مارتن أونيل مدير فني عظيم حتى لو لم يدرب نادياً كبيراً

قاد آيرلندا للملحق الأوروبي لكأس العالم وكان مرشحاً لخلافة فيرغسون في مانشستر يونايتد

ما صنعه أونيل مع منتخب آيرلندا إنجاز يستحق التقدير (رويترز)
ما صنعه أونيل مع منتخب آيرلندا إنجاز يستحق التقدير (رويترز)
TT

مارتن أونيل مدير فني عظيم حتى لو لم يدرب نادياً كبيراً

ما صنعه أونيل مع منتخب آيرلندا إنجاز يستحق التقدير (رويترز)
ما صنعه أونيل مع منتخب آيرلندا إنجاز يستحق التقدير (رويترز)

ربما لا يعرف كثيرون أن المدير الفني الآيرلندي مارتن أونيل قد تولى تدريب نادي شيبشيد شارترهاوس، المغمور، في بداية مسيرته التدريبية، في وقت كان فيه المديرون الفنيون الذين يرغبون في الدخول في عالم التدريب على استعداد للعمل في أدنى المستويات من أجل التعلم واكتساب الخبرات اللازمة.
وكانت أولى خطوات أونيل في عالم التدريب مع نادي غرانثام تاون، الذي كان يلعب في دوري ميدلاندز الإقليمي، الذي يمثل دوري الدرجة العاشرة بكرة القدم الإنجليزية. وافق أونيل على تدريب الفريق مقابل الحصول على مكان للنوم ووجبة إفطار، وكان يعتزم البقاء في النادي لمدة خمس سنوات، لكنه دخل في صدام مع رئيس النادي ووجد إعلانا عن الوظيفة التي يشغلها منشورا في صحيفة «نوتنغهام إيفينينغ بوست». صحيح أن تجربة أونيل مع نادي «شيبشيد» كانت في وقت لاحق، لكنها ظلت عالقة في الأذهان بسبب الفترة القصيرة التي تولى خلالها قيادة الفريق، حيث لخص الموقع الإلكتروني غير الرسمي لما تغير اسمه الآن ليصبح نادي شيبشيد دينامو، ما حدث بدقة عندما قال: «في يوليو (تموز) 1989 عُين مارتن أونيل مديرا فنيا للفريق، وفي أكتوبر (تشرين الأول) أقيل مارتن أونيل من منصبه».
في الواقع، لم يُقل أونيل من منصبه، لكن الحقيقة هي أن أونيل، مثله مثل العديد من لاعبي كرة القدم السابقين في ذلك الوقت، كان قد بدأ العمل في مجال التأمين، وكان يعمل بالتحديد لدى مؤسسة «سيف آند بروسبر»، في حين كان صديقه وزميله السابق جون روبرتسون، والذي كان مساعدا له في نادي شيبشيد، يبحث هو الآخر عن فرصة للعمل في المجال التجاري. إنها حالة لا يمكن أن تحدث الآن، فهل يمكننا أن نتخيل أن لاعبين قد حصلا على كأس أوروبا يبحثان عن عمل مكتبي روتيني من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء؟ وكانت المشكلة تكمن في أنهما كانا يحاولان الجمع بين العمل المكتبي ومهنة التدريب في آن واحد. يقول روبرتسون: «في إحدى المناسبات تأخرنا عن الوصول إلى مباراة لفريقنا في منتصف الأسبوع أمام فريكلي كوليري في جنوب يوركشاير». وكان من الواضح أنه لا يمكن أن يستمر الوضع بهذه الطريقة، ولذلك قرر أونيل التوقف عن العمل مع نادي شيبشد حتى يمكنه التركيز مع مؤسسة «سيف آند بروسبر».
إنها قصة عظيمة تجعلنا نضع في اعتبارنا ما نعرفه الآن عن الإنجازات التي حققها أونيل، قبل ما يقرب من 30 عاما، التي كان آخرها تدريب منتخب جمهورية آيرلندا.
لقد تعاملت للمرة الأولى مع أونيل في نادي ليستر سيتي، الذي شهد أفضل نجاحات أونيل على الإطلاق. وكان أونيل قد تولى قيادة الفريق في الأسبوع نفسه الذي انتقلت فيه إلى المدينة للعمل مراسلا، وقد رأيت بنفسي كيف كان اللاعبون والجمهور يكرهونه بشدة لدى توليه قيادة الفريق وكيف تحول هذا الكره إلى حب جارف في نهاية المطاف.
سيطر أونيل على اللاعبين في غرفة خلع الملابس بصورة رائعة ونجح في الصعود بالنادي من دوري الدرجة الثانية إلى الدوري الممتاز. وبعد الصعود نجح في قيادة النادي لإنهاء أربعة مواسم ضمن المراكز العشرة الأولى في جدول الترتيب، كما قاد النادي للوصول إلى المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة ثلاث مرات وفاز بالبطولة في مرتين منها، وقاد النادي لمنصة التتويج للمرة الأولى منذ عام 1964. وواجه أونيل ليفربول على ملعب «أنفيلد» أربع مرات فاز في ثلاث منها وتعادل في مباراة.
ما زلنا نتذكر جميعا الهدف الرائع الذي أحرزه دينيس بيركامب في مرمى ليستر سيتي في أغسطس (آب) عام 1997، الذي كان الهدف الثالث ضمن الثلاثية التي أحرزها اللاعب الهولندي في تلك المباراة. لكن ربما نسينا أن بيركامب قد أحرز هذا الهدف في الدقيقة الثالثة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع، لكن ليستر سيتي بقيادة أونيل لم يستسلم ونجح في إحراز هدف التعادل في الوقت القاتل. وغادر بيركامب ملعب المباراة في تلك الليلة وهو يهز رأسه ولا يصدق ما حدث. وفي الحقيقة، كانت هذه الروح هي التي غرسها أونيل في نفوس لاعبي ليستر سيتي، حيث علمهم ألا يستسلموا أبدا. ومنذ ذلك الحين، من الصعب أن نتذكر أي فريق كان يلعب بهذه الجماعية وهذا الحماس.
ولذلك لم يكن من المفاجئ أن نرى آيرلندا تتأهل، على حساب ويلز، للملحق الأوروبي المؤهل لنهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، الذي ستجري قرعته اليوم. لم يكن هذا فحسب، ولكن هناك الكثير من الأمثلة الأخرى على خبرة أونيل الطويلة على مدى سنوات، والتي تجعل المرء يشعر بأنه ليس من الإنصاف ألا تتاح الفرصة لأونيل لتدريب أحد الأندية الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن.
لقد نسينا، على سبيل المثال، أن أونيل كان ذات مرة هو المرشح الأوفر حظا لخلافة السير أليكس فيرغسون في تدريب مانشستر يونايتد. كان أونيل يشغل منصب المدير الفني لنادي سلتيك الاسكوتلندي في ذلك الوقت، وقاده للحصول على سبع بطولات والوصول إلى المباراة النهائية للدوري الأوروبي. وما زالت الصحافة في مانشستر تتحدث عن المؤتمر الصحافي الذي عقد عام 2003 قبل إحدى المباريات الودية بين مانشستر يونايتد وسيلتك في مدينة سياتل استعدادا لانطلاق الموسم الجديد، فعندما سئل أونيل عن خلافته لفيرغسون أجاب بدبلوماسية كبيرة مع الأخذ بعين الاعتبار أن فيرغسون نفسه كان يجلس إلى يساره.
وكانت المشكلة التي تواجه أونيل أنه حتى لو أعرب عن اهتمامه بشغل هذا المنصب، فإن فيرغسون - الذي وصفته صحيفة «ديلي تلغراف» بأنه «الرجل الذي لا يمكن أن يتقاعد» - قد استمر في منصبه لمدة 10 سنوات أخرى. وعندما كان مانشستر يونايتد بحاجة إلى مدير جديد، وبالتحديد في مايو (أيار) 2013، حدث ذلك بعد شهرين من إقالة أونيل من منصبه للمرة الأولى في تاريخ مسيرته التدريبية. وحتى أكثر المديرين الفنيين تحقيقا للإنجازات في العالم قد أخفقوا في إحدى التجارب مع بعض الأندية، وبالنسبة لأونيل جاءت تجربته مع سندرلاند في أسوأ وقت ممكن.
وربما يكون الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو أن محبي أونيل لا يتذكرون جيدا الإنجاز الكبير الذي حققه خلال السنوات الأربع التي قضاها مع أستون فيلا، حيث قاد النادي في أول موسم له مع الفريق إلى احتلال المركز الحادي عشر بدلا من السادس عشر في الموسم السابق، وإلى المركز السادس في كل موسم من المواسم الثلاثة التالية، كما قاد الفريق للتأهل إلى الدوري الأوروبي عام 2010، ولعب المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب ويمبلي عام 2010، وقاد أونيل أستون فيلا لحصد عدد أكبر من النقاط في كل موسم عن الموسم السابق له، كما قاد الفريق لتسجيل 71 هدفا في موسم واحد، وهو أكبر عدد من الأهداف يسجله الفريق منذ فوزه ببطولة الدوري قبل ربع قرن من الزمان. في موسم 1980 - 1981 سجل الفريق 72 هدفا، لكن في 42 مباراة، وليس في 38 مباراة.
ولن يحصل أونيل على عروض من كبرى الأندية الإنجليزية للحصول على خدماته الآن، نظرا لأنه قد وافق مؤخرا على تمديد عقده مع آيرلندا لمدة عامين. ومع انتهاء ذلك العقد، سيكون أونيل قد وصل إلى عامه الثامن والستين، علاوة على أن بعض الأندية الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز لا تريد التعاقد مع مدير فني لا يقدم كرة قدم جميلة وممتعة، كما هو الآن مع منتخب آيرلندا.
في البداية، يجب أن نلقي نظرة فاحصة على منتخب آيرلندا قبل أن نسأل أنفسنا عن السبب الذي لا يجعل الفريق يقدم كرة قدم جميلة. ويجب أن نعرف أن 18 لاعبا من اللاعبين الذين استدعاهم أونيل لمباراة آيرلندا أمام ويلز يلعبون في دوري الدرجة الأولى، في حين لا يلعب سوى 11 لاعبا في الدوريات الممتازة. ومن بين هؤلاء اللاعبين، لم يكن هناك إلا ثلاثة لاعبين فقط يلعبون لأندية أنهت الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي في النصف العلوي من جدول الترتيب. وبالتالي، لا يجب أن يشعر المرء بالعجب عندما تستحوذ الفرق المنافسة على الكرة أمام آيرلندا.
في الحقيقة، هناك عدة طرق لتحقيق الفوز في كرة القدم، وقد فاز أونيل ببطولة كأس الاتحاد الأوروبي أمام هامبورغ عام 1980 بطريقة دفاعية انتقدتها الصحافة الألمانية، ووصفها بريان غلانفيل في صحيفة «صنداي تايمز» بأنها «جبن تكتيكي». فهل تعتقدون أن أونيل سوف يقلق من عدم تقديم كرة قدم جميلة لو تمكن من قيادة آيرلندا للوصول لنهائيات كأس العالم بروسيا الصيف المقبل بتشكيلة هي الأسوأ منذ فترة طويلة بالنسبة للمنتخب الآيرلندي؟
وفي الوقت الراهن، تعد السيرة الذاتية المميزة لأونيل هي أفضل رد، كما كانت الحال دائما. ويتذكر روبرتسون عمل أونيل في مجال التأمين، قائلا: «باعترافه هو شخصيا، لم يكن أونيل الأفضل فيما يتعلق بالخدمات المالية التي كنا نحاول بيعها، لكنه كان يبدو كما لو كان يعرف العمل من الداخل بصورة جيدة للغاية».


مقالات ذات صلة

الدوري المصري: الأهلي يفرط بنقاط الاتحاد السكندري

رياضة عربية من مباراة الأهلي والاتحاد السكندري (الأهلي)

الدوري المصري: الأهلي يفرط بنقاط الاتحاد السكندري

فشل فريق الأهلي في الحفاظ على تقدمه بهدف نظيف أمام الاتحاد السكندري، وتعادل معه 1/1 في المباراة التي جمعتهما ضمن منافسات الجولة الثالثة من الدوري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية روبن أموريم المدرب الجديد لمانشستر يونايتد (رويترز)

أموريم: أنا «الحالم» القادر على إعادة أمجاد يونايتد!

قال المدرب البرتغالي روبن أموريم إنه الرجل المناسب لإعادة مانشستر يونايتد أخيراً إلى مجده السابق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية النيجيري الدولي فيكتور بونيفاس مهاجم باير ليفركوزن (أ.ف.ب)

ليفركوزن يخسر بونيفاس «مباريات عدة»

خسر باير ليفركوزن بطل ألمانيا جهود مهاجمه النيجيري الدولي فيكتور بونيفاس «مباريات عدة» بعد عودته من النافذة الدولية الأخيرة مصاباً.

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني سيخوض مباراته رقم 700 مدرباً لأتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني ممتن للوصول إلى 700 مباراة مع أتلتيكو

سيخوض دييغو سيميوني مباراته رقم 700 مدرباً لأتلتيكو مدريد عندما يستضيف ألافيس في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم، السبت.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ف.ب)

فونسيكا: نحترم يوفنتوس لكننا لا نخشاه

قال باولو فونسيكا مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه لا يهاب مواجهة يوفنتوس.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.