ربما لم يظهر نجم توتنهام والمنتخب الإنجليزي سوى في مشهد واحد خطير بلقاء فريقه الأخير ضد مانشستر يونايتد، إلا أن ما يقدمه ديلي ألي من مهارة طوال الموسم الحالي والسابق يؤكد أنه اللاعب الشامل الذي لا غنى عنه وأثبت ذلك في الدور الأكثر مركزية الذي اضطلع به أمام «ليفربول».
كانت هناك لحظة رائعة خلال مباراة «توتنهام هوتسبر» و«ليفربول» على استاد «ويمبلي»، والتي انتهت بفوز ساحق للأول بنتيجة 4 - 1، وأكثر ما يلفت الانتباه إليها أنها لم تتضمن تورط هاري كين في إصابة نفسه أو التهامه للحم البشر على نحو أشبه بـ«الزومبي» في خضم جهود دفاعية رديئة من جانبه، أو قيادة سون هونغ مين هجوماً مرتداً قوياً أو أي من الأمور التي استحوذت على الحيز الأكبر من اهتمام وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة.
منذ منتصف المباراة وعلى امتداد الشوط الثاني، صال لاعب ليفربول إيمري تشان وجال عبر وسط الملعب وتوافر أمامه متسع من الوقت لالتقاط الكرة وتمريرها. إلا أن ثمة أمراً لافتاً آخر حدث، فقد ضبط ديلي ألي في طرف الملعب محاولاً الحصول على قسط من الراحة. وأثناء عودته، مر إلى جوار الجانب الأيسر من جسد تشان ومد ساقه ودفع بالكرة بعيداً عن قدم لاعب ليفربول بدقة بالغة. وخلال الحركة ذاتها، دار ألي حول نفسه في دائرة كاملة وشرع في التحرك بالكرة بالاتجاه المعاكس.
ولم تثمر هذه الكرة الكثير، فقد كان توتنهام متقدماً في كل الأحوال بنتيجة 4 - 1، لكنها ظلت لحظة لافتة في خضم أسلوب لعب «الكرة الشاملة» في وسط الملعب. ورغم أنها ربما لم تثمر النتيجة التي قد يطمح إليها الجميع من لاعب قلب خط الوسط، فإنها كشفت عن مستوى متميز من القدرة البدنية والمهارة والثقة بالنفس الذي يقف على مشارف الغطرسة والغرور من جانب اللاعب.
وبمقدور بعض اللاعبين تحقيق مثل هذا الإنجاز. لدى مشاهدة لاعب كريكيت، مثلاً، أحيانا ما تصبح حدود حركته فجأة شديدة الضيق وتنقلب موازين المنافسة رأساً على عقب فقط بفضل مهارة وقوة أداء لاعب واحد فحسب. الواضح أن ألي لم ينجز مسيرته نحو تطوير أدائه بعد، فهو لا يزال يعمل على التوصل للسبيل الأمثل لاستغلال مهاراته الرائعة. إلا أنه عندما يشارك بمركز قلب خط الوسط - مثلما كان الحال عندما شارك للمرة الأولى في صفوف «توتنهام هوتسبر»، بينما نادراً ما شارك في هذا المركز في صفوف المنتخب الإنجليزي - فإنه من الصعب أن يغفل المرء الإشارات الواعدة التي تنبئ عن مستقبل واعد للاعب.
وقد يكون ذلك جزءً من الخطة الأوسع للمدرب ماوريسيو بوكتينيو - أو ربما لا، ففي كل الأحوال جاء الدور الأعمق الذي اضطلع به إلى أمام «ليفربول» نتاجاً لاحتياجات الفريق. كان بوكتينيو قد اختار التمسك بأسلوب اللعب السريع الذي يبدو أكثر ملائمة لمواجهة خصوم يعتمدون على الاستحواذ على الكرة وطبيعة أرض ملعب «ويمبلي». وفي إطار هذا الوضع، يبدو من المنطقي أن تتفوق سرعة سون على ألي. أما اللافت فهو أن هذا الدور الأعمق كشف مهارة ألي وقوة أدائه على نحو ترك في الغالب تأثيراً واضحاً داخل أرض الملعب.
في الواقع، نجح ألي في تقديم مباراة جيدة لدى عودته لصفوف الفريق. وقد سجل هدفاً رائعاً، ونجح في تغطية مساحات واسعة ولم يضن بالجهد خلال المباراة وجاءت تمريراته لزملائه جيدة. أما الأمر الأكثر لفتاً للانتباه فهو نجاح ألي في اعتراض الكرة لعدد أكبر من المرات واعتراض الخصوم ومناورتهم على نحو فاق أي لاعب خط وسط آخر داخل الملعب.
ولن يشكل ذلك مفاجأة كبيرة لجماهير «توتنهام هوتسبر»، ذلك أن ألي غالباً ما كان يتألق في وسط الملعب عندما انضم للفريق للمرة الأولى، خاصة في ظل أسلوب لعب 4 - 2 - 3 - 1 إلى جوار إريك داير أو موسى ديمبيلي. وكان من شأن الانتقال إلى أسلوب لعب 3 - 4 - 2 - 1 الدفع بألي نحو نقاط متقدمة من الملعب بانتظام، الأمر الذي حقق تأثيراً مذهلاً. جدير بالذكر أنه خلال الموسم الماضي، أحرز ألي عدداً مذهلاً من الأهداف، 22 هدفاً.
من جديد، ليس ثمة مفاجأة هنا، فألي في كل الأحوال لاعب رائع ويملك القدرة بصورة أساسية على الاضطلاع بأي مهمة داخل الملعب. ومثلما أوضح السعر الذي ناله بول بوغبا، فإنه في إطار كرة القدم الحديثة، فإن ثمة قيمة كبيرة ونادرة وراء اللاعب القادر على الاضطلاع بدور لاعب وسط الملعب الخالص - وهنا، يبدو ألي واعداً للغاية في بعض الأحيان.
من ناحية أخرى، فإن الكرة الإنجليزية لها تاريخ في دفع أفضل لاعبيها قدماً داخل الملعب، في خضم مساعٍ مستمرة لتحقيق تأثير ملموس أقوى. وفي هذا الشأن، ثمة مباراتان إنجليزيتان تقفزان إلى الذهن، وقد تميزتا بأحد أفضل مستويات الأداء الكروي وأكثرها إبهاراً على امتداد الأعوام الـ20 الأخيرة. في ميونيخ عام 2001، عندما فازت إنجلترا على ألمانيا بنتيجة 5 - 1، واضطلع ستيفين جيرارد خلال المباراة بدور مبهر كلاعب خط وسط يشارك في العمق على نحو قوي بجانب بول سكولز. إلا أن إنجلترا لم تقدم ثانية قط على بدء مباراة بمثل هذا الأسلوب في قلب وسط الملعب.
وفي مارس (آذار) العام الماضي، نجحت إنجلترا مجدداً في هزيمة ألمانيا، هذه المرة بنتيجة 3 - 2 في إطار مباراة ودية عقدت في برلين. وخلال المباراة، قدم ألي أداء مبهراً، وشارك كلاعب خط وسط يدخل إلى العمق بقوة. ومنذ ذلك الحين، لم يشارك في مركز لاعب خط الوسط في صفوف إنجلترا مرة أخرى. جدير بالذكر أن إنجلترا، بعد مباراة برلين بثلاثة أشهر، شاركت في بطولة «يورو 2016» ومنيت بفشل مروع، بسبب عوامل على رأسها افتقارها إلى لاعب بقلب خط الوسط من الطراز الرفيع قادر على تحفيز صفوف فريقه.
والمؤكد أن هذا الأمر يرتبط في جزء منه بغياب الثقة في موهبة ألي، والافتراض بأن ثمة حاجة إلى لاعب يملك مهارات دفاعية أكبر وطموحاً أقل في قلب وسط الملعب. وقد جرى الدفع بغيرارد في بعض الأحيان في دور لاعب قلب وسط الملعب، لكنه كان يسقط بعض الأوقات تحت وطأة مهام هذا الدور.
أما بوكتينيو، فلا يمكننا بأي حال اتهامه بالافتقار إلى الجرأة، ذلك أن الأدلة التي عايناها على أرض استاد «ويمبلي» تكشف أن ألي سيبقى قادراً على تسجيل أهداف من العمق، بل وقد يفضل الهجوم انطلاقاً من المساحة المتاحة أمامه، بدلاً عن أن يعطي ظهره إلى المرمى. في كل الأحوال، المؤكد أن ألي بدا قوياً. والواضح أن هذا الموسم الثالث لألي كعنصر في التشكيل الأساسي بالفريق الأول يحمل تحديات ليست بالهينة أمامه. وقبل مباراة ليفربول، لم يكن سجل أهدافا في الدوري الممتاز منذ نهاية أغسطس (آب) وعاون في تسجيل هدف واحد فقط هذا الموسم.
ديلي ألي... نجم توتنهام الشامل
https://aawsat.com/home/article/1067721/%D8%AF%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%A3%D9%84%D9%8A-%D9%86%D8%AC%D9%85-%D8%AA%D9%88%D8%AA%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84
ديلي ألي... نجم توتنهام الشامل
الدور الأكثر مركزية الذي بات يضطلع به يؤكد أنه لاعب لا غنى عنه
- لندن: بارني روني
- لندن: بارني روني
ديلي ألي... نجم توتنهام الشامل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة