أميركا ومصر تطلبان من إسرائيل عدم «التخريب» على المصالحة الفلسطينية

وزير الاستيطان يتحدث عن «حكومة إرهاب»... ورهان إسرائيلي على فشل اتفاق «فتح» و«حماس»

إطلاق طيور احتفالاً باتفاق المصالحة بين حركتي {فتح} و{حماس} في مدينة غزة أمس (رويترز)
إطلاق طيور احتفالاً باتفاق المصالحة بين حركتي {فتح} و{حماس} في مدينة غزة أمس (رويترز)
TT

أميركا ومصر تطلبان من إسرائيل عدم «التخريب» على المصالحة الفلسطينية

إطلاق طيور احتفالاً باتفاق المصالحة بين حركتي {فتح} و{حماس} في مدينة غزة أمس (رويترز)
إطلاق طيور احتفالاً باتفاق المصالحة بين حركتي {فتح} و{حماس} في مدينة غزة أمس (رويترز)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تلقى رسائل حازمة من مقري الرئاسة الأميركية والمصرية تطالبه بالامتناع عن «التخريب» على اتفاق المصالحة الفلسطينية، وإتاحة الفرصة أمام إمكانية نجاحها كون ذلك «مصلحة مشتركة للجميع».
وقالت هذه المصادر إن رد نتنياهو على هذه المصالحة، الذي يبدو للوهلة الأولى سلبياً ومتشدداً، إذ يشترط لقبولها أن تعترف الحكومة الفلسطينية القادمة بإسرائيل كدولة يهودية، وأن يتم تجريد «حماس» من السلاح وقطع علاقاتها مع إيران، إنما هو في الواقع «رد معتدل».
وقال مسؤول في الخارجية الإسرائيلية إن البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة، على لسان «مصادر سياسية»، بعد الإعلان عن اتفاق المصالحة، «كان منضبطاً أكثر من تصريحات نتنياهو في خطابه في حفل يوبيل الاحتلال في الكتلة الاستيطانية «غوش عتصيون». حينذاك، قال نتنياهو «إننا لن نقبل مصالحة مزيفة، يتصالح فيها الفلسطينيون على حساب وجودنا». ولكنه في هذا البيان اختتم بالقول: «إسرائيل ستدرس التطورات الميدانية وستعمل بما يتلاءم مع ذلك».
ورأى هذا المسؤول أن «الانضباط الحذر واللغة الدبلوماسية في هذا البيان كانا مذهلين».
وعزت المصادر السياسية هذا التوجه في لهجة نتنياهو إلى ثلاثة أسباب «الأول يتعلق بمصر ورغبة إسرائيل في عدم الإضرار بالعلاقة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونتنياهو. والسبب الثاني يرتبط بإدارة الرئيس دونالد ترمب التي لم تمتنع عن نقد الخطوة المصرية للمصالحة بين (فتح) و(حماس)، وحسب، إنما منحتها دعماً علنياً أيضاً من خلال تصريحات المبعوث الأميركي الخاص، جيسون غرينبلات، الذي أعلن خلال زيارة لإسرائيل وهو يقف على حدود قطاع غزة، في 30 أغسطس (آب) الماضي، أن على السلطة الفلسطينية أن تأخذ السيطرة على القطاع من أيدي (حماس). فالوسيط غرينبلات لم يرتبك. وأقواله لم تكن زلة لسان وإنما كانت جزءاً من السياسة الأميركية. وهو عاد لتكرار أقواله خلال مؤتمر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، الشهر الماضي. وأما السبب الثالث، فهو ما لا تصرح به القيادة السياسية الإسرائيلية، لكن جهاز الأمن (الإسرائيلي) يشدد عليه في مداولات داخلية، وهو أن عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، حتى لو كان ذلك بشكل جزئي فقط، من شأنه أن يخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية، وينطوي على فرصة».
لكن أوساطاً مهنية وخبراء في السياسة الإسرائيلية يرون أن نتنياهو أجبر على التراخي قليلاً ولكنه غير مقتنع بما حصل من مصالحة فلسطينية - فلسطينية. وأضاف هؤلاء أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ومسؤولين آخرين في حكومته «ينظرون إلى الموضوع بتوجس وقلق تحسباً من أن تدوم هذه المصالحة، خلافاً لاتفاقيات مصالحة سابقة بين الحركتين، فقد قدم الانقسام لإسرائيل خدمة كبيرة. وقد كان من أشد المعبرين عن هذا الموقف رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي)، وزير التعليم نفتالي بينيت الذي تكلم عن اتفاق المصالحة بغضب شديد.
وقال في تغريدة على حساباته في الشبكات الاجتماعية إن «الحكومة الناجمة عن هذه المصالحة ستكون حكومة وحدة الإرهاب».
ويرى هؤلاء أيضاً أن الحكومة الإسرائيلية تبني الآن على احتمال أن تفشل المصالحة الحالية مثلما فشلت سابقاتها، نتيجة للخلافات الفلسطينية والعربية الداخلية. وكما قال المحرر العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، فإن «محادثات القاهرة أبقت بأيدي حماس الأنفاق والمختبرات ومصانع صنع السلاح والطائرات دون طيار وكتائب عز الدين القسام والكوماندوز البحري. وعملياً، بقيت الذراع العسكرية لحماس كما كانت، وتحت قيادة مباشرة وحصرية لحماس. ولذلك يتعاملون في إسرائيل مع الاتفاق على أنه لا احتمال لتطبيقه، بحيث لا ينبغي إهدار طاقة على تشويشه».
وبحسب فيشمان، فإن إسرائيل تعتبر أن موافقة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على اتفاق «لا يمنحه سيطرة على السلاح في القطاع»، تنبع من «حاجته إلى أن يستعرض أمام الإدارة الأميركية صورة حاكم لديه تفويض بالعمل باسم الشعب الفلسطيني... والولايات المتحدة على وشك طرح خطة سياسية للتسوية في الشرق الأوسط، وتصويره (الرئيس الفلسطيني) كشريك شرعي هي غاية عليا بالنسبة إلى عباس... وإسرائيل لا تؤمن بأن حماس ستوافق على التزامات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل»، مضيفاً أن التقديرات تفيد بأن «الحديث عن اتفاق سينتهي بالانهيار في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر. وفي جميع الأحوال، لن تكون حكومة إسرائيل قادرة على العيش مع هذا الاتفاق، حتى لو شمل تعهداً من (حماس) للسلطة بخفض التوتر في غزة، لأن الاتفاق سيلزم إسرائيل بالتنازل عن سياسة الفصل بين غزة والضفة، وهو فصلٌ يسمح لها (أي لحكومة إسرائيل) بالتهرب من عملية سياسية بادعاء أن أبو مازن لا يمثل الأمة الفلسطينية كلها، ولذلك فإنها ليست مستعدة للتنازل بسرعة».
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس الخميس أن الولايات المتحدة «ستتابع عن كثب» تحسن الوضع الإنساني في قطاع غزة بعد اتفاق المصالحة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت للصحافيين في واشنطن «نرحب بالجهد» الذي تبذله «السلطة الفلسطينية لتولي المسؤوليات بالكامل في غزة». وأضافت: «نحن نرى أن (الاتفاق) يمكن أن يشكل خطوة مهمة لوصول المساعدات الإنسانية لأولئك الذين يعيشون هناك».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.