كسينيا سوبتشاك مرشحة «ضد الجميع» للانتخابات الرئاسية الروسية

أطلقت الإعلامية الروسية كسينيا سوبتشاك حملات الانتخابات الرئاسية في روسيا، على الرغم من عدم الإعلان رسميا بعد عن انطلاقها وبدء قبول طلبات المرشحين الراغبين بالمشاركة في المنافسة خلال الانتخابات المرتقبة في مارس (آذار) العام المقبل. وكانت سوبتشاك أعلنت عن قرارها الترشح للانتخابات الرئاسية الروسية لعام 2018. وأثار إعلانها موجة واسعة من الجدل والتعليقات في أوساط السلطة والإعلام الروسيين. وكشفت الإعلامية الشقراء عن خططها «الرئاسية» عبر مقطع فيديو، تقول فيه «أنا، كسينيا سوبتشاك، البالغة من العمر 35 عاما، أعيش وأعمل في روسيا طول حياتي، وأنا قلقة جدا على مستقبل بلادي. أتعامل بمسؤولية مع أي خطط في المجال الاجتماعي، وبعد أن كنتُ أدرس كافة المخاطر المحتملة والمصاعب المتعلقة بهذه المهمة، قررتُ أن مشاركتي في الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون خطوة في الطريق المؤدية إلى التغيرات اللازمة التي تحتاجها بلادنا».
ولم تكشف سوبتشاك بعد عن برنامجها السياسي للحملة الرئاسية لكنها قالت إن ترشحها لهذه الانتخابات سيكون مفيدا للمعارضة الروسية والمجتمع بأسره. وكسينيا سوبتشاك هي إعلامية روسية شهيرة ومقدمة عدد كبير من البرامج الاجتماعية، وابنة عمدة مدينة سان بطرسبورغ الأسبق الراحل أناتولي سوبتشاك، الذي كان الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين مستشارا له في التسعينات. ومعروف عن سوبتشاك أنها تتخذ موقفاً معارضا تجاه السلطة الحالية في روسيا. ومع أنها تعمل في عشرات قنوات التلفزة الروسية، إلا أنها محسوبة على «الإعلام المعارض» لأنها تعمل أيضاً في قناة «دوجد» المعارضة. مع ذلك أعلنت سوبتشاك أنها تقدم نفسها في الانتخابات «مرشحة ضد الجميع»، أي ضد جميع المتنافسين الآخرين الذين يمثلون النخب السياسية الحالية في السلطة والمعارضة.
وكانت سوبتشاك أكدت في حوار تلفزيوني أنها أبلغت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكذلك المعارض الروسي الشهير أليكسي نافالني نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية. وأعادت إلى الأذهان في حديثها لقناة «دوجد» أن علاقات كبيرة تربط عائلتها مع الرئيس بوتين، وأضافت: «بوتين قال إن كل شخص يملك الحق في اتخاذ قراراته وعليه تحمل المسؤولية عنها». وأكدت «لم يبد لي أنه (بوتين) لم يكن سعيداً (لقراري) وشعرت أن قراري ما نال إعجابه». وفي إجابتها على سؤال ما إذا كانت ستنتقد بوتين أم لا، قالت: «الشقراء في الشوكولاته» (اسم برنامج قدمته سوبتشاك): «سنرى، ما إذا كانوا سيمنحوني وقتا غير ذلك الذي يحق لي (كمرشحة) بموجب القانون».
وبالنسبة للمعارض نافالني أكدت أنها تحدثت معه قبل توقيفه مؤخراً، وأكدت استعدادها لبحث التعاون معه في هذا المجال بعد خروجه من السجن، حيث حكم عليه القضاء الروسي مؤخراً بالسجين 20 يوماً بتهمة الدعوة لاحتجاجات غير مرخص لها. وقالت إنه بحال قرر نافالني الترشح كذلك للرئاسة فهي مستعدة لبحث التطورات معه بما في ذلك سحب ترشيحها، لافتة إلى أن فكرة «مرشح ضد الجميع» هي ذات الفكرة التي تحدث عنها نافالني عملياً.
وإلى جانب الصخب الإعلامي الكبير وغير المسبوق الذي «فجرته» سوبتشاك بالكشف عن نيتها الترشح للرئاسة، فقد فرض قرارها نفسه على النقاشات التي دارت في منتدى «فالداي» الدولي للحوار بمشاركة الرئيس بوتين أول من أمس. وفي إجابته على سؤال حول إمكانية مشاركة امرأة في الانتخابات الرئاسية، قال بوتين: «لدينا، كل شيء ممكن». كان بوتين علق على ترشح سوبتشاك في تصريحات في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، وقال حينها «ليس علي أن أحدد من هو الأفضل للشعب الروسي»، وأضاف: «لكن لكل إنسان بموجب القانون الحق في الترشح، وكسينيا سوبتشاك ليست استثناء. نظرت وأنظر باحترام إلى والدها أناتولي سوبتشاك، وأرى أنه شخصية مميزة في تاريخ روسيا الحديث، إنسان نزيه جدا ولعب دوراً في مصيري. لكن عندما يدور الحديث عن الترشح للرئاسة، فإن المسائل الشخصية لا يمكن أن تلعب أي دور». وقال مراقبون إن ترشح سوبتشاك لعبة متفق عليها مع الكرملين، غير أن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية نفى أي علاقة للكرملين بهذا الأمر.
ترشح سوبتشاك للرئاسة الروسية أثار كذلك الرأي العام الروسي، الأمر الذي شكل «مادة دسمة» لمراكز استطلاع الرأي، بما فيها «مركز عموم روسيا لمسح الرأي العام» الذي أجرى في اليوم التالي، بعد نشر «فيديو الترشح للرئاسة» باستطلاع مزاجية الشارع الروسي، وأظهرت النتائج أن 60 في المائة من المواطنين المشاركين في استطلاع الرأي ينظرون بسلبية إلى الإعلامية سوبتشاك. ويدور الحديث عن احتمال ترشح سوبتشاك للرئاسة منذ عدة أشهر، ما دفع بموضوع إمكانية ترشح سيدة للرئاسة في روسيا إلى الواجهة، وقام مركز «ليفادا سنتر» باستطلاع للرأي لمعرفة مزاجية المواطنين بشأن «الرئيس امرأة»، وأظهرت النتائج أن 71 في المائة من المواطنين الروس يؤيدون مشاركة النساء في العمل السياسي، ويؤيد 60 في المائة شغل سيدة لمنصب رئيس البلاد، مثلها مثل الرجال، بينما عبر 31 في المائة عن رفضهم للفكرة. وأشار المشاركون في استطلاع الرأي إلى أسماء أقل من 10 سيدات من العاملات في السياسة ومجالات أخرى كمرشحات محتملات للرئاسة، بينهن اسم «كسينيا سوبتشاك».
ويوم أمس أقرت سوبتشاك في حديث لصحيفة «ذي غارديان» البريطانية عدم وجود برنامج سياسي لديها بعد، وقالت: لا أمتلك وزنا سياسيا، ولم أملك الحق في إطلاق أي برنامج أو طرح نفسي كمرشح للرئاسة. وأشارت إلى حظوظها الضئيلة للفوز في الانتخابات، وعبرت عن قناعتها بأن المواطنين الذين لا يرضيهم الوضع السياسي في ظل الرئيس الحالي قد يجدون فيها مرشحا مثيرا للاهتمام ويمنحونها أصواتهم.