موسكو تؤكد التنسيق مع أنقرة في عملية إدلب

إدانات دولية لـ«فيتو» روسيا حول آلية التحقيق بـ«الكيماوي»

TT

موسكو تؤكد التنسيق مع أنقرة في عملية إدلب

بعد صمت استمر نحو عشرة أيام، أكد الكرملين أن تركيا تنسق عملياتها في سوريا مع روسيا، في إطار التنسيق مع الدول الضامنة لاتفاق آستانة الذي يضم تركيا وروسيا وإيران.
وكان ديمتري بيسكوف المتحدث الصحافي باسم الكرملين علق أمس على الأنباء التي تحدثت عن تنسيق بين القوات التركية و«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) في إدلب. وأشار بهذا الخصوص إلى أن «الجانب التركي يتحمل المسؤولية في ضمان أمن منطقة خفض التصعيد في إدلب»، داعيا الصحافيين للتوجه بأسئلتهم إلى وزارة الدفاع الروسية للحصول على معلومات أكثر وتفاصيل أدق، لكنه أكد في الوقت ذاته تنسيق أنقرة عملياتها في إدلب بما في ذلك مع الجانب الروسي، وقال إن «جميع الدول المشاركة في اتفاق آستانة تنسق عملياتها فيما بينها بخصوص إقامة مناطق خفض التصعيد».
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن العملية العسكرية التي بدأتها القوات التركية وقوات المعارضة السورية في محافظة إدلب على وشك أن تنتهي.. وكان النظام السوري طالب تركيا منذ بدء تلك العملية بسحب قواتها فوراً من الأراضي السورية، وقال مصدر في الخارجية إن تلك العملية بصلة إلى اتفاق إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، ووصف العملية «عدوان سافر» على الأراضي السورية.
غير أن موسكو حليفة النظام السوري التزمت الصمت حول العملية التركية في إدلب طيلة الفترة الماضية ولم يصدر عنها أي تعليق بهذا الخصوص، بينما تحدثت مصادر من موسكو وأكدت أن «عملية إدلب تجري في إطار تنسيق ضمن اتفاق آستانة حول مناطق خفض التصعيد». وتشكل تصريحات بيسكوف يوم أمس أول إقراراً رسمياً روسياً بتنسيق بين موسكو وأنقرة في هذا الشأن.
في غضون ذلك، توالت أمس الإدانات الدولية لاستخدام روسيا حق النقض (فيتو) ضد قرار التمديد لآلية التحقيق المشتركة في الهجمات باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وحاولت موسكو تبرير موقفها محملة الجانب الأميركي المسؤولية لأنه طرح مشروع القرار قبل الاستماع إلى تقرير اللجنة المتوقع يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول)، وأن عمل اللجنة ينتهي الشهر المقبل، وما زال هناك متسع من الوقت للتصويت، في وقت عبرت فرنسا أمس عن أسفها الشديد لهذا القرار الروسي.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الألمانية إن عدم التمديد يمثل إشارة للمذنبين في الهجمات بالسلاح الكيماوي حول إمكانية تفادي العقاب، وعبرت في بيان رسمي عن دهشتها لفشل أعضاء مجلس الأمن الدولي في الاتفاق على تمديد عمل الآلية المشتركة للتحقيق بالهجمات الكيماوية. وأضافت: «إن أولئك الذين صوتوا ضد مشروع القرار يتحملون كامل المسؤولية. ووصفت الفشل في التصويت نتيجة الفيتو الروسي»، إشارة مدمرة حول عدم معاقبة أولئك الذين يتحملون المسؤولية عن الهجمات الكيماوية في سوريا»، وأكدت الخارجية أن برلين ستواصل بذل جهودها لتحديد المجرمين ومحاسبتهم.
وفي بريطانيا، عبر وزير الخارجية بوريس جونسون عن خيبة أمله من الموقف الروسي واستخدام الفيتو ضد مشروع القرار. وقال إن «الفيتو الروسي يعني أنه يوجد لدى النظام السوري ما يخفيه، والفيتو يخلق مخاطر بأن قوات النظام السوري و(داعش) قد يتجنبان العقاب عن تلك الجرائم الشنيعة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».