اعتبر عبد المجيد مناصرة، زعيم «حركة مجتمع السلم»، التي تعد أبرز حزب معارض في الجزائر، أن الديمقراطية فقدت في البلاد، وأن مركز القرار سينتقل إلى الجيش إذا قرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لفترة خامسة في انتخابات عام 2019.
وذكر مناصرة في مقابلة مع «الشرق الأوسط» جرت بمكتبه بالعاصمة، أن الانتخابات البلدية والولائية المرتقبة في 23 من الشهر الجاري «لن تفرز مشهدا سياسيا جديدا لعدم وجود مؤشرات تفيد، بأن الإدارة المشرفة على الانتخابات، ستغير من سلوكها في تنظيم الاستحقاقات». وأوضح أن الجزائر «نظمت 5 انتخابات رئاسية و5 انتخابات برلمانية و5 استحقاقات بلدية، و4 استفتاءات، خلال 22 سنة الماضية، أي بمعدل انتخاب كل سنة، هذا يجعل الجزائر صاحبة خبرة كبيرة في مجال تنظيم الانتخابات، لكن هذه الخبرة أفرغت من محتواها، لأن الانتخاب في بلادي لم يعد آلية يحتكم إليه المواطن لتغيير أوضاعه».
وأكد مناصرة أن «الانتخاب عندنا أضحى في الغالب عملية لتثبيت ما هو موجود ولاستنساخ نفس المشهد. أصبحنا ننظم انتخابات لا تسمح بالتغيير، نحن في ديمقراطية لا تأتي بأي تغيير. والديمقراطية تفقد معناها عندما تنزع عنها مبدأ التداول، وهذا يدفعني إلى القول إننا في الجزائر عدنا إلى شعار الحزب الواحد سابقا، التغيير في إطار الاستمرارية، بمعنى آخر نحن نعيش أحادية في إطار الديمقراطية وهذا الوضع يطلق عليه المفكرون السياسيون الاستبداد الديمقراطي». وشدد على أن الحزب الذي يقوده «لن يستسلم لهذا الوضع السيئ وإنما يحتج عليه وينكره ويقاومه، ويسعى إلى تغييره عن طريق المشاركة في الانتخابات، بدل مقاطعتها». وبحسب مناصرة، اختارت حركة مجتمع السلم «النضال ضد الاستبداد والتزوير من خلال المشاركة في الانتخابات، ونحن على قناعة بأنا النصر سيكون حليفنا، ليس شرطا في الانتخابات المرتقبة بعد 3 أسابيع». وعن الأحزاب التي تدعو إلى مقاطعة الاستحقاق، بذريعة أنه «يخدم مشاريع النظام»، قال مناصرة الذي كان وزيرا للصناعة (1998 – 2003): «الذين جرَّبوا الغياب عن الاستحقاقات، انتهوا إلى المشاركة بعد أن اقتنعوا بأن المقاطعة لا تغير شيئا. أنا لا أقول إن انتخاباتنا يشوبها تزوير شامل، وإنما اعتقادي أن هامش حرية الاختيار فيها محدود، والمشهد العام لا يتغير والأغلبية لا تتغير بعد كل استحقاق، هذا ما يجعل ديمقراطيتنا محدودة، ما لا يعكس طموح الشعب الجزائري إلى التغيير. ولكن نحن اخترنا أن نتحرك ضمن هذا المتاح من أجل أن نصل إلى ديمقراطية حقيقية». وأضاف: «ناضلنا في وقت سابق ضد الأحادية فوصلنا إلى التعددية، واليوم نناضل للانتقال من الديمقراطية الشكلية لنصل إلى الديمقراطية الحقيقية. أما من اختار المقاطعة فنحترم موقفه، ولكننا نعتقد أنه بغيابه يشجع ممارسات التزوير، فيما نحن نشارك لنفضح، على الأقل، هذه الممارسات ونحرج مرتكبيها».
وحول سؤال يتعلق بانسحاب «مجتمع السلم» من الحكومة، عام 2012، على خلفية أحداث «الربيع العربي»، ومدى احتمال العودة إلى الطاقم التنفيذي، قال مناصرة: «المشاركة في الحكومة موقف يتخذ في وقته ووفق معطيات متاحة، يتغير بحسب الظروف. في كل الأحوال نحن نرى أن التكليف يأتي من الشعب، بمعنى أنه لو أعطانا الأغلبية فهو يريد منا أن نشكل الحكومة، وما دام لم يشرفنا بأغلبية أصواته سنبقى في المعارضة. وقد رأينا في الفترة الأخيرة أن وجودنا في الحكومة لا يخدمنا، بالمعطيات التي كانت متوفرة، وقد يتغير موقفنا بتغير المعطيات».
وتطرق مناصرة إلى الجدل الدائر في البلاد خصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2019 وموقف المؤسسة العسكرية منها. فقال: «إذا ترشح الرئيس لولاية خامسة، فلن يكون للجيش قرار مخالف، أما إذا عزف الرئيس عن الترشح فسينتقل مركز القرار إلى الجيش بدل الرئاسة».
وحول اتهام وزير الخارجية عبد القادر مساهل، للبنوك المغربية بـ«تبييض أموال المخدرات لاستثمارها في مشروعات بأفريقيا»، وكيف تلقى حزبه هذا التصريح الذي أثار حفيظة الرباط، قال مناصرة: «أنا رئيس حزب جزائري، وحتى لو كنا في المعارضة فنحن على توافق كبير مع حكومة بلادنا في مجال السياسة الخارجية. غير أن تصريحات مساهل الأخيرة لا تمت للأعراف الدبلوماسية بصلة، وليست من تقاليد حسن الجوار ولا تعكس سمعة الجزائر ولا يشرفها، وأعتقد أنه محل رفض واسع، والحقيقة أنني استغربته، وأظن أنه بعيد عن الصواب، لأنه ليس من الحكمة أن نحوّل أخطائنا إلى سياسة بواسطة العناد. صحيح أن هناك أزمة علاقات مع المغرب، ولكن هجوم مساهل على المغرب بتلك الطريقة لا يليق بدبلوماسيتنا».
يشار إلى أن مساهل أطلق تصريحاته النارية ضد المغرب، قبل أسبوعين، في إطار محاضرة ألقاها في اجتماع لتكتل أرباب العمل. واحتج المغرب بشدة، معلنا استدعاء سفيره بالجزائر. وذكر مساهل في نفس التصريح أن مصر «تقضي وقتها في البحث عن قروض لمواجهة مشاكلها»، وأن الاستثمار «غائب في تونس وليبيا بعكس الجزائر حيث الاستثمار الأجنبي منتعش». حول ذلك يقول مناصرة: «الوزير خاض في قضايا اقتصادية ليس ملما بها، والجميع يعرف أنه لا يفقه فيها. فالأرقام المرتبطة بحجم الاستثمارات في مصر وبقية البلدان متوفرة، وحجم الاستثمار الأجنبي في الجزائر ضعيف جدا والسبب يعود إلى البيروقراطية وتعقيدات قانون الاستثمار الذي ينفر المستثمرين. بعبارة أوضح، بيئة الاستثمار في الجزائر طاردة لرأس المال الأجنبي، وقد رافعنا في حزبنا ضد قاعدة 49-51 (أي استثمار أجنبي تشارك فيه الدولة الجزائرية بنسبة 51 في المائة)، لأنها لا يمكن أن تبني اقتصادا تنافسيا». وأضاف: «من العجائب أن الحكومة تشجع على استيراد السلع من الخارج، ولكن تفرض شروطا قاهرة على الاستثمار الأجنبي!!. هذا تناقض صارخ ووطنية مزيفة يدعيها بعض المسؤولين، الذين على عكس ما يزعمون، الاستثمار الجزائري الخاص محدود جدا. اليوم في واقعنا الاقتصادي، نحن عاجزون عن إنشاء طريق سيار بقدراتنا الذاتية، وعاجزون عن بناء مساكن بجودة عالية ولا نستطيع بناء سدود بمعايير عالية».
زعيم «حركة السلم»: الديمقراطية فقدت معناها في الجزائر
https://aawsat.com/home/article/1069876/%D8%B2%D8%B9%D9%8A%D9%85-%C2%AB%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%85%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%82%D8%AF%D8%AA-%D9%85%D8%B9%D9%86%D8%A7%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1
زعيم «حركة السلم»: الديمقراطية فقدت معناها في الجزائر
قال لـ«الشرق الأوسط» إن القرار سيعود للجيش إذا لم يترشح بوتفليقة لفترة خامسة
زعيم «حركة السلم»: الديمقراطية فقدت معناها في الجزائر
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة