لافروف: المؤتمر السوري ليس بديلاً عن مسار جنيف

صواريخ روسية من البحر المتوسط على دير الزور

TT

لافروف: المؤتمر السوري ليس بديلاً عن مسار جنيف

نجح المشاركون في الجولة السابعة من اجتماعات آستانة في ضم جنوب دمشق إلى مناطق «خفض تصعيد»، في وقت أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مؤتمر شعوب سوريا ليس بديلا عن جنيف، وأن الهدف منه توسيع المشاركة في التسوية السياسية، وطالب في شأن متصل الفرنسيين بتقديم توضيحات حول اقتراحهم بتشكيل لجنة اتصال دولية خاصة بالتسوية السورية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن قصف جديد على مواقع «داعش» في دير الزور، استخدمت فيه صواريخ كاليبر.
وقال يحيى العريضي، مستشار وفد قوى الثورة السورية إلى مفاوضات أستانة، إن «النقاش حول الوثيقة الخاصة بملف المعتقلين ستستمر»، وأكد: «حتى هذه اللحظة لا يوجد أي تقدم في هذا الشأن»، لافتاً إلى أن «الوفد الروسي يبذل جهوده في هذا الموضوع، إلا أن إيران تضع العراقيل». وأوضح أن «وفد المعارضة السورية المسلحة أتى إلى آستانة، واضعا ملف المعتقلين على رأس قائمة الأولويات، وكذلك الخروقات في مناطق خفض التصعيد، والمراقبة على نظام وقف إطلاق النار من جانب القوى التي تلعب روسيا دور الضامن لها، أي السلطات السورية والتشكيلات الإيرانية». وقالت وكالة «ريا نوفوستي» نقلا عن مصدر مشارك في مفاوضات «آستانة - 7»، إن المجتمعين لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق حول الوثيقة الخاصة بتبادل المعتقلين والمخطوفين، وقال المصدر: «لم يتم التوصل للاتفاق حول المعتقلين، لكن ستكون هناك فقرة حول هذا الملف في البيان الختامي».
في شأن متصل، أكدت الوكالة الروسية نقلا عن أكثر من مصدر أنه تم التوصل لاتفاق حول إقامة منطقة خفض تصعيد جديدة، خامسة، في جنوب دمشق. وقال مصدر مشارك في لقاء «آستانة - 7» إن الاتفاق بهذا الخصوص تم التوصل إليه مع قوى المعارضة المشاركة في اللقاء. وقال مصدر آخر إنه «تم التوصل إلى اتفاق مع المقاتلين خارج عملية آستانة، حول إقامة منطقة خفض تصعيد في جنوب دمشق» ولم توضح المصادر المناطق التي ستدخل ضمن المنطقة الجديدة. وكانت وسائل إعلام تحدثت عن مطالبة الفصائل في مناطق يلدا وببيلا ومناطق أخرى مجاورة، بضمها إلى اتفاق خفض التصعيد. وقال ألكسندر لافرينتيف، رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات آستانة، إن إقامة مناطق خفض التصعيد يخلق ظروفا مناسبة للانتقال إلى التسوية السورية للنزاع في سوريا.
ودافع لافروف عن مؤتمر شعوب سوريا، وقال إن «الدعوة لعقد مؤتمر شعوب سوريا أو مؤتمر الحوار الوطني، ترمي إلى القيام بالخطوة التالية في مجال توسيع دائرة السوريين الذين سيشاركون في عملية التسوية»، وأكد أن «هذا أمر يطالب به القرار الدولي 2254، الذي يشير إلى ضرورة ضمان طابع المشاركة الشاملة في المفاوضات بين الحكومة والمعارضة بكل أطيافها، وبين كل أطياف المجموعات السياسية والعرقية والطائفية في سوريا». وكان لافروف حريصا على التأكيد أن روسيا لا تعتبر طرح فكرة عقد مؤتمر شعوب سوريا طرحا منافساً لقرارات الأمم المتحدة، أو خارجا عن مسارها، وقال إن الفكرة «تستهدف تطبيق كل القرارات الأممية على أكمل وجه وبمنتهى النزاهة».
وما زالت المعارضة السورية متمسكة برفضها مؤتمر شعوب سوريا. وقال العريض في تصريحات صحافية أمس، إن وفد فصائل المعارضة السورية المسلحة المشارك في مفاوضات «آستانة» يرى في الدعوة لعقد المؤتمر انتهاكا لاتفاقات جنيف حول التسوية السورية، وأشار إلى أنه «تجري الدعوة لمؤتمر شعوب سوريا وكأن الوضع هادئ، وكأن شيئا في سوريا لم يحدث»، وأضاف أن «هذه الدعوة من حيث المبدأ، تشكل انتهاكا للقانون الدولي، ولاتفاقيات جنيف حول التدابير السياسية التي يتم اتخاذها حاليا للحل السياسي وعملية الانتقال السياسي». ولفت إلى أن «مفاوضات آستانة ظهرت أحيانا وكأنها تحيد عن درب الحل وتميل باتجاه إلغاء جنيف. ونرى أن الاقتراح بعقد مؤتمر شعوب سوريا يصب في الاتجاه ذاته (أي إلغاء جنيف) على الرغم من تغيير اسمه».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن قصف مواقع «داعش» في دير الزور، وقالت إن الغواصة «فيليكي نوفغورود» قامت من الأجزاء الشرقية من البحر الأبيض المتوسط، بإطلاق ثلاثة صواريخ من نوع «كاليبر» المجنحة على مواقع حساسة لتنظيم داعش في محافظة دير الزور، وتم نتيجة القصف تدمير مواقع قيادية، ومواقع محصنة يوجد فيها مقاتلون، وعربات مدرعة تابعة للتنظيم، فضلا عن مستودع كبير للسلاح والذخيرة في مدينة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور. وهذه هي المرة الرابعة خلال شهرين التي تقوم فيها الغواصة «فيليكي نوفغورود» بقصف على دير الزور بصواريخ «كاليبر».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.