السعودية: تصميم حزمة جينية للتعرف على السرطان الوراثي

سجّل مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصّصي ومركز الأبحاث بالسعودية، إنجازاً في حقل الأبحاث الطبية للسرطان، عبر تصميم حزمة جينية تستطيع التعرف على المرضى الذين يعانون من سرطان عائلي أو من لديهم استعداد وراثي للإصابة بالسرطان، من خلال فحص عينة صغيرة من دم المريض.
تحتوي الحزمة الجينية على 41 جيناً مجتمعة أطلق عليها الفريق العلمي اختصاراً اسم «الأملH.O.P.E »، (Hereditary Oncogenesis edisposition Evaluation).
وذكر المركز في بيان أنّ باحثيه درسوا وطبقوا فحص فاعلية هذه الحزمة الجينية على 1300 مريض سعودي بالسرطان، ونُشرت نتائج هذا البحث في مجلة الموروثات البشرية (Human Genetics) الأميركية، وكذلك تم تسجيل براءة التصميم لهذه الحزمة الجينية لفحص السرطان الوراثي في مكتب البراءات الأوروبية.
وشمل المسح الجيني باستخدام الحزمة الجينية (H.O.P.E) مرضى بالسرطان يعانون من أحد السرطانات الأربعة الأكثر شيوعاً في المملكة (146 مريض سرطان غدة درقية، 698 مريض سرطان ثدي، 117 مريضة سرطان مبيض، 352 مريض سرطان قولون ومستقيم)، وجرى الاعتماد بصورة عامة على العمر كمتطلب لإدخال المرضى في هذه الدراسة، إذ إنه من المعروف أن المرضى الذين يعانون من السرطانات الوراثية يصابون في عمر أصغر بكثير من مرضى السرطان الآخرين.
واستطاعت الحزمة الجينية (H.O.P.E) من خلال استخدام عينة صغيرة لدم المريض أقل من 1 ملل، التعرف على وجود أسباب وراثية عائلية لنحو 22 في المائة من سرطان المبيض، و18 في المائة لسرطان الثدي والقولون، و2.5 في المائة من سرطان الغدة الدرقية، وذلك لمرضى السرطان ممن هم دون سن الـ40.
وفي ذلك، أوضحت الدكتورة خولة الكريّع، كبيرة علماء أبحاث السرطان رئيسة الفريق العلمي الذي قام بهذه الدراسة، أنّ من أهم التحديات التي تواجه أطباء السرطان وعلماء أبحاث الوراثة، القدرة على التعرف بدقة على السرطانات الوراثية أو السرطانات ذات القابلية الوراثية التي تنتج عن الإصابة بعطب في جين معين، وهذا العطب قد يورَّث بين أفراد العائلة الواحدة ويُتوارث أيضاً من جيل لآخر. وتابعت: «على الرغم من أنّ هذا النوع من السرطان الوراثي في الغالب لا يشكل نسبة عالية من السرطان فإن الأطباء وعلماء الوراثة مهتمون جداً بالتعرف على الطفرة الجينية المسببة للسرطان الوراثي لسهولة منع حدوثه عند أفراد عائلة المصاب، وبالتالي العمل على وقاية أفراد العائلة من الإصابة بالسرطان وذلك من خلال برامج توعية وقائية للمرضى الذين لديهم استعداد وراثي للسرطان، وبتكثيف الفحوصات الدورية المبكرة أو من خلال إجراء جراحة وقائية لمنع ظهور أو حتى انتشار المرض بعد ظهوره في مراحله المبكرة». ولفتت إلى أنّ ما دفع الفريق العلمي إلى إجراء هذه الدراسة هو ملاحظة عدم وجود برامج أو عيادات متخصصة في السرطانات الوراثية في المملكة، إضافة إلى عدم وجود دراسة علمية على شريحة كبيرة من المرضى للتعرف على نسبة السرطان الوراثي أو مدى انتشاره بين المرضى السعوديين.
وقالت الكريع: «لعل افتقارنا لبرامج الوقاية من السرطانات الوراثية قد يكون أحد الأسباب لتسارع وازدياد نسبة السرطان في سن مبكرة لدى السعوديين، لذا صممنا حزمة جينية لا تحتوي فقط على الجينات الأساسية المستخدمة في التعرف على السرطان الوراثي في العِرق الأميركي والأوروبي وإنّما أضفنا إليها جينات إضافية اعتمدنا فيها على نتائج أبحاثنا العلمية على مرضانا السعوديين والمنشورة في المجلات المحكمة، إضافة إلى نتائج أبحاث المراكز العلمية العالمية الأخرى، وهذه الحزمة أطلقنا عليها اسم أمل (H.O.P.E)».
وتطرقت إلى أنّ الدراسة ذات أهمية كبيرة في التخطيط لبرامج وطنية شاملة للوقاية من السرطان الوراثي في المملكة، إذ تعتبر الأشمل من نوعها على مرضى السرطان السعوديين، كما أنّ نتائج الدراسة التي نُشرت، تثبت أهمية وتفوق الفحص الجيني -الذي أصبح سهلاً وفي متناول جميع المراكز الطبية المتقدمة– لتفوقه على الطرق التقليدية في التعرف على المرضى الذين لديهم قابلية للسرطان الوراثي، ومن المعروف أنّ هذه الطرق التقليدية تعتمد على التاريخ العائلي للسرطان الذي قد لا يكون معروفاً أو متوفراً للأطباء.
وأشارت إلى أنّ الفحص الجيني باستخدام الحزمة الجينية (H.O.P.E)، استطاع التعرف على عطب جيني وراثي في نحو 81 في المائة من سرطان المبيض، و63 في المائة من سرطان الثدي، من المرضى الذين لا يوجد لديهم تاريخ عائلي للسرطان، وبالتالي فإن الفحص الجيني سيؤدي إلى التعرف على نسبة أكبر من أفراد عائلة المصاب بالسرطان الوراثي ثم الاستفادة من برامج الوقاية.
وأكدت الكريع أن البرامج الوقائية للسرطانات الوراثية أسهمت إلى حد كبير في خفض نسبة الإصابة بالسرطان في الدول المتقدمة في العقد الأخير والتي يعرف عنها صغر متوسط أفراد العائلة، لذا فإنّنا نرى أن فعالية برامج الوقاية الوطنية من السرطان الوراثي سيكون لها دور أكثر فاعلية وتأثيراً لدى المجتمع السعودي. وذلك من خلال الفحص الجيني لحزمة (H.O.P.E)، خصوصاً أنّ معدل عدد أفراد الأسرة السعودية ضعف عدد أفراد الأسرة الغربية.