بغداد تتجاهل مبادرة أربيل... و«الحشد» يرفضها

الجيش يؤكد استمرار عملياته العسكرية

TT

بغداد تتجاهل مبادرة أربيل... و«الحشد» يرفضها

عرضت حكومة إقليم كردستان العراق، أمس، تجميد نتائج الاستفتاء على استقلال الإقليم، في تعزيز للجهود الرامية لحل الأزمة مع بغداد عبر الحوار. لكن بغداد تجاهلت العرض، فلم تصدر رداً رسمياً عليه، فيما رفضته قوى شيعية.
وقالت حكومة كردستان في بيان إن «القتال بين الطرفين لا يفرض انتصار أي طرف، بل يقود البلد إلى دمار شامل وفي جميع جوانب الحياة». وأضافت: «لذا ومن موقع المسؤولية ‌تجاه شعب كردستان والعراق، نعرض ما يلي على الحكومة‌ والرأي العام العراقي والعالمي: وقف إطلاق النار فوراً ووقف جميع العمليات العسكرية في إقليم كردستان، وتجميد نتائج عملية الاستفتاء التي أجريت في كردستان العراق، والبدء بحوار مفتوح بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية على أساس الدستور العراقي».
وغيّرت الحكومة العراقية ميزان القوى في شمال البلاد منذ أن شنت حملتها الأسبوع الماضي على المناطق المتنازع عليها واستعادتها من الأكراد. وفي تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي يوحي باستمرار الحملة، قال متحدث باسم الجيش إن «العمل العسكري ليست له علاقة بالسياسة».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قال إن حكومة إقليم كردستان يجب أن تلغي نتيجة التصويت شرطا لإجراء محادثات. وطالبه نواب الكتل الشيعية، أمس، بالتمسك بموقفه. ويترقب كثيرون الخطوة التالية التي ستعلنها حكومة العبادي.
وتميل أغلب التكهنات في بغداد إلى تمسك العبادي بمطالبته السابقة بـ«إلغاء» الاستفتاء ونتائجه وليس «تجميده». وتعزز هذه القناعة عدم إشارة العبادي إلى المبادرة الكردية الأخيرة أثناء زيارته إلى تركيا أمس، إذ قال إننا «ماضون ببسط السلطة الاتحادية، ومن واجبي حفظ وحدة العراق وسيادته وحماية ثروته».
ورفض النائب جاسم محمد جعفر عن «حزب الدعوة» الذي ينتمي إليه العبادي مبادرة إقليم كردستان الجديدة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الوزراء رفض التجميد في وقت سابق وطالب بالإلغاء». واعتبر أن «التجميد نوع من التحايل ومعناه ضمناً الاعتراف بالاستفتاء». ورأى أن «تجميد الاستفتاء لعبة كلمات وتحايل من حكومة الإقليم ورئيسها. عليهم الاعتراف بالخسارة وإعلان بطلان الاستفتاء ونتائجه والرضوخ لمبادئ الدستور».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي قوله إن «مبادرة كردستان لا قيمة لها... التجميد يعني الاعتراف بالاستفتاء، وطلب الحكومة واضح، وهو إلغاء الاستفتاء».
وأعلنت حركة «الصادقون» التابعة لـ«عصائب أهل الحق» المنضوية في «الحشد»، أمس، رفضها القاطع ما سمته «المشروع الانفصالي» الذي يقوده رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، معتبرة أن «تجميد الاستفتاء اعتراف ضمني به». وقال الناطق الرسمي باسم الحركة ليث العذاري في بيان: «نعلن رفضنا القاطع لبوادر الالتفاف التي يحاول البعض القيام بها لتمرير مؤامرة التقسيم، ومنح الفرصة للمشروع الانفصالي الذي يقوده مسعود بارزاني من خلال الحديث عن تجميد الاستفتاء». وأضاف العذاري: «نحن نرى أن موضوع تجميد الاستفتاء محاولة لذر الرماد في العيون واعتراف ضمني بعملية الاستفتاء المخالفة للقانون والدستور العراقي»، مؤكداً ضرورة «التصدي لمخاطر التجميد عبر إلغاء الاستفتاء وعدم الاعتراف به بأي شكل من الأشكال».
ويظهر من مجموع المواقف والإجراءات التي تطالب بها القوى السياسية الشيعية وتقوم بها، أن الأخيرة مصممة على الحصول على أقصى قدر من المكاسب والتنازلات من الجانب الكردي في ظل «ضعفه وأزمته الحالية الناجمة عن موضوع الاستفتاء». ويرى مراقبون أن «القوى الشيعية تسعى إلى تصليح ما تعتبرها تنازلات سابقة مقدمة للكرد أضرت بالعراق ومنها المادة 140 في الدستور التي تعالج قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها».
كذلك تسعى القوى الشيعية إلى الرد بقوة على ما تعتبره «تجاوزات كردية» حصلت مؤخراً في كركوك ومنطقة مخمور ضد القوات الاتحادية. واتهمت بعض الجهات قوات البيشمركة بـ«الخيانة». وفي هذا الاتجاه طالبت «كتلة الفضيلة» النيابية، أمس، قيادة الإقليم بتسليم عناصر البيشمركة الذين أسروا عناصر من القوات الاتحادية في سيطرة مخمور.
وطالب بيان صادر عن رئيس الكتلة عمار طعمة الحكومة الاتحادية بـ«ملاحقة المجموعة الإجرامية من عناصر البيشمركة الذين ارتكبوا جريمة بشعة ودنيئة بالهجوم غدراً على سيطرة تابعة للجيش العراقي في مخمور وقتلهم عدداً من الجنود مكراً وغيلة وتقديم أولئك القتلة للقضاء لينالوا القصاص العادل». وأضاف: «نذكر قيادة كردستان السياسية بأن هذه الأفعال العدوانية الغادرة والمتمردة على الدستور والقوانين ستزيد من عزلتكم الداخلية والخارجية وتفضح منهجكم الاستبدادي وتعجّل بنهاية مخزية لكم».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.