البيشمركة تنسحب من أطراف كركوك... وتتحسب لهجوم كبير

مع تقدم القوات الأمنية و«الحشد»... أكراد يحملون السلاح للدفاع عن المدينة

معسكر سابق للبيشمركة في تازة جنوب كركوك استعادته القوات العراقية أمس (أ.ف.ب)
معسكر سابق للبيشمركة في تازة جنوب كركوك استعادته القوات العراقية أمس (أ.ف.ب)
TT

البيشمركة تنسحب من أطراف كركوك... وتتحسب لهجوم كبير

معسكر سابق للبيشمركة في تازة جنوب كركوك استعادته القوات العراقية أمس (أ.ف.ب)
معسكر سابق للبيشمركة في تازة جنوب كركوك استعادته القوات العراقية أمس (أ.ف.ب)

رغم إعلان «الحشد الشعبي» والقوات العراقية الأخرى سيطرتها على بعض المناطق الخاضعة لقوات البيشمركة في ناحية تازة جنوب غربي كركوك، إلا أن قوات البيشمركة نفت تسليمها لأي مناطق، وأكدت أنها نفذت عملية انسحاب تكتيكية من بعض المناطق التي قالت إنه «لا أهمية عسكرية لها».
وشهدت الليلة قبل الماضية، وأمس، توتراً ملحوظاً بين قوات البيشمركة، و«الحشد» والقوات العراقية الأخرى، التي تحشد منذ أيام عشرات الآلاف من مقاتليها في المناطق القريبة من الخطوط الأمامية لقوات البيشمركة جنوب غربي كركوك، التي أوشكت أن تكون ساحة لمعارك بين الأكراد ومسلحي «الحشد» والقوات الحكومية العراقية على خلفية التدهور الذي شهدته العلاقات بين الجانبين، بعد أن أقدمت أربيل على إجراء استفتاء الاستقلال في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، ومطالبات بغداد بانسحاب البيشمركة من المناطق المتنازع عليها، من ضمنها كركوك، الأمر الذي ترفضه القيادة الكردستانية جملة وتفصيلاً.
وأوضح اللواء قارمان كمال عمر، نائب رئيس أركان قوات البيشمركة لـ«الشرق الأوسط»: «تجنباً لوقوع أي اصطدام عسكري بين القوات العراقية وقوات البيشمركة، انسحبت قواتنا بضعة كيلومترات، أي إلى الخط الثاني في ناحية تازة، وما زالت موجودة في حدود الناحية»، لافتاً إلى أن القوات العراقية التي قدمت إلى محافظة كركوك تتآلف من «الحشد» ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، والهدف من قدومها هو خوض المعارك ضد قوات البيشمركة، مبيناً أن هذه القوات تمركزت أمام خطوط البيشمركة في تلك المناطق. وأكد أن قوات البيشمركة «لن تبادر أبداً بالهجوم، لكن فيما إذا بادرت القوات العراقية بذلك فإنها سترد عليها».
بدوره، قال قائد «قوات 70» التابعة لوزارة البيشمركة الشيخ جعفر شيخ مصطفى، في مؤتمر صحافي عقده في كركوك: «حررت قوات البيشمركة، قبل ثلاثة أعوام، بعض المناطق من (داعش) في كركوك، وأنشأت السواتر لمواجهة التنظيم آنذاك، ومنعته من الهجوم على المنشآت الصناعية وسكان كركوك، ونفذت اليوم (أمس)، وبحسب خطة تكتيكية، انسحاباً من هذه المواقع إلى مواقعها الأصلية فقط».
وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، نفذت قوات البيشمركة أمس انسحاباً تكتيكياً من مساحة أرض بعمق أربع كيلومترات وطول 18 كيلومتراً من أحد مواقعها في ناحية تازة، بينما أعلنت المديرية العامة لقوات «الآسايش» (الأمن) في كركوك، في بيان لها، أمس، أنه بأمر مباشر من منصور بارزاني (نجل رئيس الإقليم مسعود بارزاني) القائد في قوات البيشمركة وصل اللواء الأول من القوات الخاصة وقوات «كولان» وقوات الإسناد الأولى والعديد من ألوية قوات الزيرفاني (النخبة) وعشرات الآلاف من قوات البيشمركة المدججين بالأسلحة الثقيلة إلى مدينة كركوك استعداداً للدفاع عنها.
ودعت أمس القيادة العامة لقوات البيشمركة مقاتليها إلى «التأهب والاستعداد للدفاع عن كركوك وشعب وأرض كردستان» بعد مواصلة القوات العراقية احتشادها في أطراف المدينة. وأكدت أنها ضد الاقتتال وإراقة الدماء لكنها ترفض لغة التهديد والوعيد، وطالبت بغداد بحل المشاكل عبر الحوار بدلاً من تحريك القوات والتعامل من منطلق فرض القوة.
من جهته، شدد نائب مجلس قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، عدنان كركوكي، على أن الوضع الحالي في كركوك مستقر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القوات الأمنية تحافظ على الأمن الداخلي في كركوك، والحياة طبيعية في المدينة، ولم تشهد المحافظة أمس أي تحركات جديدة؛ قوات البيشمركة تتمركز في مواقعها والقوات العراقية أيضاً، لكن نتوقع حدوث هجوم أو نشوب معارك لأن هناك أعداداً كبيرة من القوات العراقية قد وصلت حدود المحافظة، وقوات البيشمركة اتخذت كافة استعداداتها لمواجهة أي ظرف طارئ»، مضيفاً أن قوات «التحالف الدولي» على علم بهذه التحركات، وطائراتها كثفت من طلعاتها في سماء المدينة.
وأغلقت محال تجارية في كركوك أبوابها، أمس، وتوجه عدد كبير من السكان إلى محطات المحروقات للتزود بالوقود، فيما حمل آخرون أسلحتهم تحسباً للأسوأ، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال متين حسن، وهو صاحب فرن: «أغلقت فرني اليوم خوفاً من وقوع صدام عسكري يدفع ثمنه المواطن العراقي الفقير». وسارع كثيرون يحملون حاويات بلاستيكية إلى محطات الوقود للحصول على بنزين وتخزينه.
وفي الأحياء الشمالية ذات الغالبية الكردية، حمل البعض أسلحتهم. وقال خسرو عبد الله وهو يحمل سلاحاً في حي رحيم أوه: «نحن على استعداد للقتال إلى جانب قوات البيشمركة». وأكد أراس محمود، وهو شاب من حي الشورجة في وسط المدينة، وهو يحمل بندقية كلاشنيكوف: «سندافع عن كركوك حتى الموت ولن نسمح لأي قوة باقتحامها».
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن مراراً أنه لا يعتزم الذهاب لما هو أبعد وشن هجوم فعلي على الإقليم. وقال متحدث باسم الجيش العراقي إن تحركاته قرب كركوك تهدف لتأمين منطقة الحويجة القريبة التي تمت استعادتها من تنظيم داعش قبل نحو أسبوع.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.