قوات النظام السوري تستعيد مدينة القريتين من «داعش»

بعد ثلاثة أسابيع من سيطرة التنظيم المتطرف عليها

مبان مدمرة في محافظة حمص السورية (إ.ب.أ)
مبان مدمرة في محافظة حمص السورية (إ.ب.أ)
TT

قوات النظام السوري تستعيد مدينة القريتين من «داعش»

مبان مدمرة في محافظة حمص السورية (إ.ب.أ)
مبان مدمرة في محافظة حمص السورية (إ.ب.أ)

استعادت قوات النظام السوري وحلفاؤها السبت السيطرة على مدينة القريتين في محافظة حمص في وسط البلاد، بعد ثلاثة أسابيع من استيلاء تنظيم داعش المتطرف عليها.
وذكرت وكالة «سانا» أن وحدات من قوات النظام السوري «بالتعاون مع القوات الحليفة تعيد الأمن والاستقرار إلى مدينة القريتين بعد القضاء على مجموعات إرهابيي داعش التي تسللت إلى المدينة».
وأفادت أن «وحدات الهندسة في الجيش قامت بإزالة العبوات الناسفة والألغام التي زرعها إرهابيو تنظيم داعش في المنازل والشوارع والساحات والمؤسسات الحكومية» في المدينة.
وسيطر التنظيم المتطرف على المدينة الواقعة في ريف حمص الشرقي على أطراف البادية السورية، مطلع الشهر الحالي إثر هجوم مباغت شنه ضد مواقع قوات النظام، بالتزامن مع معارك عنيفة يخوضها الطرفان على أكثر من محور في البادية.
وبدأت قوات النظام وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان «عملية عسكرية في المنطقة في الساعات الأولى من صباح السبت» قبل أن تتمكن من السيطرة على المدينة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن التقدم حصل «بعد انسحاب أكثر من مائتي عنصر من التنظيم ليلاً باتجاه مناطق البادية، بعدما أطبقت قوات النظام حصاراً كاملاً على التلال المحيطة بالمدينة».
وسيطر التنظيم المتطرف للمرة الأولى على القريتين التي تعد رمزاً للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في وسط سوريا مطلع أغسطس (آب) 2015. وعمل إثر ذلك على تدمير دير أثري من القرن السادس ميلادي وإحراق عدد من الكنائس. ثم تمكنت القوات السورية من استعادة المدينة بدعم روسي في بداية أبريل (نيسان) 2016.
وكان عدد سكان القريتين يقدر بنحو ثلاثين ألف شخص بينهم 900 مسيحي قبل بدء النزاع الذي تسبب منذ منتصف مارس (آذار) 2011 بمقتل أكثر من 330 ألف شخص وبدمار كبير في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
ومني تنظيم داعش بخسائر ميدانية متتالية في سوريا على أيدي قوات النظام المدعومة من إيران وروسيا، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، والتي تمكنت الثلاثاء من السيطرة على مدينة الرقة، التي كانت تعد معقله الأبرز في البلاد.
ولا يزال التنظيم يسيطر حالياً على بضعة أحياء في مدينة دير الزور (شرق) وعلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق وعلى مناطق صحراوية واسعة، بالتوازي مع احتفاظه بجيوب صغيرة في ريفي حمص وحماة (وسط) وفي درعا (جنوباً) وفي مخيم اليرموك في جنوب دمشق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.