حقل العمر النفطي لـ«سوريا الديمقراطية» مقابل خروج «داعش» من الرقة

انسحب تنظيم داعش من حقل العمر النفطي، أكبر الحقول النفطية في محافظة دير الزور السورية، قبل أن تتقدم «قوات سوريا الديمقراطية» وتسيطر على الحقل، وسط معلومات عن وساطات بين وجهاء وأعيان من ريف دير الزور الشرقي، مع تنظيم داعش لتسليم سائر المنطقة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى «قوات سوريا الديمقراطية».
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن، أمس الأحد، سيطرتها على حقل العمر، مشيرة في بيان إلى تنفيذها «عملية عسكرية خاطفة واسعة النطاق استهدفت تمركز المرتزقة في حقول العمر النفطية بغية مباغتة المرتزقة وتفويت الفرصة عليهم لارتكاب أعمال تخريبية تتخلل هزائمهم في المناطق التي يتم تحريرها منهم»، لافتة إلى أنه «استطاعت قواتنا بالنتيجة تحرير حقول العمر وطردهم خارج الحقول دون أضرار تذكر».
وأقر النظام السوري بسيطرة «سوريا الديمقراطية» على الحقل الذي كان يسابق قبل ثلاثة أيام للوصول إليه، قبل أن يشن «داعش» هجمات مرتدة على قواته السبت الماضي، لكنها قالت إن «داعش» انسحب من الحقل.
وقالت مصادر عسكرية سورية تقاتل مع القوات النظامية في دير الزور لوكالة الأنباء الألمانية، إن مسلحي «داعش» «انسحبوا الليلة الماضية (السبت) من حقل العمر لتدخل إليه بعد ذلك قوات (قسد) التي تقدمت من اتجاه قرية جديدة عقيدات شمال الحقل بنحو 50 كلم». وأكدت المصادر أنه لم تحدث أي مواجهات أو اشتباكات بين «قسد» و«داعش»، واصفة هذه العملية بأنها «تسلم وتسلم». وقالت المصادر إن قوات العميد سهيل حسن المعروف باسم «النمر»، كانت على بعد ثلاثة كيلومترات عن الحقل وكانت قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى الحقل، مشيرة إلى أن «داعش» شن هجمات كثيرة على الجيش في محيط مدينة الميادين لعرقلة وصول القوات إلى حقل العمر.
وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن تسليم الحقل لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن تنسيقاً غير مباشر دفع التنظيم للانسحاب من الحقل، مشيراً إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» تسعى للسيطرة على حقول النفط في الضفة الشرقية لنهر الفرات. وقال عبد الرحمن إن السباق بين النظام يسابق «سوريا الديمقراطية» إلى حقول النفط تلك، لكن «التنظيم يفضل تسليمها لقوات سوريا الديمقراطية على تسليمها للقوات النظامية وحلفائها من الميليشيات التي تقاتل إلى جانبها.
وبينما تحدث المرصد عن وساطات «لاتفاق شامل» يقضي بانسحاب «داعش» من كامل الريف الشرق لدير الزور، وهي المنطقة التي لا تزال تضم ثلاثة حقول نفطية كبيرة هي حقل «التنك» وحقل «بحر» وحقل «الملح»، قال مصدر بارز في عشائر سوريا في دير الزور لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق «يقتصر على تسليم حقل العمر النفطي وقرى محيطة لقوات سوريا الديمقراطية مقابل انسحاب عناصر (داعش) بأمان من الرقة باتجاه شرق دير الزور»، مشيراً إلى أنه «لا معلومات واضحة حتى الآن عما إذا كان الاتفاق شاملاً».
وأكد المصدر العشائري أن الوساطة «لم تقدها عشائر بحد ذاتها، بل وجهاء في عشائر الرقة»، نافياً في الوقت نفسه «علم عشائر دير الزور بالصفقة». وقال: «تمثلت الصفقة في إخراج مقاتلي (داعش) من الرقة، وبالفعل خرجت 20 شاحنة محملة بالمقاتلين مع عتادهم وأسلحتهم كاملة»، لافتاً إلى أن الشاحنات «عبرت مناطق سيطرة سوريا الديمقراطية في دير الزور الغربي. وفي الطريق ترك عناصر إحدى الشاحنات الشاحنة والأسلحة فيها، وتواروا في مناطق وجود المدنيين هاربين، فيما وصل الآخرون إلى الريف الشرقي لدير الزور». ووضع المصدر هذه الصفقة في إطار «السباق بين النظام وسوريا الديمقراطية للسيطرة على حقل العمر» الذي يعتبر أكبر حقول النفط في سوريا، وإحدى أكبر خزانات النفط في الشرق الأوسط.
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن عدد من المصادر تأكيدها أن وساطات تجري من قبل وجهاء وأعيان من ريف دير الزور الشرقي، مع تنظيم داعش، لدفع الأخير لتسليم قوات سوريا الديمقراطية، القرى والبلدات والمناطق المتبقية من منطقة خشام إلى بلدة هجين بمسافة نحو 110 كلم من الضفاف الشرقية لنهر الفرات، إضافة لكامل المنطقة المتبقية في الريفين الشمالي والشمالي الشرقي، الممتدة حتى ريف بلدة الصور. وأكدت المصادر أن التنظيم يذهب في عملية التسليم هذه إلى تفضيل سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على هذه المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، وذلك منعاً من تقدم قوات النظام إليها، حيث إنه من المرجح في هذه الحالة، أن تتجه قوات النظام بعمليتها العسكرية للسيطرة على البوكمال والقرى المتبقية في ريفها والضفاف الغربي لنهر الفرات.
ولم ينف مدير مرصد «الفرات بوست» الناشط في دير الزور أحمد الرمضان التسلم والتسليم بين «داعش» و«سوريا الديمقراطية» في حقل العمر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن 30 قياديا في «داعش» من دير الزور، استسلموا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» بينهم سوريون من دير الزور وآخرون من الأجانب، ولم يتم تقديمهم للمحاكمات بينما اختفت العناصر الأجنبية التي استسلمت لتلك القوات، لافتاً إلى أن وساطات ومحادثات غير مباشرة قائمة منذ فترة بين «داعش» و«سوريا الديمقراطية» في تلك المنطقة.