مدريد تبدأ خطوات تعليق مهام حكومة كاتالونيا

طلب رئيس الوزراء الإسباني المحافظ ماريانو راخوي أمس السبت من مجلس الشيوخ الإسباني تعليق مهام حكومة كاتالونيا للدعوة إلى انتخابات جديدة. وقال راخوي إن الإجراء الذي يحتاج إلى موافقة الغرفة العليا من البرلمان الإسباني، والتي يتمتع حزب المحافظين الحاكم بأغلبية مقاعده، سيحد من سلطات برلمان كاتالونيا ويقيل حكومة الإقليم ويدعو إلى انتخابات خلال ستة أشهر، وذلك في محاولة لإحباط مسعى المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي من الانفصال عن إسبانيا. وقال راخوي إن حكومته اتخذت هذا القرار غير المسبوق لإعادة القانون والتأكد من حيادية المؤسسات الإقليمية. وقالت الحكومة في مذكرة توضيحية داخلية حصلت عليها «رويترز» إن هدفها هو إعادة حكم القانون، وضمان حيادية المؤسسات الإقليمية، وضمان استمرار الخدمات العامة والأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى الحفاظ على الحقوق المدنية لكل المواطنين. وقالت الحكومة المركزية: «لم يحترم حكام كاتالونيا لا القانون الذي تتأسس عليه ديمقراطيتنا ولا المصلحة العامة... هذا الموقف غير قابل للاستمرار».
وقال راخوي إنه لا يعتزم استخدام تلك السلطات الخاصة التي طالب مجلس الشيوخ الموافقة عليها لأكثر من ستة أشهر، وإنه سيدعو لإجراء انتخابات في الإقليم بمجرد عودة الموقف لطبيعته. وأضاف: «هدفنا هو إعادة القانون والتعايش الطبيعي بين المواطنين، الذي تدهور كثيرا، ومواصلة التعافي الاقتصادي، الذي يتعرض للتهديد اليوم في كاتالونيا، وإجراء انتخابات في أجواء طبيعية».
ويتعين الآن أن يقر مجلس الشيوخ الإسباني هذه الإجراءات في تصويت مقرر في 27 أكتوبر (تشرين الأول). وكان راخوي قد دعا إلى اجتماع طارئ للحكومة أمس السبت لاتخاذ قرارات بشأن كيفية فرض الحكم المباشر على الإقليم وإحباط مساعيه الذي يتمتع بحكم ذاتي للانفصال عن إسبانيا. راخوي استند في طلبه إلى المادة 155 من الدستور والتي لم تستخدم من قبل. كما طلب أن تتم إقالة الحكومة الكاتالونية التي يرأسها كارليس بوتشيمون بأكملها، على أن تمارس «مهامها من حيث مبدأ الوزارات (الوطنية) طوال المدة التي سيدوم فيها هذا الوضع الاستثنائي».
تمثل المقترحات انتزاعاً للصلاحيات الرئيسية، التي تتمتع بها المنطقة، بموجب الحكم الذاتي لكاتالونيا، وتمثل تصعيدا لأكبر أزمة سياسية إسبانية منذ انقلاب فاشل في عام 1981، وبينما تتولى مدريد السيطرة على الوزارات في الإقليم كاتالونيا، ستتولى أيضا مسؤولية الأمن والنظام العام والمالية والضرائب وتدابير الموازنة والاتصالات.
وفي حال موافقة مجلس الشيوخ في الأيام التالية على الإجراءات التي طلبها راخوي، فسيواصل البرلمان الكاتالوني ممارسة مهامه حتى حله، لكن سيتعذر عليه انتخاب رئيس وزراء إقليمي جديد عوضا عن بوتشيمون والتصويت على قوانين جديدة. ويتمتع حزب راخوي بأغلبية مطلقة في مجلس الشيوخ لكنه ضمن دعم الحزب الاشتراكي، التشكيل الرئيسي للمعارضة. وكان بوتشيمون لوح بالإعلان رسمياً عن استقلال كاتالونيا، المنطقة التي تساهم بـ19 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الإسباني. وهو يستند لذلك إلى استفتاء نظمه بشأن الاستقلال متحديا حظرا قضائيا، شارك فيه 43 في المائة من الكاتالونيين وصوت 90 في المائة بـ«نعم»، على ما أكد.
وندد العاهل الإسباني الملك فيليب السادس بما اعتبره «محاولة انفصال غير مقبولة». وأبدى قادة الاتحاد الأوروبي دعمهم لمدريد، ومنهم رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني الذي حذر من أن محاولات إعادة رسم خريطة أوروبا أسفرت في معظم الأحيان عن «جحيم من الفوضى». واعتبر فيليب السادس في خطاب تميز بلهجة عاطفية خلال توزيع جوائز أميرة استورياس، أن كاتالونيا «جزء أساسي من إسبانيا القرن الحادي والعشرين»، قائلا إن الأزمة التي تسبب بها الاستفتاء المحظور يجب أن تُحلّ «عبر المؤسسات الديمقراطية الشرعية». وأضاف: «لا نريد التفريط بما بنيناه سوية»، مشددا على التقدّم الذي تحقق في إسبانيا التي نجحت بتجاوز «أخطاء الماضي»، في إشارة ضمنية إلى ديكتاتورية فرانكو. وتابع: «لقد عشنا وتشاركنا النجاحات والإخفاقات والانتصارات والتضحيات التي وحدّتنا بالفرح والمعاناة. لا يمكن أن ننسى هذا». واعتبر الملك فيليب أن إنجازات إسبانيا كانت ممكنة «بفضل رغبة صادقة بالعيش المشترك والتفهم ومراعاة القوانين والديمقراطية».
وعقد بوتشيمون اجتماعا مع حكومته أمس أيضا. ومن المقرر أن يشارك في احتجاجات مؤيدة للاستقلال في برشلونة عاصمة الإقليم. وأعلن بوتشيمون استقلالا رمزيا في العاشر من أكتوبر، لكنه هدد يوم الخميس بإعلان الاستقلال رسميا إذا لم توافق الحكومة على إجراء حوار بشأن مستقبل الإقليم.
ومن المتوقع أن يتخذ برلمان الإقليم قرارا يوم الاثنين بشأن عقد جلسة بكامل أعضائه لإعلان قيام جمهورية كاتالونيا رسميا. وقالت وسائل إعلام في كاتالونيا إن بوتشيمون يمكن أن يحل برلمان الإقليم بنفسه عقب إعلان الاستقلال مباشرة ويدعو لانتخابات قبل تفعيل مجلس الشيوخ لسلطات الحكم المباشر لمدريد. ووفقاً لقانون الإقليم يجب إجراء تلك الانتخابات خلال شهرين في هذه الحالة.