روسيا: تقرير خان شيخون به تناقضات واضحة

«هيومن رايتس ووتش» دعت لفرض عقوبات على نظام الأسد

طفل سوري يتلقى العلاج بعد الهجوم بغاز السارين على بلدة خان شيخون (إ.ب.أ)
طفل سوري يتلقى العلاج بعد الهجوم بغاز السارين على بلدة خان شيخون (إ.ب.أ)
TT

روسيا: تقرير خان شيخون به تناقضات واضحة

طفل سوري يتلقى العلاج بعد الهجوم بغاز السارين على بلدة خان شيخون (إ.ب.أ)
طفل سوري يتلقى العلاج بعد الهجوم بغاز السارين على بلدة خان شيخون (إ.ب.أ)

اعتبرت وزارة الخارجية الروسية اليوم (الجمعة) أن تقرير الأمم المتحدة الذي حمّل النظام السوري مسؤولية الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة خان شيخون قبل أشهر، يتضمن «عناصر متضاربة» كثيرة و«شهادات مشكوكاً بصحتها».
وقال مساعد وزير الخارجية سيرغي ريابكوف لوكالة أنباء «إنترفاكس» إن قراءة هذا التقرير تثبت وجود «العديد من التناقضات وعناصر متضاربة واضحة واستخدام شهادات مشكوك بصحتها وأدلة غير مؤكدة».
وأضاف: «خلافا لمحاورينا الذين يستخدمون هذا التقرير سلاحاً لتحقيق أهدافهم الجيوسياسية الخاصة في سوريا، قمنا بدراسة مضمون الوثيقة بهدوء ومهنية»، موضحاً أن روسيا حليفة النظام السوري، ستقوم بـ«تحليل» كامل في وقت لاحق.
وأكد تقرير للجنة تحقيقٍ تابعة للأمم المتحدة أمس (الخميس) مسؤولية النظام السوري عن الهجوم بغاز السارين الذي استهدف في الرابع من أبريل (نيسان) مدينة خان شيخون في شمال غربي سوريا، موقعا 87 قتيلاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ونفذت الولايات المتحدة بعد الهجوم ضربة عسكرية كانت الأولى ضد النظام منذ بدء النزاع السوري قبل ست سنوات، فأطلقت 59 صاروخاً عابراً من طراز توماهوك من بارجتين أميركيتين في البحر المتوسط، في اتجاه قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية السورية (وسط). ومن هذه القاعدة، انطلق، بحسب واشنطن الهجوم الكيميائي على خان شيخون.
وجاء في التقرير أن لجنة التحقيق «واثقة من أنّ الجمهورية العربية السورية مسؤولة عن إطلاق (غاز) السارين على خان شيخون».
إلى ذلك، دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس (الجمعة)، إلى فرض عقوبات على النظام السوري بعد تقرير يحمله مسؤولية هجوم خان شيخون الكيماوي.
وقالت المنظمة، ومقرها نيويورك، في بيان: «على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك سريعاً لضمان المحاسبة عبر فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولة عن الهجمات الكيميائية في سوريا».
وقال نائب مدير الطوارئ في «هيومن رايتس ووتش» أولي سولفاغ إن نتائج التحقيق «تنهي التضليل والنظريات الخاطئة التي روجت لها الحكومة السورية».
وأضاف أن «استخدام سوريا المتكرر للأسلحة الكيميائية يشكل خطراً جدياً على الحظر الدولي على استخدام الأسلحة الكيميائية»، مشدداً على أن «لدى الدول كافة مصلحة في بعث رسالة قوية مفادها بأنه لا يمكن تحمل هذه الفظاعات».
وينفي النظام السوري باستمرار أي استخدام للأسلحة الكيميائية، مؤكدة أنها فككت ترسانتها في العام 2013، بموجب اتفاق روسي أميركي أعقب هجوماً بغاز السارين على منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق وتسبب بمقتل المئات، ووجهت أصابع الاتهام فيه إلى النظام.
من جهة أخرى، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين الجمعة إن الوضع الإنساني في الضواحي المحاصرة شرقي دمشق صادم، وإن على أطراف الصراع أن تسمح بدخول المواد الغذائية والأدوية إلى ما لا يقل عن 350 ألف سوري محاصر.
وقال الأمير زيد في بيان: «الصور الصادمة التي ظهرت في الأيام الأخيرة لأطفال يبدو أنهم يعانون سوء تغذية بالغاً مؤشراً مخيفاً على محنة سكان الغوطة الشرقية الذين يواجهون الآن حالة طوارئ إنسانية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.