إسرائيل تؤكد «الخطوط الحمراء» باستهداف بطارية صواريخ سورية

TT

إسرائيل تؤكد «الخطوط الحمراء» باستهداف بطارية صواريخ سورية

أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن طائرة تابعة لسلاحه الجوي، مسنودة بطائرات حماية استهدفت صباح أمس بطارية صواريخ شرق دمشق. وأكدت مصادر عسكرية أن إسرائيل أبلغت قيادة الجيش الروسي في سوريا بأمر هذه الغارة، قبل أن تنفذ القصف.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان له، إن طائراته الحربية أغارت على بطارية للدفاعات الجوية في موقع رمضان على بعد 50 كيلومتراً شرق دمشق، بعد إطلاقها صاروخ أرض - جو من طراز «sa - 5» على طائرة استطلاع حربية إسرائيلية كانت في مهمة تصوير «اعتيادية» في الأجواء اللبنانية صباح أمس. وأضاف الجيش الإسرائيلي أن طائراته الحربية لم تُصب، وأنها «عادت إلى قواعدها بسلام، وأن الصاروخ السوري لم يشكل أي تهديد على طائراتنا».
ورغم أن البيان تضمن اعترافاً باختراق الأجواء اللبنانية، حمَّلت تل أبيب «النظام السوري مسؤولية أي إطلاق نار من الأراضي السورية باتجاه قواتنا». وحذرت: «إننا نعتبر إطلاق الصاروخ على طائرتنا بمثابة استفزاز سوري». وأضاف البيان: «ليست هناك أي نية للتصعيد ومن جانبنا الحدث انتهى رغم استعدادنا لأي تطور».
وبحسب مصادر عسكرية، تم إطلاق الصاروخ السوري باتجاه الطائرة الحربية الإسرائيلية عند الساعة العاشرة تقريباً من صباح أمس. وردتْ الطائرات الإسرائيلية بأربع قذائف صاروخية جو - أرض باتجاه بطارية الصواريخ السورية. وبحسب المصادر الإسرائيلية، تم تدمير البطارية.
واعتبر خبراء إسرائيليون هذا الحادث بمثابة «تحذير صارم للنظام السوري وحلفائه من مغبة المساس بالمصالح الإسرائيلية الأمنية والقوات التي تسهر على حمايتها». وقال مراسل القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، المعروف بقربه من المؤسسة العسكرية، روني دنئيل، إن دمشق قصدت من ذلك وضع «خط أحمر» جديد في وجه النشاط الإسرائيلي، وإن الرد السريع جاء ليوضح أن «من يضع الخطوط الحمراء هي إسرائيل وليس سوريا».
وقال الناطق الأسبق للجيش الإسرائيلي رون بن يشاي، إن إسرائيل أبلغت الضباط الروس في سوريا الذين يديرون لجنة تنسيق مشترك معها بأمر هذه الغارة. وأوضحت أنها تكتفي الآن بقصف خفيف يدمر جزءاً من بطارية الصواريخ السورية، لكن ردها في المستقبل «سيكون أقسى». لكن إسرائيل توقعت ألا ترد سوريا على هذا القصف، كما حصل في مرات سابقة أغارت فيها الطائرات الإسرائيلية على أهداف للنظام في سوريا، حتى عندما سقط فيها قتلى إيرانيون أو من «حزب الله».
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة قولها إن «طيران العدو الإسرائيلي أقدم عند الساعة 51.‏8 صباح اليوم (أمس) على اختراق مجالنا الجوي عند الحدود اللبنانية في منطقة بعلبك، وتصدت له وسائط دفاعنا الجوي وأصابت إحدى طائراته إصابة مباشرة وأرغمته على الفرار». وتابع البيان «في الساعة 38.‏11 اليوم أطلق العدو الإسرائيلي عدة صواريخ من داخل الأراضي المحتلة سقطت في أحد مواقعنا العسكرية بريف دمشق، واقتصرت الخسائر على الأضرار المادية». وحذر البيان من «التداعيات الخطيرة للمحاولات العدوانية المتكررة من جانب إسرائيل».
وكانت الدفاعات الجوية السورية أطلقت صاروخاً مضاداً للطائرات نحو مقاتلات إسرائيلية، في 17 مارس (آذار) الماضي، رداً على غارات المقاتلات الإسرائيلية داخل سوريا. وجاء الرد السوري حينها بموافقة من موسكو.
وتأتي مبادرة سوريا باستهداف طائرة إسرائيلية قبيل بدء زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى تل أبيب.
ويشار إلى أنه تم مؤخراً دمج نظم الدفاع الجوي الروسية والسورية تحت قيادة مشتركة واحدة في قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم