القرقاوي: تحدي القراءة العربي أعاد إحياء المكتبة كوحدة معرفية متعددة الاستخدامات

دبي تستعد لإقامة الحفل الختامي للدورة الثانية غداً

الفائزون في «تحدي القراءة العربي» ... وفي الإطار محمد القرقاوي
الفائزون في «تحدي القراءة العربي» ... وفي الإطار محمد القرقاوي
TT

القرقاوي: تحدي القراءة العربي أعاد إحياء المكتبة كوحدة معرفية متعددة الاستخدامات

الفائزون في «تحدي القراءة العربي» ... وفي الإطار محمد القرقاوي
الفائزون في «تحدي القراءة العربي» ... وفي الإطار محمد القرقاوي

قال محمد القرقاوي الأمين العام لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية إنّ التحدي استند في رسالته الأساسية، إلى هدف استراتيجي تبناه الشيخ محمد بن رشد آل مكتوم يتمثل في ترسيخ عادة القراءة لدى النشء في الوطن العربي - شبابه وبناته - والارتقاء باللغة العربية، وإحيائها كلغة معرفة وفكر وحوار، وبناء مجتمعات منفتحة على كل أشكال المعارف. وذكر أنّه وفق الخطة المبدئية للتحدي، فقد كان المستهدف الرئيسي هو قيام مليون طالب عربي بقراءة 50 مليون كتاب تغطي مختلف المجالات الثقافية والمعرفية خلال عام، مشيراً إلى أن الدورة الأولى من تحدي القراءة العربي جاءت بنتيجة مذهلة فاقت الرقم المستهدف بأكثر من ثلاثة أضعاف، إذ شارك في التحدي نحو 3.5 مليون طالب عربي، من الوطن العربي والدول الأجنبية، ضمن منافسة قرائية معرفية فاجأت الجميع، حيث أقبل الطلاب العرب على الكتاب بنهم، ليبدّدوا الصورة المجحفة التي اقترنت بهم، وهي أنّهم جيل يخاصم الكتاب المعرفي ويعادي القراءة بلغته.
وجاء حديث الأمين العام لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية على هامش استعداد دبي لاستضافة الحفل الختامي للدورة الثانية من تحدي القراءة العربي، الذي ينظم غداً الأربعاء بمشاركة واسعة من الطلاب العرب.
وبالعودة إلى القرقاوي الذي قال: «جاءت الدورة الثانية من تحدي القراءة العربي لتثبت أنّ البذرة التي زرعها محمد بن راشد أصابت تربة خصبة في جوهرها، متعطشة للمعرفة، وهو ما تجلى في مشاركة أكثر من سبعة ملايين طالب وطالبة من 25 دولة عربية وأجنبية؛ لنشهد على مدار عام كامل ورشة قراءة متواصلة، انخرط فيها الطالب والمدرسة والمعلم والأسرة والمجتمع المحلي والمؤسسات التربوية والثقافية المعنية في إطار منافسة معرفية أرست وعياً متنامياً بالقيمة الحضارية والمعرفية والأخلاقية للكتاب».
وفيما يرتبط بالنشاط القرائي المجتمعي الذي أحدثه تحدي القراءة العربي خلال العامين الماضيين، قال القرقاوي: «لقد تمكن تحدي القراءة العربي من نفض الغبار عن رفوف الآلاف من المكتبات في الوطن العربي، وأعاد بناء مكتبات، وأثرى مكتبات وشيّد مكتبات جديدة». وزاد: «نعم، لقد تم إحياء المكتبة العربية، لتكون وحدة معرفية متعددة الاستخدامات، فهي مكان للاستعارة والكتابة والتلخيص والنقاش والمساجلة والحوار»، مشيراً إلى أنّه في مشروع تحدي القراءة العربي يُركّز على إعادة تأهيل المكتبات المدرسية والمكتبات الصفية، وتوسيع نطاق خدماتها وإثراء محتوياتها.
وتابع الأمين العام لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية: «شهدنا خلال دورتي التحدي أيضاً تفعيل دور المكتبات العامة في المجتمع المحلي والمكتبات الكبرى في المدن بحيث باتت مراكز متاحة في خدمة التحدي»، مشيراً إلى أن الإمارات تبنت مشروعاً ضخماً لإثراء المكتبة العربية خاصة في الدول العربية من خلال حملة «أمة تقرأ» التي انطلقت في شهر رمضان من عام 2016، وفيها جرى جمع 80 مليون درهم (21.7 مليون دولار) لشراء أكثر من 8 ملايين كتاب تسهم في إثراء وتعزيز 3 آلاف مكتبة. وشكل هذا المشروع، المتواصل، فرصة لتوفير المحتوى اللازم لعدد كبير من المدارس المشاركة في التحدي».
وأشار القرقاوي إلى أن تحدي القراءة العربي نجح في خلق فضاء قرائي شامل، هو الأكبر والأوسع نطاقاً عربياً، فلم تعد المنافسة محصورة بين الطلبة أو داخل المؤسسة التعليمية عموماً، وإنما تخطتها إلى حالة ثقافية مجتمعية عامة تشمل كل مكونات المجتمع، وسط تكامل وتضافر وتفاعل مجتمعي لافت.
وفيما يرتبط بتوقعاته المرتبطة بمستقبل القراءة أكد القرقاوي أنّ النتائج مبشرة جداً. وقال: «على الرغم من أنّ متطلبات التحدي قراءة 50 كتاباً وتلخيصه، فوجئنا بعدد كبير من الطلبة يتخطون هذا العدد، بكثير، أي أنّهم تحدوا أنفسهم، ونحن نتحدث هنا عن طلبة بين السادسة والثامنة عشرة من العمر، أي سن التشكيل والتكوين وغرس الأساس المعرفي، سن يكونون فيها عجينة مطواعة، وما نزرعه فيهم من الآن سيحملونه معهم طيلة حياتهم». وتابع: «هذه الخبرات القرائية وما ينتج عنها من معرفة تراكمية سوف تشكل في المستقبل القريب الأسس الداعمة لفكر عربي واسع الأفق، خلاق ومتنوّر».
وذكر القرقاوي أنّ رفع مؤشر القراءة العربي وتعزيز نتائجه على كل المستويات الفردية والمجتمعية والتعليمية، يعد من أهم الأدوات والوسائل التي تحقق رسالة تحدي القراءة العربي والرسالة الأشمل والأكبر لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في هذا الخصوص، ألا وهي: بناء وتدعيم مجتمعات عربية منفتحة على العلوم والمعارف، شعوبها متمسكة بهويتها ومقوماتها الثقافية المتفردة، ومنفتحة في الوقت ذاته على الشعوب والثقافات الأخرى، ومتسامحة، ومسالمة، ومتصالحة مع ذاتها ومع الجميع، وقادرة على أن تحاجج الآخر بقوة المنطق والعقل، والخوض معه في حوار حضاري إيجابي وبناء.



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.