التحالف الدولي يدخل معركة البوكمال... و«داعش» يهاجم قوات النظام السوري

اندلاع حريق في محطة وقود في ريف حلب أمس (أخبار سوريا)
اندلاع حريق في محطة وقود في ريف حلب أمس (أخبار سوريا)
TT

التحالف الدولي يدخل معركة البوكمال... و«داعش» يهاجم قوات النظام السوري

اندلاع حريق في محطة وقود في ريف حلب أمس (أخبار سوريا)
اندلاع حريق في محطة وقود في ريف حلب أمس (أخبار سوريا)

لا تزال قوات النظام السوري وحلفاؤها يدفعون باتجاه تقليص المساحة التي تفصلهم عن مدينة البوكمال، آخر معقل لتنظيم داعش في محافظة دير الزور، وإلى حد بعيد في سوريا، إلا أن الهجمات المعاكسة التي ينفذها عناصر التنظيم، والتي أدّت في الساعات الماضية إلى تراجع النظام على محوري المحطة الثانية «تي - تو» والعشارة، كما إعلان التحالف الدولي أخيراً وبصراحة أن المدينة هي هدف له، يعقدان مهمة القوات النظامية التي تكبدت خسائر كبيرة منذ إطلاق معركتها قبل نحو أسبوع.
واحتدم السباق بين النظام و«قوات سوريا الديمقراطية» إلى البوكمال في الأيام القليلة الماضية، مع إعلان ليلوى العبد الله، الناطقة الرسمية باسم حملة «عاصفة الجزيرة»، أن «قوات سوريا الديمقراطية» تصدت منتصف الأسبوع لهجومين شنهما، وبشكل متزامن، النظام و«داعش».
وأوضحت العبد الله لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات النظامية هاجمت بالأسلحة الثقيلة والدبابات (قسد)، غرب محطة القطار، بالتوازي مع هجوم شنه مرتزقة (داعش) من الجنوب والشرق»، وأضافت: «نحن لا نريد الصدام مع النظام، فمعركتنا الحالية هي بوجه (داعش)، لكن الاعتداء على قواتنا يعطينا الشرعية للرد والدفاع عن النفس، خصوصاً أن الهجوم الأخير الذي شنته القوات النظامية هو الرابع من نوعه منذ انطلاقة حملة عاصفة الجزيرة».
وترفض «قسد» الإفصاح عما إذا كانت تتحضر للتوجه إلى البوكمال، وتقول العبد الله في هذا المجال: «حسب المخطط الذي وضعته القيادة العامة، أينما وجد الإرهاب سنتجه، وأينما ناشدنا الأهالي سنلبي؛ لسنا معنيين بمنطقة معينة».
وأعلن المتحدث الرسمي باسم التحالف الدولي، رايان ديلون، مساء الجمعة، أن قوات التحالف تعد هجوماً على مدينة البوكمال، بمحافظة دير الزور في سوريا، التي توجد فيها أغلبية قادة تنظيم داعش. وأكد ديلون أن البوكمال هدف «بالتأكيد» للتحالف، لكنه أوضح أن القرار متروك لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مسألة شن هجوم بري.
وقال ديلون، في مؤتمر صحافي: «ينبغي أن نرسخ النجاحات التي حققتها (قوات سوريا الديمقراطية) بحقول العمر النفطية، بمحافظة دير الزور، ونواصل تطهير المناطق التي لا تزال تحت سيطرة (داعش). ومن ثم، الإعداد للهجوم على مدينة البوكمال، التي وفقاً لاعتقادنا توجد فيها أغلبية قادة (داعش)».
ووفقاً لديلون: «بعد تحرير الموصل في العراق، والرقة في سوريا، تبقى مدينة البوكمال، التي تقع على الضفة الغربية لنهر الفرات، أهم معقل للإرهابيين».
وقال المتحدث باسم التحالف إن «تنظيم داعش يعزز دفاعاته في منطقة على الحدود بين سوريا والعراق، تحسباً لهجوم من قبل القوات السورية والعراقية الساعية لطرد التنظيم من آخر معاقله»، وأضاف: «حالياً، نرى عملية تعزيز للدفاعات في كل من القائم والبوكمال».
وتبعد حالياً قوات النظام السوري عن البوكمال نحو 65 كلم من محور المحطة الثانية، فيما تبعد «قسد» عنها أقل من 50 كلم، بحسب رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ويستبعد الناشط في حملة «فرات بوست»، أحمد الرمضان، فرضية دخول «قسد» للبوكمال، باعتبار أنه «لا خط إمداد تعتمد عليه في المعركة، ما يجعل إمكانية أن تكون المدينة من حصتها أمراً مستبعداً».
ويشير الرمضان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه فيما يتعلق بموضوع إعلان التحالف عن وجود أغلبية قادة «داعش» في البوكمال، فلا شك أنها «الملاذ الأخير للتنظيم، إلا أن القيادات الكبيرة متخفية، ولا يمكن الحسم أبداً أنها في البوكمال. أما العناصر وقيادات الصف الثاني، فهي في المدينة وريفها».
وكان الرمضان قد رجح اعتماد التحالف على فصائل «الجيش الحر»، التي سبق له أن دربها، خصوصاً «جيش مغاوير الثورة» و«قوات أحمد العبدو» و«أسود الشرقية»، لاقتحام البوكمال، إلا أن المسؤول الإعلامي لـ«قوات أحمد العبدو»، سعيد سيف، نفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» نفياً قاطعاً أن تكون هذه الفصائل تستعد لمعركة البوكمال، وأضاف: «المشاركة بمعارك الشمال الشرقية تحتاج لإرادة دولية، وهي إرادة غير متوافرة حالياً».
وبثّ «الإعلام الحربي»، التابع لـ«حزب الله»، يوم أمس، مشاهد قال إنها لـ«طائرات مسيرة للجيش السوري والحلفاء تستهدف مقرات (داعش) عند الحدود السورية العراقية»، فيما أشار المرصد السوري إلى أن معركة البوكمال، التي دخلت يومها السابع على التوالي، تشهد قتالاً مستمراً ومعارك كر وفر، وهجمات معاكسة بين عناصر تنظيم داعش وقوات النظام وحلفائها، لافتاً إلى أن الطرف الثاني يعمد إلى تنفيذ هجمات عنيفة بغطاء من القصف المكثف، بغية الوصول إلى مدينة البوكمال، ويركز هجماته على محورين رئيسيين، وهما: محور المحطة الثانية في بادية البوكمال الجنوبية الغربية، ومحور القورية - العشارة في الضفاف الغربية لنهر الفرات.
أما «داعش»، فقد عمد خلال الساعات الماضية إلى تصعيد عملياته، منفذاً هجمات معاكسة تمكن خلالها من إجبار قوات النظام على التراجع في محور المحطة الثانية، كما تمكن من استعادة أجزاء من بلدة القورية الواقعة في الريف الغربي للبوكمال. وقد وثق المرصد مقتل 51 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، مقابل مقتل 69 عنصراً من «داعش»، منذ انطلاق معركة البوكمال منذ نحو أسبوع.
هذا وأفاد موقع «الفرات بوست» بمقتل المدعو محمود بدر السوادي، المعروف بـ«جسار»، رئيس قسم المعلوماتية في تنظيم داعش، فيما يسمى «ولاية الخير» (أغلب محافظة دير الزور وريفها)، نتيجة غارة جوية لطيران التحالف الدولي استهدفت سيارته في قرية جديد عكيدات. وبحسب الموقع المذكور، فإن «جسار» تسبب بـ«اختفاء عشرات الشباب من أبناء الريف الغربي شامية، إضافة لوجود شكوك كبيرة تدور حول علاقته باختفاء بعض عناصر الجيش الحر والقياديين، مثل الملازم المنشق عبد الوهاب الخلف، المعروف بلقب (ميماتي)».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.