غمراسن التونسية تحتفي بموروثها الثقافي في مهرجان «عرس الطبل»

شمل ندوات علمية حول الموسيقى وورشات توثيقية

جانب من العروض
جانب من العروض
TT

غمراسن التونسية تحتفي بموروثها الثقافي في مهرجان «عرس الطبل»

جانب من العروض
جانب من العروض

احتفت مدينة غمراسن التونسية بموروثها الثقافي والحضاري، وقدمت ألواناً من الإبداع الثقافي الشعبي خلال مهرجان «عرس الطبل» الذي انطلق أمس وينتهي اليوم 30 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تحت شعار: «عيشوا العرس.»
وانطلقت التظاهرة بعروض شعبية قدمتها فرق الفنون الشعبية بطبولها العريضة وأصواتها القوية المعلنة عن الفرح، وبألعاب الفروسية المميزة للجهة الواقعة على تخوم الصحراء التونسية، وتفنن الفرسان على وقع الطبول في إبراز مهاراتهم أمام المتفرجين. وكان الطبل مطية لاكتشاف خبايا هذه القرية الجبلية التي يسميها أهلها «عروس الجبل.»
وأعدت «جمعية صيانة التراث» بمدينة غمراسن التي تنظم هذا المهرجان، مجموعة من الورشات التوثيقية حول الموروث الشفوي بالجنوب التونسي، تؤمنها مجموعتا «أولاد الشيخ» للإنشاد الديني و«الإنشاد الديني بالجنوب الشرقي التونسي.»
وخلال اليوم الأول من المهرجان، انتظمت ندوة علمية موضوعها «الموسيقى المحلية والتنمية الثقافية» وقدمت خلالها ثلاث مداخلات: الأولى لمنصور بوليفة حول «الثقافة والخطاب التنموي: مقاربة تاريخية»، والثانية عنوانها «الموسيقى الشعبية والثقافة المحلية على تخوم الصحراء الأفريقية» قدمها الهاشمي حسين، ثم مداخلة ثالثة لمحمد المصمودي وتناولت «مميزات الشعر والرقص في تراث طوائف غبنتن».
كما تسجل الدورة الحالية افتتاح «قصر الفنون»، (قصر بوغالي الأثري)، الذي قدم عرضا مسرحيا بعنوان «الرمال المتحركة»، وهو عمل من إنتاج مركز الفنون الركحية والدرامية بالجهة، وعرضا كوريغرافيا بعنوان «عروق الرمل» لحافظ زليط، فضلا عن تقديم منوعة غنائية لمجموعة «أولاد الشيخ» للإنشاد الديني.
وفي معرض للصناعات التقليدية التي تشتهر بها الجهة، أقيمت ورشات حية في صناعة الفطائر؛ الأكلة التقليدية التي تشتهر بها المنطقة، إضافة إلى ورشات في صناعة الحلفاء والمرقوم، فضلا عن معرض فوتوغرافي للمصور الفوتوغرافي شكري السلامي بعنوان «حكايات ترسم ورسوم تحكي.»
وتشهد الدورة الحالية تنظيم مجموعة من الزيارات للوفود المشاركة؛ منها زيارة بعض القصور الصحراوية، مثل «قصر الحدادة» و«قصر بني غدير» و«قصر المرابطين» والقرية الجبلية بمنطقة قرماسة. واطلع زوار المدينة على مدى تقدم تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع حماية الرسوم الجدارية التي تعود إلى 6 آلاف سنة، وهي التي تؤرخ لمراحل تاريخية ضاربة في القدم.
وفي هذا الشأن، قال حبيب علجان، رئيس «جمعية صيانة التراث» بمدينة غمراسن، إن ولاية (محافظة) تطاوين، التي تقع فيها منطقة غمراسن، تقدم لزوارها كذلك آثار الديناصورات التي تعود إلى العصر الجوراسي منذ أكثر من 140 مليون سنة، وهو ما قد يكون محور تظاهرات ثقافية وعلمية مماثلة.



هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».