جعجع يلوّح باستقالة وزرائه... و«الوطني الحر» يستبعدها

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ما يتم تداوله منذ أيام عن إمكانية تقديم الوزراء المحسوبين على حزبه، استقالتهم من مجلس الوزراء، احتجاجاً على الأداء الحكومي، وخصوصاً في ملف التعيينات وموضوع الكهرباء كما اعترض على دفع قوى 8 آذار المستمر لتطبيع العلاقات مع النظام السوري. ولا يبدو أن هناك قرارا حزبيا حاسما في هذا المجال حتى الساعة، مما يجعل باقي الفرقاء السياسيين يتعاملون مع الموقف «القواتي» كـ«غير جدي ويندرج بإطار ممارسة الضغوط وتوجيه الرسائل السياسية»، على حد تعبير مصدر في «التيار الوطني الحر». وأكد المصدر «متانة الوضع الحكومي»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «مزايدات يُقدم عليها بعض الفرقاء خاصة وأننا بتنا على أبواب الاستحقاق النيابي».
وكانت الحكومة التي يرأسها سعد الحريري تعرضت لانتكاسة أولى أواخر شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بعيد اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية اللبناني والسوري في نيويورك، وما رافقه من زيارات قام بها عدد من الوزراء إلى دمشق، بغياب قرار حكومي في هذا الشأن. إلا أن الحريري نجح وبالتنسيق والتواصل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بوضع حد للمسار الانحداري الذي كانت تسلكه الأمور، وتثبيت أسس حكومته.
إلا أن مصير الحكومة وضع مجددا على طاولة البحث مع تسريب معلومات عن نية وزراء «القوات» الاستقالة من الحكومة. وقد تطرق جعجع، وللمرة الأولى، صراحة وعلنا لخيار الاستقالة خلال لقاءات عقدها في ملبورن بإطار استكمال جولته الأسترالية، إذ أكد يوم أمس أن «الاستقالة واردة إذا بلغت الخروقات حدَّ عودة العلاقات مع النظام السوري واستمرار محاولات تمرير المناقصات المشبوهة». وأشار إلى أن «القوات تمر اليوم بإحدى مراحلها الذهبية، باعتبار أنها من المكونات الفاعلة والمؤثرة في لبنان، والدليل أنه كان لها الدور الأكبر في انتخابات رئاسة الجمهورية، وكانت الممر الإلزامي إلى بعبدا، ونحن نتحضر ليكون لنا مرشحون في الانتخابات النيابية المقبلة في كل المناطق اللبنانية وكل الدوائر».
وشدد جعجع على أنه لولا وجود «القوات» لكان الوضع في لبنان في مكان آخر تماماً، إذ لولا «القوات» لما كان انتُخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولكان فُقد الأمل من تحقيق الدولة الفعلية القوية، ولكان الفساد أكل ما تبقى من الدولة «بحيث نخوض يومياً معارك كبرى لمحاربة هذه الآفة». وإذ أكد جعجع كيف أن حزبه يواجه «سياسيا دويلة حزب الله التي تصادر قرار الدولة الاستراتيجي وقرار السلم والحرب»، شدد على أنّه في الوقت عينه «يخوض حرباً شرسة ضد الفساد».
وأوضحت الأمينة العامة للحزب «القوات اللبنانية» شانتال سركيس، أن «خيار الاستقالة تم التداول به في الهيئة التنفيذية، حيث إن كل الاحتمالات واردة وإن كنا لم نتخذ قرارا نهائيا بعد»، نافية ما تم ترويجه مؤخرا عن أنّه قد تمت كتابة الاستقالة، وأن إعلانها ينتظر عودة جعجع من جولته الخارجية. وربطت سركيس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إمكانية تقديم الاستقالة بسببين رئيسيين، «الأول اختلال التوازن السياسي القائم داخل الحكومة ما قد يدفع بنا صوب التطبيع مع النظام السوري أو تسليم البلد لحزب الله. أما السبب الثاني فاستمرار الأداء الحكومي على ما هو عليه بحيث هو مخالف للقانون في بعض الملفات ودون جدوى اقتصادية في ملفات أخرى». وإذ انتقدت سركيس «طريقة بت التشكيلات القضائية والدبلوماسية لعدم اعتمادها على مبدأ الكفاءة»، شددت على أن «الاستقالة لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بموضوع الحصص في التعيينات لأن هذا آخر ما يعنينا وإلا لكنا شاركنا في الحكومة الماضية».
وتحدثت الأمينة العامة لـ«القوات» عن «انزعاج داخل الهيئة التنفيذية من طريقة إدارة الأمور حكوميا»، إلا أنها أشارت إلى أن «الاستقالة قد تحصل في أي وقت وقد لا تحصل أبدا وهي مرهونة بتحسين الأداء الحكومي».
وبعكس «القوات» لا يبدو أي من الفرقاء الآخرين المشاركين في الحكومة بصدد الإقدام على خطوة الانسحاب منها، خاصة وأننا على بُعد أشهر معدودة من الانتخابات النيابية مما يجعلهم يتمسكون بها من منطلق السعي للاستفادة من الوزارات لتقديم خدمات للناخبين. وقد كرر فريقا رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء أكثر من مرة تمسكهما بهذه الحكومة، مستفيضين بالحديث عن إنجازات تم تحقيقها منذ تشكيلها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما يستمر حزب «الكتائب اللبنانية» والذي يجلس وحيدا في مقاعد المعارضة بالتصويب على أدائها، مطالباً إياها بالاستقالة.