البرلمان اللبناني يناقش الموازنة... ونواب يطالبون بـ«عودة الدولة»

TT

البرلمان اللبناني يناقش الموازنة... ونواب يطالبون بـ«عودة الدولة»

حملت الجلسة العامة لمجلس النواب المخصصة لمناقشة وإقرار موازنة عام 2017، رسائل سياسية في أكثر من اتجاه، وانطوت على أسئلة طرحها بعض النواب عن إمكانية استعادة الثقة بالدولة مع وجود سلاح غير شرعي، والسؤال: «أين مصلحة لبنان في تهجم البعض على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي؟».
وكانت الجلسة التأمت عند العاشرة والنصف من صباح أمس، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقبيل انعقاد الجلسة، عدّ رئيس الحكومة سعد الحريري، أن «إقرار الموازنة بعد 12 عاما إنجاز ينتظره كل اللبنانيين».
واستهلّت الجلسة بتلاوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، تقرير لجنته حول مشروع الموازنة العامة والموازنات الملحقة، وأشار إلى أن المشروع «يفتقر إلى الشمول المكرس دستورياً بنص المادة (83) من الدستور، وقانونياً بنص المادة الثانية والمادة (51) من قانون المحاسبة العمومية، وعلمياً بعلم المالية العامة التي تحدد المبادئ الكلاسيكية التي ترعى موازنة الدولة بأنها الشمول والشيوع والسنوية والوحدة للموازنة»، لافتاً إلى أن «القروض ونفقات الهيئات والمؤسسات والمجالس التي تعمل لصالح الدولة، لا تدخل في الموازنة...».
وشدد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت، على ضرورة أن «تتمتع الدولة والحكومة بحصرية استعمال والسلاح». وقال: «من دون حصرية السلاح بيد الدولة، فلا دولة، وبالتالي بوجود سلاح آخر غير سلاح الجيش لا يمكن أن نبني ثقة بالدولة اللبنانية»، متوجها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالقول: «أنا غير موافق على قوله إننا بحاجة إلى سلاح غير سلاح الجيش، فهذا السلاح استعمل في الداخل بشكل مباشر وغير مباشر». ورأى أنه «لا يمكن أن تستعاد الثقة بدولة لا تؤمن ولا تؤَمّن حصرية السلاح»، عادّاً أن «ما ارتكب بقضية الشيخ أحمد الأسير يوجب المحاسبة. هناك قول كبير وشائع أن (الظلم في السوية هو عدل في الرعية)». وسأل: «أين قاتل النقيب في الجيش سامر حنا؟ أين قاتل هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية؟». وأضاف: «هناك انطباع بوجود تفريق بين اللبنانيين... استنسابية، وأن المحكمة العسكرية ممذهبة بقراراتها». وسأل: «ما مصلحة لبنان من الهجوم على دول الخليج؛ وتحديدا المملكة العربية السعودية؟ وما مصلحة اللبنانيين العاملين في دول الخليج؟».
ودعا عضو كتلة «حزب الله» النائب علي فياض في كلمته، إلى «عدم الرضوخ لوجود تململ من عمل مؤسسات الدولة»، لافتا إلى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يشكل ضمانة سياسية كبرى، وحقق في الفترة الماضية إنجازات كبيرة، لكن المواطن اللبناني لا يشعر بأن معدلات الفساد تراجعت». ورأى أن «القيمة الأساسية لموازنة 2017 تكمن بإصدارها، وندعو لصياغة رؤية لاحتواء الأزمة الاقتصادية الاجتماعية».
بدوره، تبنّى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، توصيات لجنة المال بشأن الموازنة، عادّاً أن «النبش بالتاريخ لا يبني المستقبل». وأكد أن «مشروع المسيحيين هو الدولة». وقال: «الحرص على كرامة لبنان هو في ألا نصل إلى حد المفاخرة بعنصريتنا»، متسائلا: «كيف من الممكن أن نؤمن الجباية الجمركية إذا كنا غير مسيطرين على حدودنا؟».
أما عضو كتلة «المستقبل» النائب نبيل دو فريج، فأمل أن «يتضمن مشروع قانون الموازنة لعام 2018 أحكاما تحدد الوسائل التي سوف تعتمد لتحقيق عدد من الأهداف؛ أهمها الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والنقدي، ووضع حد للعجز الذي يتفاقم، سنة بعد سنة، ومعالجة موضوع الدعم المقدم لمؤسسة كهرباء لبنان». وشدد دو فريج على «إطلاق عجلة الاقتصاد، وخلق فرص عمل لمعالجة أزمة البطالة، ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي والجمركي وهدر المال العام، وتطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص».
وأخيراً أوضح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر، أن «إقرار الموازنة أمر مهم من أجل العودة إلى الانتظام المالي العام، ولهذه الموازنة أهمية كخطوة أولى لعودة لبنان إلى الانتظام المالي العام»، وشدد على أن «تخفيض العجز ليس أولوية للجنة المال والمحاسبة فحسب؛ بل أولوية لصندوق النقد الدولي الذي أوصى بذلك»، عادّاً أن «المسكنات لم تعد تنفع، ونحن بحاجة إلى إصلاح حقيقي بنيوي، وليس لإصلاح عادي».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.