«المركزي الأوروبي» يكتب السطر الأول لنهاية حقبة «السياسات الفضفاضة»

توقعات بالاستمرار في البرنامج التدريجي المفتوح لما بعد سبتمبر

TT

«المركزي الأوروبي» يكتب السطر الأول لنهاية حقبة «السياسات الفضفاضة»

أعلن البنك المركزي الأوروبي، أمس، قراره بتقليص مشترياته الشهرية الضخمة من سندات منطقة اليورو، في أكبر خطوة يتخذها البنك حتى الآن باتجاه إنهاء سياسات التحفيز الاقتصادي للمنطقة المستمرة منذ سنوات، موضحاً أنه سيمدد فترة برنامج شراء السندات «تحوطاً من المخاطر».
وقلص البنك مشتريات السندات للنصف، لتصل إلى 30 مليار يورو شهرياً، اعتباراً من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولمدة 9 أشهر، مستشهداً بالتعافي الاقتصادي الذي دخل عامه الخامس حالياً، ومواكباً نظرائه، مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) وبنك إنجلترا المركزي، مع استعداد البنكين أيضاً لتشديد السياسة النقدية.
وخلال المؤتمر الصحافي، عقب اجتماع مجلس المركزي الأوروبي، أمس، كان ماريو دراغي، رئيس المركزي الأوروبي، «حذراً» في تصريحاته، حيث توقع الحفاظ على سياسة نقدية فضفاضة لبعض الوقت، على الرغم من الانتعاش الاقتصادي، موضحاً أنه على الرغم من تقليص برنامج التيسير الكمي إلى النصف مع مطلع العام المقبل، فإن البنك يسعى إلى «خفض تدريجي»، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يستمر في شراء السندات حتى بعد سبتمبر 2018.
وأكد دراغي أن برنامج التيسير الكمي «ذو نهاية مفتوحة»، ولن يتوقف فجأة، وأعربت الغالبية العظمى من مجلس الإدارة عن تفضيلها لإبقائه «مفتوحاً»، تحسباً للاحتمالات كافة، مشيراً إلى أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين، لذلك كان من الحكمة اتخاذ هذا القرار.
وعلى الرغم من أن المركزي الأوروبي أخذ «خطوة فعلية» نحو إنهاء موقفه النقدي الفضفاض، فإنه لا يزال بعيداً عن الهدف حتى الآن. وكان واضحاً على دراغي كثير من التفاؤل في أثناء المؤتمر الصحافي بشأن الانتعاش الاقتصادي، وأشار «مرتين» إلى خلق 7 ملايين وظيفة خلال السنوات الأربع الماضية.
وأعلن دراغي أن أحدث البيانات تشير إلى زخم النمو في النصف الثاني من العام الحالي، وأن مجلس المركزي الأوروبي انعقد في «مناخ إيجابي»، لكن البنك المركزي الأوروبي لا يزال يري أن الضغوط التضخمية «خاملة»، ولهذا يعتزم المحافظة على ضخ اليورو في الاقتصاد من خلال مخطط شراء الأصول.
وحول المشكلات الجيوسياسية، قال دراغي إنه لا يزال يراقب التطورات في كاتالونيا عن كثب، وتابع: «من الصعب التعليق على التطورات التي تتغير كل يوم، إننا نتابع ما يحدث، ولا يمكن استنتاج أنه سيكون هناك عدم استقرار سابق لأوانه».
ورغم الاتجاه إلى إنهاء سياسة التيسير، فإن البنك أبقى على الفائدة الرئيسية في منطقة اليورو عند مستوى صفر في المائة. وستضطر البنوك لدفع فائدة عقابية (فائدة سلبية) قيمتها 0.4 في المائة على الأموال التي تحتفظ بها لدى المركزي.
ويتوقع خبراء الاقتصاد ألا يرفع المركزي الأوروبي الفائدة الرئيسية قبل عام 2019. وبخفض سعر فائدة الإيداع إلى أقل من صفر في المائة، يأمل المركزي في تشجيع البنوك والمؤسسات المالية على ضخ أموالها في الأسواق، بدلاً من الاحتفاظ بها لدى البنك المركزي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة السيولة، وما يتبع ذلك من زيادة الاستثمارات وانتعاش الاقتصاد في دول أوروبا.
وخلال الأشهر الماضية، ألمح دراغي مراراً إلى أن المركزي الأوروبي يبقى مستعداً دائماً للتحرك مجدداً، بعد حزمة الإجراءات التي أطلقها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بهدف تعزيز الاقتصاد. كما يحاول البنك من خلال إجراءاته زيادة معدل التضخم في منطقة اليورو، والوصول به إلى مستوى 2 في المائة.
ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات المركزي الأوروبي، أمس، أن الشركات والعائلات في منطقة اليورو اقترضت مبالغ أكبر في سبتمبر، ما يؤشر إلى أن سياسة الائتمانات الميسرة للبنك تنعكس على الاقتصاد الفعلي.
وسجل إقراض القطاع الخاص الشهر الماضي ارتفاعاً بنسبة 2.7 في المائة على أساس سنوي، وهو أعلى بشكل طفيف من مستوى 2.6 في المائة، المحقق في أغسطس (آب) الماضي. ويعد نمو الإقراض مؤشراً مهماً لمعرفة فعالية الإجراءات التحفيزية غير التقليدية للبنك التي تهدف لتعزيز النمو بائتمانات ميسرة.
وبالنظر بالتفصيل إلى الأرقام، ارتفعت أيضاً نسبة الإقراض للعائلات بنسبة 2.7 في المائة في الشهر الماضي، في وتيرة مشابهة لشهر أغسطس. كما ارتفعت نسبة اقتراض الشركات غير المالية من 2.4 في المائة في أغسطس إلى 2.5 في المائة في سبتمبر.
وأيضاً، قال المركزي الأوروبي، أمس، إن إجمالي الكتلة النقدية في منطقة اليورو، المعروفة بـ«إم - 3»، زادت بنسبة 5.1 في المائة في سبتمبر، مقارنة بنسبة 5 في المائة في أغسطس. ويعتبر البنك المركزي الأوروبي الكتلة النقدية «إم - 3» مؤشراً لتضخم مستقبلي. وذلك في وقت بلغ فيه معدل التضخم في منطقة اليورو 1.5 في المائة في سبتمبر، وهو مستوى أدنى بكثير من الهدف الذي حدده المركزي الأوروبي، عن حدود تقترب من 2 في المائة.



مسؤولتان في «الفيدرالي»: معركة التضخم لم تنته بعد

دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)
دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)
TT

مسؤولتان في «الفيدرالي»: معركة التضخم لم تنته بعد

دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)
دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)

قالت اثنتان من صانعي السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» إنهما يشعران بأن مهمة البنك المركزي الأميركي في ترويض التضخم لم تنتهِ بعد، لكنهما أشارا أيضاً إلى أنهما لا يريدان المخاطرة بإلحاق الضرر بسوق العمل أثناء محاولتهما إنهاء هذه المهمة.

وتسلِّط هذه التصريحات الصادرة عن محافِظة البنك المركزي الأميركي، أدريانا كوغلر، ورئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، الضوء على عملية الموازنة الدقيقة التي يواجهها محافظو المصارف المركزية الأميركية، هذا العام، وهم يتطلعون إلى إبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة؛ فقد خفَّض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة قصيرة الأجل بمقدار نقطة مئوية كاملة، العام الماضي، إلى النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.25 في المائة و4.50 في المائة.

وانخفض التضخم، حسب المقياس المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، بشكل جيد من ذروته في منتصف عام 2022 عند نحو 7 في المائة، مسجلاً 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). ومع ذلك، لا يزال هذا أعلى من هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة. وفي ديسمبر (كانون الأول)، توقع صانعو السياسة تقدماً أبطأ نحو هذا الهدف مما توقعوه سابقاً.

وقال كوغلر في المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو: «ندرك تماماً أننا لم نصل إلى هناك بعد... وفي الوقت نفسه، نريد أن يبقى معدل البطالة كما هو، وألا يرتفع بسرعة».

في نوفمبر، كان معدل البطالة 4.2 في المائة، وهو ما يتفق في رأيها ورأي زميلتها دالي مع الحد الأقصى للتوظيف، وهو الهدف الثاني لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، إلى جانب هدف استقرار الأسعار.

وقالت دالي، التي كانت تتحدث في الجلسة إياها: «في هذه المرحلة، لا أريد أن أرى المزيد من التباطؤ في سوق العمل. ربما يتحرك تدريجياً في نتوءات وكتل في شهر معين، ولكن بالتأكيد ليس تباطؤاً إضافياً في سوق العمل».

لم يُسأل صانعو السياسات، ولم يتطوعوا بإبداء آرائهم حول التأثير المحتمل للسياسات الاقتصادية للرئيس القادم، دونالد ترمب، بما في ذلك الرسوم الجمركية والتخفيضات الضريبية، التي تكهَّن البعض بأنها قد تغذي النمو وتعيد إشعال التضخم.