رئيسة المجلس المدني للرقة تستعجل الإعمار والاستثمار

ليلى مصطفى قالت لـ«الشرق الأوسط» إن مستقبل المدينة يحدده أهلها

علم «وحدات حماية الشعب» الكردية وسط الرقة... وفي الإطار رئيسة المجلس المدني للمدينة ليلى مصطفى («الشرق الأوسط»)
علم «وحدات حماية الشعب» الكردية وسط الرقة... وفي الإطار رئيسة المجلس المدني للمدينة ليلى مصطفى («الشرق الأوسط»)
TT

رئيسة المجلس المدني للرقة تستعجل الإعمار والاستثمار

علم «وحدات حماية الشعب» الكردية وسط الرقة... وفي الإطار رئيسة المجلس المدني للمدينة ليلى مصطفى («الشرق الأوسط»)
علم «وحدات حماية الشعب» الكردية وسط الرقة... وفي الإطار رئيسة المجلس المدني للمدينة ليلى مصطفى («الشرق الأوسط»)

مدينة الرقة، عروس الفرات الواقعة على الضفة الشمالية لنهر الفرات، التي تبلغ مساحة المحافظة التي تتبعها نحو 20 ألف كيلومتر مربع، ما يعادل 11 في المائة من مساحة سوريا، ويشكل ضعف مساحة لبنان، انتشر اسمها كالنار في الهشيم منذ يناير (كانون الثاني) 2014، بعد سيطرة تنظيم داعش عليها قرابة 3 سنوات ونصف السنة، قبل أن يطردوا منها في الـ18 من الشهر الحالي.
ويستعد مجلس الرقة المدني لتسلم إدارة مدينة الرقة (شمال سوريا)، من «قوات سوريا الديمقراطية» التي طردت تنظيم داعش من معقله الأبرز سابقاً في سوريا، لكن هذه المدينة، وفق تقديرات الأمم المتحدة، بلغ حجم الدمار فيها أكثر من 80 في المائة من مساحتها، كما باتت غير قابلة للسكن.
ومجلس الرقة المدني أنشئ في أبريل (نيسان) الماضي، وتترأسه المهندسة ليلى مصطفى، إلى جانب الشيخ محمود شواخ البرسان، وهي من مواليد الرقة 1988، أنهت دراستها الجامعية في عام 2010، وتحمل إجازة في الهندسة المدنية من جامعة الفرات في الرقة، وعملت متدربة في مكتب هندسي بداية عام 2011، لتؤسس لاحقاً مكتباً هندسياً بعد عامين، لكنها أجبرت على تركه نهاية عام 2013، بعد سيطرة تنظيم داعش على مسقط رأسها.
اضطرت إلى النزوح رفقةً عائلتها إلى محافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا)، وبعد تحرير مدينة تل أبيض، التابعة لريف الرقة، انتقلت للعيش فيها، وانتسبت إلى مجلس الرقة المدني في أبريل الماضي، لتنتخب رئيسة مشتركة للمجلس.
وللحديث عن الجدول الزمني لتسلم إدارة المدينة، وخطة المجلس لإعادة أعمار المدينة وعودة النازحين، التقت «الشرق الأوسط» المهندسة ليلى مصطفى، في مقر المجلس المؤقت في بلدة عين عيسى، على بعد 50 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة الرقة.
وسئلت مصطفى عن جدول زمني لاستلام إدارة الرقة، فقالت: «قبل 134 يوماً، بدأت حملة تحرير مدينة الرقة، ومنذ ذلك التاريخ والعالم يتطلع إلى يوم القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، الذي شكل تهديداً مباشراً ليس على أهالي المحافظة فحسب، بل تهديداً حقيقياً على أمن واستقرار جميع عواصم العالم».
وزادت: «لا يوجد جدول زمني لتسلم إدارة المدينة من القوات، كونها منهمكة اليوم بتنفيذ عمليات تمشيط، بحثاً عن عناصر متوارية وخلايا نائمة ينتمون إلى تنظيم داعش، وتفكيك الألغام التي زرعها المتطرفون بكثافة داخل أحياء وشوارع المدينة؛ نحن في المجلس نحرص على سلامة المدنيين، ونعمل على أن تكون عودتهم آمنة، لأننا خبرنا هذا التنظيم بزرع المفخخات والألغام بالمناطق التي يطرد منها».
وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» قد أشارت، في بيان، إلى أن «مستقبل محافظة الرقة سيحدده أهلها، ضمن إطار سوريا ديمقراطية لا مركزية، اتحادية يقوم فيها أهالي المحافظة بإدارة شؤونهم بأنفسهم»، في إشارة إلى أن الرقة ستلحق بمناطق فيدرالية شمال سوريا. لكنها قالت: «هذا الانتصار تحقق بفضل تكاتف وتلاحم السوريين تحت راية (قوات سوريا الديمقراطية)، ومرجعية مجلسنا هو مجلس سوريا الديمقراطية، وهي المظلة السياسية التي تمثل مجلس الرقة في جميع المحافل الدولية والاجتماعات واللقاءات. أما بخصوص ضم مدينة الرقة إلى فيدرالية شمال سوريا، فهذا القرار يحدده أبناء الرقة بعد عودتهم، سنقوم بإعادة بناء المجلس ليضم جميع أبناء المحافظة من ذوي الكفاءات والاختصاصات دون تهميش أحد، لتصبح الرقة نموذجاً للعيش المشترك. وإلى ذلك الوقت، نحن ملتزمون بقرارات مجلس سوريا الديمقراطية».
وسئلت عن دعم إعادة الإعمار، فأجابت أن اجتماعاً عقد في روما قبل أسابيع، ضم 11 دولة، منها دولتان عربيتان: الإمارات المتحدة والكويت، إلى جانب أميركيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وكندا والسويد، وبحضور ممثل عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و«لمسنا من هذه الدول جدية بالتعامل مع المجلس المدني، وخصصت هولندا مليون ونصف المليون يورو لعمليات إزالة الألغام، وقدم الاتحاد الأوروبي منحة مالية قيمتها مليوني يورو لإزالة الألغام أيضاً».
وتابعت: «الولايات المتحدة الأميركية جادة في مساعدة المجلس في إدارة الرقة، وقدمت منحة مالية لشراء آليات ثقيلة لعمليات إعادة الأعمار، وصلت منها 8 آليات فقط، نظراً للتقلبات الميدانية في الجانب العراقي. أما باقي الدول، فلم تقدم مساعدات مالية، لكنها تعهدت بتقديم الدعم المالي إلى المنظمات».
وأشارت إلى أن التحالف الدولي «أمام مسؤوليات تاريخية وأخلاقية، فأبناء الرقة حاربوا التنظيم المتطرف نيابةً عن العالم أجمع، لكن حجم الدمار يحول دون عودة المدنيين، ونخشى أن تطول أشهر إذا لم يقدموا الدعم المناسب، نتطلع أن توفي هذه الدول بوعودها، كما ندعو جميع الدول إلى الاستثمار الاقتصادي في الرقة لتسريع عجلة الاقتصاد، والمساهمة في عمليات البناء، وتشجيع الأهالي على العودة إلى منازلهم ومتابعة حياتهم الطبيعية».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».