أفغانستان: مقتل عشرات الجنود في هجوم على قاعدة عسكرية ومقر للشرطة

شنت حركة طالبان، أمس، هجومين منفصلين استهدفا منشآت أمنية أفغانية، وأسفرا عن مقتل عشرات الجنود، في آخر حلقة من سلسلة اعتداءات دامية وقعت هذا الأسبوع وقُتل على أثرها أكثر من 120 شخصاً، وسُلِّطت الأضواء على هشاشة الوضع الأمني في البلاد. وفي الساعات الأولى من أمس، استهدف هجوم انتحاري تبنته حركة طالبان قاعدة عسكرية في تشاشمو بولاية قندهار (جنوب)، قُتِل على أثره 43 جنديا على الأقل، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع.
وأشارت الوزارة إلى أنه نجا جنديان فقط دون التعرض إلى إصابات جراء الهجوم، مضيفةً أن تسعة جنود أصيبوا بجروح فيما فُقِد ستة. وأضافت أن عشرة متمردين لقوا حتفهم خلال العملية. وقال المتحدث باسم الوزارة الجنرال دولت وزيري لوكالة الصحافة الفرنسية إن المهاجمين فجروا عربة واحدة على الأقل مفخخة من طراز «هامفي» عند مدخل المجمع قبل أن يدمروه بالكامل. وأوضح: «لم يتبقَّ شيء من القاعدة العسكرية للأسف. لقد أحرقوا كل ما في الداخل».
من جهته، أفاد متحدث باسم القوات الأميركية في كابل بأنها شنت ضربة جوية خلال عملية لمكافحة الإرهاب أمس في منطقة مايفاند حيث وقع الهجوم، إلا أنه لم يوضح إن كان الهدف المتمردين في القاعدة. وتبنت حركة طالبان الهجوم، حيث أفادت في رسالة إلى الصحافيين بأن جميع العناصر الـ60 الذين كانوا بالداخل قُتِلوا.
من جهته، قال وزيري: «أرسلنا وفداً لتقييم الوضع»، مؤكداً أن الجيش الأفغاني يسيطر على القاعدة. وأكد مصدر أمني أفغاني لوكالة الصحافة الفرنسية أنه تم نقل الضحايا إلى المستشفى العسكري في قندهار.
وفي عملية أخرى أمس، حاصر مسلحون مقرّاً للشرطة في ولاية غزنة جنوب شرقي البلاد، في ثاني هجوم على الموقع ذاته هذا الأسبوع. وأفاد قائد شرطة الولاية محمد زمان بأن ضربات جوية شُنَّت على الموقع لدعم الشرطة خلال العملية التي أسفرت عن مقتل عنصري أمن حتى الآن، فيما لم يصدر أي تأكيد من القوات الأميركية بعد.
وأسفر هجوم آخر على المقر ذاته وقع يوم الثلاثاء عن مقتل 20 شخصا وإصابة 46 بجروح.
وترفع اعتداءات الخميس عدد الهجمات الانتحارية وباستخدام الأسلحة النارية التي استهدفت المنشآت العسكرية هذا الأسبوع إلى أربع، تجاوزت حصيلة قتلاها الـ120، بينهم عناصر أمن ومدنيين.
وفي ثلاثة من الاعتداءات التي وقعت هذا الأسبوع، استخدم عناصر طالبان عربات «هامفي» مفخخة للقيام بتفجيرات قبل دخول أهدافهم. وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقت سابق من العام الحالي أن بلاده لن تتخلى عن أفغانستان. ولكن حركة طالبان أشارت إلى أن الهجمات الأخيرة هي بمثابة «رسالة واضحة للأميركيين ولحكومة كابل مفادها أنهم لن يخيفونا باستراتيجيتهم المزعومة».
وقال المتحدث باسم الحركة قاري يوسف حمدي لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحقق انتصارات على كل الجبهات». وأضاف: «تم تلقين درس للأعداء الذين اعتقدوا أنهم أخافونا عبر استراتيجية ترمب الجديدة».
وزادت خسائر قوات الأمن الأفغانية في معاركها ضد المتمردين منذ أن انسحبت القوات القتالية التابعة لحلف شمال الأطلسي من البلاد أواخر عام 2014. وارتفعت حصيلة الضحايا بنسبة 35 في المائة عام 2016 حيث قتل 6800 جندي وشرطي، بحسب هيئة «التفتيش العام حول إعادة إعمار أفغانستان» (سيغار) الأميركية. وشن المتمردون اعتداءات أكثر تعقيداً ضد قوات الأمن عام 2017، حيث كشفت «سيغار» أن عدد ضحايا القوات الأفغانية منذ بداية العام «مرتفع لدرجة صادمة».
وتضمنت الاعتداءات هجوماً على المستشفى العسكري في كابل، في مارس (آذار) حيث قتل ما يقارب من 100 شخص، وآخر على قاعدة في مزار شريف في أبريل (نيسان) أسفر عن مقتل 144 شخصاً.
تسببت الهجمات، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفساد وعمليات الفرار من صفوف القوات الأمنية، بتراجع معنويات المنتسبين إليها. وتأتي هجمات هذا الأسبوع مع اقتراب انتهاء فصل القتال الصيفي، حينما يكثف المسلحون عادة عملياتهم في أنحاء البلاد.
وبدأت بعد ساعات من ضربات شنتها طائرات أميركية دون طيار على منطقة القبائل قرب الحدود مع باكستان حيث قتل أكثر من 20 مسلحاً، بحسب مصادر ومسؤولين محليين.
وأسفرت الهجمات وحدها عن مقتل 80 شخصاً، وإصابة نحو 300 في أكثر يوم دموية تشهده البلاد منذ نحو خمسة أشهر. وكان الأكثر دموية بين اعتداءي الثلاثاء هو ذاك الذي استهدف مجمعاً للشرطة في مدينة غارديز بولاية باكتيا، حيث فجر مسلحون من طالبان متنكرين بزي الشرطة ثلاث عربات مفخخة، بينها شاحنة «هامفي»، لإفساح المجال لـ11 مقاتلاً للدخول.