قائد الجيش اللبناني في واشنطن لتعزيز التعاون ومكافحة الإرهاب

قائد الجيش اللبناني جوزيف عون لدى إشرافه على إحدى العمليات ضد {داعش} في رأس بعلبك (أ.ف.ب)
قائد الجيش اللبناني جوزيف عون لدى إشرافه على إحدى العمليات ضد {داعش} في رأس بعلبك (أ.ف.ب)
TT

قائد الجيش اللبناني في واشنطن لتعزيز التعاون ومكافحة الإرهاب

قائد الجيش اللبناني جوزيف عون لدى إشرافه على إحدى العمليات ضد {داعش} في رأس بعلبك (أ.ف.ب)
قائد الجيش اللبناني جوزيف عون لدى إشرافه على إحدى العمليات ضد {داعش} في رأس بعلبك (أ.ف.ب)

بدأ قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون زيارة رسمية إلى واشنطن، تلبية لدعوة رسمية من رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد، حيث يناقش مع مسؤولين أميركيين، جدول أعمال حافلاً بالملفات المتصلة بمكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري بين البلدين، وتعزيز الدعم الأميركي للجيش اللبناني، في مرحلة يتصدّى فيها الأخير لمواجهة الأخطار التي قد تأتي عبر الحدود أو من الداخل.
وتكتسب زيارة عون إلى واشنطن في هذا التوقيت أهمية خاصة، لكونها تأتي غداة معركة «فجر الجرود»، التي حقق فيها الجيش اللبناني انتصاراً حاسماً وسريعاً على تنظيم داعش، وتمكّن من تطهير حدود لبنان الشرقية من المجموعات المسلّحة، ومن المقرر أن يلتقي خلالها دانفورد وقيادات عسكرية رفيعة بينها الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية.
وإذا كانت مهمّة قائد الجيش في واشنطن محصورة بالجانب العسكري، فهي تعبّر عن رسالة أميركية تتجاوز في أبعادها حدود لبنان، خصوصاً أن المسؤولين الأميركيين، لا يتوقفون عن التأكيد على أن الجيش اللبناني وحده المخوّل حماية حدود لبنان، وتحصين الاستقرار الداخلي، من هنا أكدت مصادر مواكبة للزيارة، أن «لقاءات العماد عون ستركز على التعاون المشترك بين البلدين في مكافحة الإرهاب، وسبل تفعيل التعاون والدعم العسكري الأميركي للبنان». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن قائد الجيش «سيتطرق في محادثاته إلى الاختبار الناجح للبنان في معركة (فجر الجرود)، ورؤيته لدور الجيش في المرحلة المقبلة، وتطوير قدراته التسليحية والبشرية والتدريبية، وسيقدّم للجانب الأميركي، قائمة بما يحتاجه الجيش من أسلحة وذخائر وآليات، تتلاءم مع المهام الملقاة على عاتقه في المرحلة المقبلة، لجهة حماية حدود لبنان من أي تهديد خارجي، وحماية وتعزيز الأمن والاستقرار في الداخل». وكشفت مصادر مواكبة، أن الزيارة «ستتوّج باحتفال تكريمي سيقام للعماد عون في كلّية الدفاع الوطني في واشنطن، التي تعدّ أهمّ الجامعات العسكرية في العالم، وهي الكلّية التي أجرى فيها خلال العام 2009 دورة لمدة سنة كاملة على مكافحة الإرهاب الدولي». وقالت: «هذا التكريم يعبّر عن التقدير الذي تخص به السلطات الأميركية قائد الجيش، الذي أثبت كفاءة وقدرة عاليين ونال ثقة الشعب اللبناني، غداة تبوئه منصبه على رأس المؤسسة العسكرية، على أن ترفع صورة للعماد عون في قاعة الشخصيات المكرّمة في الجامعة، وتذكر إلى جانبها دورة (مكافحة الإرهاب الدولي) التي التحق بها لمدة عام وتخرّج منها في العام 2009».
ويستمرّ وصول المساعدات الأميركية للجيش، آخرها وصول دبابات «برادلي» وطائرات «سوبر توكانو» التي وصلت منها اثنتان، على أن يقام حفل رسمي لتسليمها للجيش اللبناني آخر الشهر الحالي، بوجود وفد عسكري أميركي سيحضر خصيصاً للمشاركة في الاحتفال، على أن تصل أربع طائرات من نفس الطراز خلال شهر مايو (أيار) من العام المقبل.
وأوضح مصدر عسكري لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «طائرات (سوبر توكانو) برازيلية الصنع، لكن يجري الآن إدخال تعديلات عليها في الولايات المتحدة بطلب من الجيش اللبناني، وتجهيزها بصواريخ جو ــ أرض، موجهة عبر الليزر»، كاشفاً عن وجود عدد من الطيارين اللبنانيين في واشنطن الآن، للتدريب على هذه الطائرات، بالإضافة إلى فريق من الفنيين، الذين سيهتمون بصيانة الطائرات، وإخضاعها لفحص تقني بشكل دوري».
أهمية هذه الطائرات، بحسب المصدر العسكري، أنها «تساعد الجيش على سرعة الحسم في المعارك الداخلية، بحيث تكون إصاباتها دقيقة وبمستوى عالٍ، وتجنّب وقوع الأخطاء الجانبية، لأنها تصيب الهدف مباشرة، من دون إيقاع أضرار في محيطه». وقال: «لو كانت هذه الطائرات موجودة في معركة (فجر الجرود)، لكانت أدت دوراً مهماً جداً، وسرّعت في حسم المعركة»، لافتاً إلى أن «طائرة (سوبر توكانو)، بعد إدخال التعديلات عليها، باتت تمتاز بتقنيات الطائرة الهجومية النفّاثة، من حيث سرعة التصويب على الهدف عبر تقنية الليزر ودقّة الإصابة».
ولا ينتاب الجانب اللبناني أي قلق، حيال تبدّل النظرة الغربية والأميركية تحديداً للجيش اللبناني ودوره، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي، الذي اعتبر أن دور الجيش اللبناني هو جزء من دور «حزب الله»، فرأى المصدر العسكري أن «المولج بالردّ على التصريحات الإسرائيلية، هي الجهات الرسمية اللبنانية»، لكنه شدد على أن «الدعم الأميركي للجيش ثابت ومستمرّ، وهناك وعدٌ قاطع بعدم توقف الدعم الأميركي وأن يتعزز في المرحلة المقبلة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».