بوتفليقة: على من يريد السلطة المرور عبر صندوق الاقتراع

الرئيس الجزائري يرد على مطالب المعارضة بعزله

TT

بوتفليقة: على من يريد السلطة المرور عبر صندوق الاقتراع

تدخل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لحسم جدل كبير يشد الطبقة السياسية والإعلام، يتعلق بمدى «نفوذ الجيش في الحكم المدني»، داعيا إلى «إبعاد الجيش من المزايدات السياسية»، وهو ما فهم منه أن المؤسسة العسكرية لن تكون لها الكلمة الفاصلة في اختيار رئيس للبلاد عام 2019.
وقال بوتفليقة في «رسالة إلى الشعب الجزائري»، بمناسبة مرور 63 سنة على ثورة الاستقلال (1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954)، إن «الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، يتولى بكل حزم مهمته الدستورية في حماية حدودنا من خطر الإرهاب الدولي والجريمة العابرة للأوطان»، مشددا على أهمية «الإبقاء على هذه الـمؤسسة الجمهورية في منأى عن المزايدات والطموحات السياسوية».
ولم يذكر الرئيس من هو، أو من هم المعنيون بإقحام الجيش حسبه في «مزايدات سياسية»، لكن يفهم من كلامه، حسب عدد من المراقبين، أنه يقصد وزير التجارة ومرشح انتخابات الرئاسة سابقا نور الدين بوكروح، الذي صرح لوسائل إعلام محلية بأن «جنرالات الجيش الذين جاءوا ببوتفليقة إلى الحكم عام 1999 يتحملون معه مسؤولية الفساد وسوء التسيير». كما يقصد بوتفليقة على الأرجح قطاعا من المعارضة دعا الجيش إلى المشاركة في مرحلة انتقالية، يسلم فيها الحكم إلى رئيس يختاره الشعب بكل ديمقراطية في انتخابات نزيهة.
وأضاف بوتفليقة بهذا الخصوص «لقد ولى عهد المراحل الانتقالية في الجزائر، التي ضحى فيها عشرات الآلاف من شهداء الواجب الوطني من أجل إنقاذ مؤسساتها السياسية، وبات الوصول إلى السلطة من الآن فصاعدا يتم عبر المواعيد الـمنصوص عليها في الدستور، ومن خلال سيادة الشعب، الذي يفوضها عن طريق الانتخاب على أساس البرامج الملموسة التي تعرض عليه»، مشيرا في ذات السياق إلى أن «عود الجمهورية اشتد بفضل مؤسساتها الدستورية المنتخبة، التي تتجدد استحقاقاتها كل خمس سنوات في إطار قواعد شفافة موصول تعهدها بالتحديث».
وحسب ملاحظين، يعكس حديث الرئيس في هذا الجانب ما يردده الموالون له باستمرار، وهو أنه «من يريد أن يصل إلى الرئاسة عليه أن يمر عبر صندوق الانتخاب». والمقصود هم أحزاب المعارضة التي تطالب بعزل الرئيس بحجة أنه عاجز عن أداء مهامه بسبب المرض، وبذلك فإن بوتفليقة يظهر وكأنه يريد أن يقول إنه عازم على إتمام ولايته الرابعة حتى 2019 موعد الانتخابات.
ورد بوتفليقة ضمنا على تقارير منظمات أجنبية انتقدت بشدة حرية التعبير وممارسة الديمقراطية في الجزائر، بقوله «لا جدال في أن الديمقراطية التعددية وحرية التعبير تشكلان اليوم واقعا ملموسا، بل إننا نغض الطرف في هدوء عن بعض التجاوزات وبعض المبالغات، إدراكا منا بأن الشعب يراقب ويدلي في كل مرة بحكمه بكل سيادة». ويقصد بـ«التجاوزات» هجومات استهدفته هو شخصيا. غير أن الحقيقة هي أن الكثير ممن انتقدوا سياساته جرت متابعتهم قضائيا وإدانتهم بالسجن. وأشهر مثال على ذلك إدانة الصحافي محمد تامالت بعامين سجنا بسبب قصيدة شعرية هاجم فيها الرئيس بشدة. وتوفي محمد في سجنه نهاية 2016 متأثرا بتبعات إضراب عن الطعام دام 3 أشهر.
كما تحدث بوتفليقة في رسالته عن فترة الصراع مع الإرهاب التي خلفت في تسعينيات القرن الماضي 150 ألف قتيل، مشيرا إلى أنه «ما عدا هذه الصفحة المؤلمة فقد اتسم مسارنا بكل تأكيد بإنجازات اقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية لافتة»، مبرزا أن «الجزائر التي أنهكتها سبع سنوات من الكفاح (ضد الاستعمار) أعيد بناؤها، وها هو شعبنا الذي حرم من نور العلم حقبة فاقت القرن يرسل كل يوم 11 مليونا من أبنائه إلى المدارس والثانويات والجامعات. وعوضت آلاف القرى التي دمرها المستعمر، منها ما يقارب 4 ملايين وحدة بنيت منذ بداية القرن الجديد، حيث تحصي بلادنا اليوم عشرات الآلاف من المؤسسات العمومية منها والخاصة وبالشراكة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.