كل الأسئلة تخص «بريكست» في قمة بروكسل... لكن دون إجابات

سيطر ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على أجواء القمة الأوروبية في بروكسل، وتركزت أسئلة الصحافيين وإجابات القادة على عملية تقييم المفاوضات بين الجانبين. ورحب قادة الاتحاد الأوروبي باقتراح قدمته رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي لكسر الجمود الذي يعتري محادثات انسحاب بريطانيا من التكتل، لكنهم قالوا إن التنازلات التي تستهدف تهدئة مخاوف مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا غير كافية. وسعت ماي، في قمة للاتحاد تستمر يومين، إلى تحويل التركيز بعيداً عن الفشل في دفع المحادثات أبعد من النقاش بشأن التسوية المالية للانسحاب والتجارة، فيما لم يتبق سوى 17 شهراً على الموعد المقرر لرحيل بريطانيا.
وبدلاً من ذلك، شددت رئيسة الوزراء، التي ضعف موقفها بعد أن خسر حزبها المحافظ أغلبيته البرلمانية في انتخابات يونيو (حزيران)، على ضرورة تحديد حقوق المواطنين، وهي واحدة من 3 قضايا ينبغي حسمها لكسر الجمود في المحادثات، لكن قادة الاتحاد الأوروبي قالوا إن هناك حاجة لمزيد من العمل.
ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعض المؤشرات بأنها «مشجعة»، وقد تساعد في تمهيد الطريق لمناقشات بشأن العلاقات التجارية في المستقبل، خلال قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة في ديسمبر (كانون الأول).
وقالت ماي إن الزعماء يقيمون التقدم الذي تحقق حتى الآن في محادثات الانسحاب، وقد حددوا «خططاً طموحة» للأسابيع المقبلة، وأضافت للصحافيين: «أنا، على سبيل المثال، أريد أن أرى سرعة في التوصل لاتفاق بشأن حقوق المواطنين»، لكنها تفادت الأسئلة بشأن زيادة المبلغ الذي ستكون بريطانيا على استعداد لدفعه، عندما تغادر، وأشارت بدلاً من ذلك إلى خطاب ألقته الشهر الماضي في إيطاليا، عرضت خلاله دفع نحو 20 مليار يورو (24 مليار دولار).
وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول هذا الملف، قال أنطونيو تاياني، رئيس البرلمان الأوروبي، إن الموقف الأوروبي معروف، وسبق أن أعلنا عنه منذ شهور، وقبل انطلاق المفاوضات، مضيفاً أنه لا بد من تحديد الأمور بشكل واضح، في اتفاق حول حقوق المواطنين، والأموال المستحقة على لندن، والحدود بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا.
وأعلنت رئيسة الحكومة البريطانية أنها ستبحث مع نظرائها الأوروبيين ليس فقط مسيرة مفاوضات «بريكست»، بل أيضاً كيفية مواجهة التحديات المشتركة، مثل الهجرة ومحاربة الإرهاب والأمن، حيث «نريد أن نظهر أن بريطانيا ستستمر بالقيام بما عليها في هذه المجالات»، على حد تعبيرها.
وشددت على أن التعاون كان - وسيبقى مستقبلاً - في قلب الشراكة الأوروبية - البريطانية. ومن المتوقع أن تناقش القمة الأوروبية تطورات مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد، دون إعطاء أي ضوء أخضر للوفد الأوروبي للشروع بمفاوضات تتعلق بالعلاقات المستقبلية أو المرحلة الانتقالية، كما دأبت لندن على المطالبة. وكانت الجولة الخامسة، الأخيرة قبل القمة الأوروبية، من المفاوضات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد عقدت بين 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي و12 منه في بروكسل، بحضور كل من كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، والوزير البريطاني مسؤول الخروج من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيز. وأشار كبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي إلى أنه «على الرغم من أن هذه الدورة قد جرت في جو بناء، لم تحرز أي تقدم كبير».
هذا وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، عشية انطلاق القمة، إنه لا يتوقع أي انفراجة في المحادثات. وبعد أن تغادر ماي، يوم الجمعة، سيبحث رؤساء الدول السبع والعشرين المتبقون التقدم في المفاوضات. وقال توسك، في مؤتمر صحافي: «لا أتوقع انفراجة من أي نوع غداً»، لكنه أضاف أنه من الممكن الانتهاء من المرحلة الأولى من المحادثات بشأن تسوية مالية وحقوق المواطنين وآيرلندا الشمالية بحلول ديسمبر، إذا قدمت بريطانيا بعض الاقتراحات الملموسة.
وتابع توسك: «علينا العمل بجد حقيقي، بين أكتوبر وديسمبر، لوضع اللمسات الأخيرة على ما يعرف بالمرحلة الأولى، ولبدء التفاوض على علاقتنا المستقبلية مع المملكة المتحدة».
وتواجه تيريزا ماي، من جهتها، انتقادات متزايدة بين النواب من جميع التوجهات، الذين يعتقدون أن الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق سيكون كارثة بالنسبة لاقتصاد بريطانيا، وهو ما يطرح على القمة الأوروبية مسؤولية إيجاد مخرج للملف يرضي جميع الأطراف، لتفادي الدخول في أزمة سياسية غير مسبوقة.