم القانون والديمقراطية إلى كل مكان استعمرناه».
وشرح اللورد بلفور أن «إعلان بلفور» جاء في ظرف تاريخي «كان اليهود يواجهون فيه الاضطهاد في أوروبا لا سيما في روسيا، ودفع ذلك باليهود إلى الاعتقاد بألا أحد يريدهم. العرب لم يشعروا بالمضايقات التي واجهها اليهود في أوروبا، رغم أن اليهود لم يفعلوا شيئا لإزعاج أحد. تعرضوا للاضطهاد لمجرد أنهم يهود».
وعندما قالت له «الشرق الأوسط» إن العرب لم يكونوا من اضطهد اليهود، أجاب أن «إعلان بلفور» صدر في حقبة كان فيها اليهود يتعرضون للاضطهاد، وهذا أمر أثار تعاطف بريطانيا. وشرح: «يجب أن تنظر إلى الخريطة والظروف في عام 1917. إعلان بلفور كان رسالة فيها مجرد تعبير عن نية، وليست وعداً. لم يكن فيها أي شيء آخر سوى القول إن الحكومة البريطانية تتعاطف مع القضية الصهيونية. مجرد تعاطف، وهذه ليست كلمة قوية. وقالت الرسالة إننا سنقوم بأفضل الجهد، لكنها لم تقل إننا سنقيم الأرض ونقعدها وإننا سنخلق وطنا لليهود... ما أريد قوله هو أنه في ذلك الوقت (كانت وجهة نظر بريطانيا) أن الأديان الإبراهيمية التي تعتبر القدس مدينة مقدسة يمكنها أن تعيش معا وبسعادة في أرض قليلة السكان وغير متطورة. لم يكن شيئا كبيرا أن تقول إنه في ضوء الاضطهاد الجاري ضد اليهود فإن الأرض المقدسة (في فلسطين) يمكن التشارك فيها مع الشعب اليهودي».
وتحدث عن انتقادات إسرائيل له لقوله إن «إعلان بلفور» لا يُطبق في شكل صحيح، لأنه يتجاهل النص الوارد فيه الذي يرفض المس بحقوق الأديان غير اليهودية في فلسطين. وقال: «لقد تم انتقادي في الأوساط اليهودية، ولم تتم دعوتي إلى الاحتفالات في القدس بذكرى الإعلان، لأنني قلت إن جزءا أساسيا من الرسالة لم يطبق. لقد تمت إساءة فهم الإعلان. بعد إبداء التعاطف والوعد ببذل أفضل الجهد، تقول الرسالة (إعلان بلفور) إن لا شيء يجب أن يحصل ويخل بالحقوق الدينية لغير اليهود في فلسطين. هذه هي الجملة الأقوى في كل الإعلان، ولا يتم احترامها».
وشرح: «أعتقد أن جميع اليهود الليبيراليين يوافقون على أن توسيع المستوطنات وتهجير الفلسطينيين خطأ من أوجه مختلفة، ليس أولها أن ذلك يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة. إسرائيل قامت إلى الوجود نتيجة مباركة الأمم المتحدة في عام 1947، ولذلك فإن هذا (الاستيطان والتهجير) مشكلة، ويجب إيجاد حل لها. كما أن هناك الانفجار السكاني الذي حصل لجهة الفلسطينيين على وجه الخصوص، ولكن أيضا في بعض أوساط اليهود المتشددين الذين لا ينتمون إلى طريقة تفكيري. كثيرون منهم يودون أن يتجاهلوا تلك الجملة في الإعلان (التي تمنع المس بحقوق غير اليهود). وهذا ليس تصرفا صحيحا (من بعض اليهود). ما أريد قوله هو أن الإعلان ككل لا يتم احترامه. ولا يمكن سوى أن تسوء الأمور أكثر، إلا إذا تم القيام بشيء إزاء هذا الأمر».
وشدد على ضرورة إطلاق «عملية إعادة تطوير اقتصادي» في الضفة الغربية وقطاع غزة، معتبرا أن «إسرائيل تمتعت بدعم من القوى الغربية، ولكن لا يمكن القول إن الفلسطينيين حظوا بالأمر نفسه من أصدقائهم العرب الطبيعيين. لم يتم دعمهم اقتصاديا، ولا أحد يريد استقبال اللاجئين منهم ويتم التعامل معهم كمواطنين درجة ثانية. الذين يؤمنون بألا يجب أن تكون المائة عام المقبلة مواصلة لما يحصل اليوم. يجب عليهم العمل من أجل إعادة احترام الفلسطيني لنفسه واعتماده على نفسه. هذا ضروري لأن إسرائيل في المقابل تعيش ازدهارا، فهي رائدة عالميا في مجالات مختلفة في العلم والطب والتكنولوجيا، بينما فلسطين هي العكس تماماً. هناك خلل كبير بين الطرفين، وآمل أن إحياء مناسبة ذكرى الإعلان ستركز الاهتمام من أجل ممارسة ضغط على الطرفين لكي يفتحا صفحة جديدة».
وعن المطالبة باعتذار بريطانيا عن «إعلان بلفور»، قال: «أعتقد أن هذا ما أسميه مراجعة كلية للتاريخ. إنها عودة إلى هدم النصب التذكارية لشخصيات (في إشارة إلى ما يحصل في الولايات المتحدة مع شخصيات جنوبية أيدت الرق). الإعلان (بلفور) صدر بالطريقة التي صدر فيها، وأعتقد أن الحكومة البريطانية لم يكن في إمكانها سوى أن تصدر هذا الإعلان في ضوء الاضطهاد الواسع لليهود. لا أعتقد أن العرب عانوا من اضطهاد مماثل عندما ذهبوا إلى أراضي أناس آخرين. انظر إلى بريطانيا، فنحن متقبلون جدا للإسلام أكثر من تقبلنا لليهود في ظل ارتفاع اللاسامية ضدهم».
وتابع: «لا أقول إن اليهود لديهم حق أكبر من العرب في الأراضي المقدسة (في فلسطين). القدس يجب أن تكون موقع تراث عالميا لمليارات البشر الذين يعتبرونها مهمة لإيمانهم. ويجب في الحقيقة أن تُحكم من خلال وحدة خاصة في الأمم المتحدة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».