عون في ذكرى إخراجه من قصر بعبدا: عاد الحق إلى أصحابه

استمرار الجدل اللبناني حول عودة السوريين

عون مستقبلا وفد «الصليب الأحمر الدولي» أمس (دالاتي ونهرا)
عون مستقبلا وفد «الصليب الأحمر الدولي» أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون في ذكرى إخراجه من قصر بعبدا: عاد الحق إلى أصحابه

عون مستقبلا وفد «الصليب الأحمر الدولي» أمس (دالاتي ونهرا)
عون مستقبلا وفد «الصليب الأحمر الدولي» أمس (دالاتي ونهرا)

بعد 27 سنة على خروجه من القصر الجمهوري بعملية عسكرية سورية، أحيا رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون هذه الذكرى من بعبدا للمرة الأولى في موقعه رئيساً للبنان، وقال: «قضيتنا لم تكن عفوية وشعبوية، بل كانت قضية تمسّ أسس بناء الدولة، ذلك أن الدولة التي لا تتمتع بسيادة واستقلال وحرية لا يمكنها أن تبني نفسها بنفسها».
وفي 13 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1990 التي يحيي «التيار الوطني الحر»... «ذكرى شهدائها» سنويّاً، عمدت قوات النظام السوري إلى شن هجوم واسع على مواقع الجيش اللبناني والقصر الجمهوري في بعبدا، حيث كان رئيس الحكومة الانتقالية حينها ميشال عون الذي رفض القبول بـ«اتفاق الطائف»، معتبراً دخول الجيش السوري إلى لبنان «احتلالاً»، ما أدى إلى خروجه نتيجة اتفاق إلى السفارة الفرنسية في بيروت، قبل أن ينتقل إلى فرنسا ويبقى فيها منفياً حتى عام 2005 ويعود إلى بيروت بعد خروج الجيش السوري من لبنان إثر اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وينتخب في نهاية شهر أكتوبر العام الماضي رئيساً للجمهورية نتيجة تسوية سياسية.
واعتبر عون خلال استقباله وفد الجامعة الأنطونية أن «اليوم هو زمن عودة الحق إلى أصحابه»، متمنياً أن «تحمل الانتخابات النيابية عقلية وذهنية جديدتين تتأقلمان مع المتغيرات التي تشهدها دول العالم كافة».
وأضاف: «اليوم هو زمن عودة الحق إلى أصحابه، وقضيتنا لم تكن قضية عفوية ولا شعبوية، بل كانت قضية تمس أسس بناء الدولة. كل من اعتقد أنه، في ظل الاحتلال، يمكنه بناء دولة، تبين له أن هذا لم يكن بخيار بل إذعاناً لوضع قائم وخوفاً من المواجهة، فالدولة التي لا تتمتع بسيادة ولا باستقلال ولا بحرية لا يمكن لها أن تبني نفسها بنفسها. وقد تبين أنه في ظل الاحتلال، لم يحصل التغيير المنشود. اليوم هناك مدرسة أخرى وصلت إلى الحكم من خارج المدارس التقليدية التي حكمت لبنان منذ الاستقلال إلى اليوم».
واعتبر أن «قانون الانتخاب الذي أقر يختلف عن قانون الانتخاب الذي كان سائداً في 2009 وفي عام 1960 أو غيره»، مضيفاً: «كذلك فإننا أدخلنا التغيير في الحياة الدبلوماسية من خلال التشكيلات التي اعتمدت، وسفراؤنا المنتشرون في العالم باتت لهم مهمات جديدة، وفق تفكير حديث. وقضاؤنا أيضاً سيُسهِم في التغيير المنشود، خصوصاً من خلال الإسراع في البت بالدعاوى والشكاوى».
وتابع: «البعض يسأل: ماذا عمل لنا الرئيس؟ وهم ينتظرون أن أُصلِح تركة 27 سنة في 24 ساعة أو 27 يوماً أو سبعة أشهر... غداً في مناسبة ذكرى السنة على انتخابي، سأتوجه إلى اللبنانيين بما قمنا به. وحين أقوم بحل مسألة عالقة منذ 15 سنة أو9 سنوات وكانت السلطة عاجزة عنها، فذلك يتطلب وقتاً كونها كانت راسخة في ذهنية من كان يتولى الحكم. واني آمل أن تأتينا الانتخابات بعقلية وذهنية جديدتين، ونكون متأقلمين مع جميع المتغيرات الحديثة التي تجري في دول العالم كافة». إلى ذلك، قال عون «إن عودة النازحين السوريين خطوة أساسية لوقف معاناتهم والحد من التداعيات على لبنان»، ذلك خلال لقائه بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان برئاسة كريستوف مارتن، في وقت لا تزال هذه القضية تشكّل موضع سجال في لبنان بين المطالبين بالتنسيق مع النظام السوري لعودتهم، وبين ضرورة أن تكون عودتهم عبر الأمم المتحدة. وبرزت في الأيام الأخيرة دعوة للتظاهر، السبت، في منطقة ذوق مصبح في كسروان، بجبل لبنان الشمالي، للمطالبة بعودة السوريين إلى وطنهم، ورافقت هذه الدعوات شعارات محذرة من أن وجود اللاجئين سيؤدي إلى «فقدان فرص العمل ولقمة العيش» و«انهيار الاقتصاد» وغيرها، في حين أكّدت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين ليزا بوخالد أن موقف «المفوضية» بشأن عودة اللاجئين إلى بلادهم لم يتغيّر. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» «لا نزال نؤكد أننا لن نساعد في عودة هؤلاء إلى بلادهم قبل الحصول على ضمانات لحمايتهم ليس فقط من القصف والاستهداف، إنما أيضاً من الاعتقال وتجنيدهم بشكل إجباري، أما إذا اختاروا هم العودة بإرادتهم فذلك هو قرارهم».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.