جدل بالجزائر بعد تصريحات لأويحيى تشكك في معلومات قضائية

TT

جدل بالجزائر بعد تصريحات لأويحيى تشكك في معلومات قضائية

أثارت تصريحات لرئيس وزراء الجزائر، أحمد أويحيى، بخصوص «ظلم تعرض له» وزير الطاقة سابقا شكيب خليل، جدلا كبيرا في البلاد، فهي تشكك في نزاهة القضاء الذي أصدر عام 2013 مذكرة اعتقال دولية في حق خليل لتورطه في رشى وعمولات، أثناء إشرافه على قطاع البترول والنفط من 1999 إلى 2012.
وصرَح أويحيى للإذاعة الحكومية أول من أمس، أن «ظلما كبيرا لحق بالسيد خليل. أقولها صراحة مظالم كثيرة كان عرضة لها». ولم يوضح رئيس الوزراء من هي الجهة أو الشخص أو الأشخاص، الذين يقفون وراء «ظلم» الوزير الذي كان نافذا في البلاد. ومعنى كلام أويحيى أن تهم الفساد التي وجهتها النيابة لخليل، «ملفقة». وقد اتهم خليل بناء على تحقيقات أجرتها شرطة المخابرات العسكرية، في ممارسات فساد واستغلال الوظيفة والنفوذ بشركة «سوناطراك» للمحروقات المملوكة للدولة.
وسئل أويحيى أيضا عن منتخبين بالبلديات، ينتمون للحزب الذي يرأسه «التجمع الوطني الديمقراطي»، ومتابعتهم قضائيا بتهم تلقي رشى، فقال: «معلوماتي تقول: إن 200 منتخب من 6 آلاف يمثلون حزبنا بالمجالس الولائية والبلدية، تابعهم القضاء بتهم فساد، 50 فقط منهم أدانتهم المحاكم بأحكام تتراوح بين الغرامة المالية والسجن مع وقف التنفيذ».
وقال عبد الله حسايم قاض سابق بـ«مجلس الدولة» (أعلى مؤسسة في القضاء الإداري)، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حديث أويحيى عن تعسف بحق وزير الطاقة سابقا، يعني أن كل الإجراءات التي اتبعها القضاء والتي أفضت إلى اتهامه، ومتابعته بموجب مذكرة اعتقال دولية، باطلة. وهذا الكلام خطير للغاية يتوجب أن يرد عليه السيد أويحيى أمام القضاء». ولاحظ حسايم أن أويحيى كان رئيسا للوزراء عندما انطلقت تحقيقات المخابرات في قضية «سوناطراك»، عام 2011. وتساءل: «لماذا لم يتدخل أويحيى حينها لوقف إجراءات القضاء التي طالت خليل ومقرَبين منه، ما دام أنه كان يرى بأن المعني بريئا؟ ولماذا لم يصرح بذلك للصحافة؟».
يشار إلى أن تهم الفساد في هذه القضية، تطال أيضا زوجة خليل ونجليه وشخصا يدعى فريد بجاوي، ابن شقيق وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي، الذي توسط في دفع الرشى والعمولات التي تبلغ قيمتها نحو 200 مليون دولار، بحسب النائب العام الجزائري سابقا، بلقاسم زغماتي. وحدثت الوقائع ما بين 2010 و2012 بحسب القضاء الإيطالي، الذي وجه نفس التهمة لمسؤولين بالشركة الإيطالية التي رست عليها صفقات «سوناطراك» بإيعاز من خليل. ووصلت قيمة هذه الصفقات 8 ملايين يورو.
والشائع أن الرئيس بوتفليقة غضب غضبا شديدا، لما بلغه وهو في رحلة علاج بباريس (ربيع 2013)، بأن تحقيقا في قضايا فساد بـ«سوناطراك» أجرته مصلحة الشرطة القضائية التابعة للمخابرات، أفضى إلى اتهام خليل. فوزير الطاقة السابق صديق طفولة بوتفليقة، وولدا في مكان واحد هو وجدة بالمغرب. وبوتفليقة هو من أصَر على إحضار خليل من البنك العالمي، حيث كان يشتغل عام 1999 لما تسلم بوتفليقة الحكم. وأول قرار اتخذه الرئيس لما عاد من سفرية العلاج، كان حلَ الشرطة القضائية للمخابرات وتنحية وزير العدل. وفي 13 سبتمبر (أيلول) 2015 عزل مدير المخابرات بعدما جرَده من أهم الصلاحيات خلال العامين الماضيين.
وكان خليل بالولايات المتحدة عندما صدرت الاتهامات ضده، وعاد عام 2016 إلى البلاد من مطار وهران (غرب). وقد استقبله والي وهران، وهو ممثل الحكومة على المستوى المحلي، وكان ذلك مؤشرا قويا على تبييض صورته وتبرئته من التهمة ولكن من دون الإعلان رسميا عن إلغاء مذكرة الاعتقال، التي بلغتها السلطات للشرطة الدولية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.