انسحاب «داعش» من أكبر حقل نفطي... وأنباء عن صفقة روسية ـ أميركية

TT

انسحاب «داعش» من أكبر حقل نفطي... وأنباء عن صفقة روسية ـ أميركية

تستعد قوات النظام السوري وحلفاؤها لدخول حقل عمر النفطي، في محافظة دير الزور، الذي يُعتبر أكبر حقل للنفط في سوريا، وذلك بعد ساعات من إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» انسحاب عناصر «داعش» منه، وزرعه بالألغام بشكل مكثف.
وفيما أفادت وسائل إعلام روسية عن إحكام القوات النظامية سيطرتها النارية الكاملة على المنطقة، رجّح كل من مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، والناشط في حملة «فرات بوست» أحمد الرمضان، وجود اتفاق أميركي - روسي يقضي بسيطرة موسكو على الحقل، خصوصاً أن «قوات سوريا الديمقراطية» كانت أقرب من قوات النظام إليه.
وقال «المرصد» إن قوات النظام، والمسلحين الموالين لها بقيادة روسية، واصلوا يوم أمس استهداف حقل عمر النفطي، الذي يعد أكبر حقل نفطي في سوريا، والواقع في شرق نهر الفرات بالريف الشرقي لدير الزور، بالتزامن مع ورود معلومات مؤكدة عن انسحاب تنظيم داعش منه، بعد زرعه بالألغام بشكل مكثف، في محاولة منه لتأخير سيطرة قوات النظام عليه. ومن جهتها، أفادت قناة «روسيا اليوم» بـ«إحكام الجيش السوري سيطرته النارية الكاملة على منطقة حقل العمر النفطي»، لافتة إلى أن مسلحي تنظيم داعش فروا من المنطقة.
وتحدث عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» عن «انسحاب مؤكد لعناصر التنظيم المتطرف من حقل عمر»، لافتاً إلى أن قوات النظام باتت على مشارف الحقل، ولم تسيطر عليه بعد. وإذ أكد مدير المرصد وجود اتفاق أميركي - روسي بخصوص الحقل، أشار أحمد الرمضان إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» تبعد عن الحقل 5 كلم، لكنها «آثرت عدم التقدم باتجاهه، حتى أن عناصر منها أبلغوا ناشطين في الداخل أن لا أوامر لديهم لاقتحام الحقل». وقال الرمضان لـ«الشرق الأوسط»: «في حال كان الاتفاق الروسي - الأميركي يقضي بتسليم الحقل للروس، فذلك يعني أن محافظة دير الزور بمعظمها للنظام»، لافتاً إلى أنه لا أهمية لكل حقول النفط الأخرى ما دام العمر مع النظام، باعتبار أنّه «مركز تجميع ونقل وإنتاج، ويقع بين حقول كونيكو والورد والتنك والتيم والجفرة».
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» على حقلي كونيكو والجفرة، فيما يسيطر النظام على التيم و«داعش» على التنك.
وكانت قوات النظام قد نقلت معاركها في دير الزور، بعد نحو 40 يوماً على انطلاقها من الضفاف الغربية لنهر الفرات إلى الضفاف الشرقية من محور الميادين. وأوضح «المرصد» أن عملية النقل هذه جرت عبر إقامة جسور مائية، وقد تمكنت قوات النظام والمسلحون الموالون لها من السيطرة على بلدة ذيبان، التي تبعد عدة كيلومترات عن حقل «العمر» تمهيداً للسيطرة عليه.
من جهتها، أشارت «سبونتيك» الروسية إلى أن سيطرة القوات السورية على مساحات واسعة في الضفاف الشرقية لنهر الفرات من جهة المدخل الشمالي للمدينة، ترتبط بـ«أهمية المنطقة، وارتباطها المباشر بالأحياء السكنية داخل المدينة، إضافة لملاصقتها للمطار العسكري، وقدرتها على التأثير في الحركة الملاحية داخله». وبحسب الوكالة الروسية، فإن المنطقة التي بات يسيطر عليها النظام من جهة الضفاف الشرقية تُشرف على الطريق الرئيسي الواصل إلى الحسكة والبوكمال، «وهي منطقة استراتيجية تسعى القوات العاملة مع التحالف الأميركي لوضع يدها عليها».
ويترافق القتال المستمر براً في دير الزور مع حملة جوية واسعة النطاق تتولاها الطائرات الحربية الروسية والسورية على حد سواء، استهدفت خلالها المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة «داعش»، كما المعابر المائية التي يسلكها النازحون للنجاة بأنفسهم، والتوجه نحو البادية في محافظة دير الزور، وفق ما أكده «المرصد»، مشيراً إلى أن «طائرات حربية نفذت مجزرة الخميس، حين استهدفت المعبر النهري بين مدينة البوكمال وقرية الباغور بريف دير الزور الشرقي، ما أدّى إلى مقتل 16 شخصاً، بينهم 7 أطفال».
بدورها، قالت مصادر سورية محلية إن 24 قتيلاً سقطوا في قصف بطائرات لم تعرف هويتها، استهدف مدينة الشحيل وأحد المعابر على الفرات بقرية الباغوز في محيط مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي عند الحدود السورية العراقية.
وبالتوازي مع معارك النظام في دير الزور، تستمر الحملة العسكرية التي تشنها «قوات سوريا الديمقراطية» في المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات. وأوضح رئيس المجلس العسكري لدير الزور أحمد أبو خولة أن تنظيم داعش لا يزال يسيطر على قرابة 40 في المائة من دير الزور، متوقعاً أنه «سيخسرها سريعاً». وأشار إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» التي «أعلنت هزيمة (داعش) في الرقة الثلاثاء، سترسل إمدادات عسكرية إلى دير الزور لدعم الحملة الرامية لتحريرها من التنظيم المتشدد».
وأفيد يوم أمس عن «قتال عنيف شهدته الحدود الإدارية بين ريف دير الزور الجنوبي الشرقي وريف حمص الشمالي الشرقي، بالقرب من الحدود السورية - العراقية، إثر هجوم عنيف من قبل تنظيم (داعش) على منطقة حميمة». وقال «المرصد» إن القتال والهجوم العنيف تسبب في وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف قوات النظام، حيث وثق مقتل 14 عنصراً، غالبيتهم من جنسيات غير سورية، بالإضافة إلى إصابة 18 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.