المغرب: العثماني يستبعد حل حكومته أو إجراء تعديل موسع عليها

TT

المغرب: العثماني يستبعد حل حكومته أو إجراء تعديل موسع عليها

استبعد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس، حل الحكومة أو إجراء تعديل موسع عليها بعد خطاب الملك محمد السادس، الذي ألقاه الجمعة الماضي بمناسبة افتتاح البرلمان.
وقال العثماني، خلال لقاء صحافي نظم أمس من قبل وكالة الأنباء المغربية في الرباط، إن الملك محمد السادس قال له شخصيا إنه يدعم الحكومة الحالية. ودعا إلى «عدم تحميل خطاب الملك ما لا يحتمل».
وجاء حديث العثماني في سياق ردود الفعل على خطاب الملك محمد السادس، الذي دعا فيه إلى تقويم الاختلالات، وإعادة النظر في النموذج التنموي للبلاد، لأنه لم يعد يستجيب للمطالب الملحة للمواطنين، والذي دعا فيه أيضا إلى «التحلي بالموضوعية وتسمية الأمور بأسمائها، دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي»، وهو ما فتح باب التكهنات على مصراعيه حول طبيعة هذا الزلزال السياسي الذي قد يحدث في المغرب.
وفي هذا السياق، قال العثماني، ردا على سؤال حول رأيه بشأن ما إذا قرر الملك محمد السادس إعفاء الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط كأحد سيناريوهات «الزلزال السياسي» الذي تحدث عنه العاهل المغربي، إن الملك محمد السادس أشار في خطابه أيضا قبل الحديث عن الزلزال السياسي إلى أن المغرب حقق تقدما ملموسا يشهد به العالم، إلا أنه لا أحد ركز على هذه الفقرة من الخطاب، وزاد موضحا أن «الملك لم يقل إن الزلزال سيقع. لذا ينبغي النظر للأمور بطريقة موضوعية».
وأوضح العثماني في هذا الصدد، أنه «إذا قرر الملك حل الحكومة فإن صلاحياته الدستورية محترمة... ماذا سنفعل؟ لكن هذا ليس منطوق الخطاب، ويجب ألا نحمل الخطاب ما لا يحتمل»، مضيفا أن «الملك قال لي شخصيا إنه يدعم الحكومة ويطلب منها القيام بعملها كما يجب، وتملأ الفراغ إذا وجد».
وبشأن قرار الملك إحداث وزارة منتدبة للشؤون الأفريقية، وما إذا كان ذلك مؤشرا على تعديل وزاري وشيك، اكتفى العثماني بالقول إنه سيجري النقاش في المرحلة المقبلة حول كيفية إحداث هذه الوزارة المنتدبة، مشددا على أنه «ليس هناك أي تفكير في إجراء تعديل موسع للحكومة»، كما تجنب الرد حول إمكانية التحاق حزب الاستقلال بالحكومة. أما بخصوص الأوضاع الداخلية لحزب العدالة والتنمية، وإمكانية بقاء أمينه العام عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق، على رأس الحزب لولاية ثالثة بعد الموافقة على قرار تغيير النظام الداخلي للحزب، قال العثماني: «ليس في علمي أن الأمين العام يسعى لولاية ثالثة. لا دخل لي بالموضوع. .. هذا حزب سياسي لديه مؤسسات اتخذت قرارها في إطار عمل جماعي، ونحن نشتغل وفق قرارات المؤسسات أيا كانت».
وقلل العثماني من شأن ما قد يحدث من تعارض بين منصبي الأمين العام ورئيس الحكومة بقوله، إن هذا الأمر «قد يطرح بعض الإشكال، لكن لا يضر استمرار الحزب في رئاسة الحكومة، أو مشاركته فيها، لأن قرار الدخول إلى الحكومة أقرته مؤسسات الحزب، وحتى الوزراء اختارهم الحزب»، داعيا إلى تجنب تضخيم هذا الموضوع.
كما نفى العثماني وجود أي تناقض بينه وبين ابن كيران، بقوله «هذا ليس صحيحا أبدا، الأخوة بيننا ثابتة والزيارات منتظمة. قد توجد اختلافات في وجهات النظر، وهو أمر طبيعي وإلا أصبحنا شخصا واحدا».
وتوضيحا للجدل الذي أثاره تلويحه بالاستقالة من الحكومة قبل أيام، قال العثماني: «لم أقل إنني مستعد لتقديم استقالتي بالمطلق، بل قلت نحن حريصون على وحدة الحزب، وإذا اقتضى الحال الخروج من الحكومة، وأن يقدم رئيسها استقالته فنحن مستعدون»، وتابع موضحا: «هذا لا يعني أننا نتهرب من المسؤولية ونريد الخروج من الحكومة أبدا، بل فقط تأكيد على أهمية وحدة الحزب»، مشددا على أنه لا يرى أي تعارض في موقفه من وحدة الحزب والاستمرار في المسؤولية الحكومية. وأكد العثماني، أن حزب العدالة والتنمية سيظل موحدا، و«من يتمنون حدوث انشقاق في الحزب لن يصلوا إلى مبتغاهم، ونحن نعرف أن الكثير من الجهات تتمنى حدوث ذلك، وسنفوت عليهم تلك الفرصة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».