تناقض التوقعات إزاء نجاح «المجلس الاقتصادي الاجتماعي»

انتقاد المحاصصة في اختيار أعضائه وآمال بتحوله إلى «طاولة حوار»

TT

تناقض التوقعات إزاء نجاح «المجلس الاقتصادي الاجتماعي»

أعاد إحياء المجلس الاقتصادي الاجتماعي عبر تعيين الحكومة أول أمس أعضاءه الـ71، الأمل في إمكانية تصحيح الوضع اللبناني المتفاقم بعد سنوات على غياب دوره وحضوره. ورغم تأكيد أعضائه الذين من المتوقع أن ينتخبوا في المرحلة التالية هيئة مكتب المجلس المؤلفة من 7 أعضاء إضافة إلى رئيس ونائب له، يشكّك البعض في قدرة هؤلاء الأعضاء على إحداث خرق في الواقع اللبناني المنقسم سياسيا وطائفيا.
ويقول الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أمس: «رغم محاولة تصوير تعيين أعضاء هذا المجلس على أنه إنجاز لكن الواقع يؤكد أنه عكس ذلك وبالتالي من المستبعد أن يحقّق أي نتائج على غرار ما سبقه». وأوضح «إذا نظرنا إلى توزيع أعضائه تبدو المحاصصة الحزبية والطائفية واضحة وبالتالي لن يكون إلا نموذجا عن السلطة ولن يتمكن من التأثير إذا لم تحظ خططه بموافقة الأحزاب والطوائف التي يمثلونها». هذه المقاربة رفضها رئيس اتحاد الغرف التجارية اللبنانية ورئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير مؤكدا أن القول بتوزيع الأعضاء وفق المحاصصة السياسية غير واقعي، ومشيرا في الوقت عينه إلى أن مهمته هي فقط استشارية ولا تصل إلى القدرة على اتخاذ القرارات، بينما قال بشارة الأسمر، رئيس الاتحاد العمالي العام وممثله في المجلس «المحاصصة في اختيار أعضائه قد لا تختلف عن التعيينات والمؤسسات في الدولة لكن لا يمكن إلا أن نشهد لعدد كبير من أعضائه بالنزاهة ونعول بالتالي على دورهم».
وقال شقير وهو ممثل أصحاب العمل عن القطاع التجاري في المجلس لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لننظر بإيجابية إلى خطوة تعيين أعضاء المجلس خاصة في هذه الفترة الصعبة اقتصاديا واجتماعيا التي يمر بها لبنان، وبذلك فلينتقل الحوار من الشارع، عبر الاعتصامات والتظاهرات، إلى طاولة المجلس لأن لغة الشارع لم ولن تؤدي إلى نتيجة وهذا ما لمسناه في السنوات الأخيرة».
من جهته، أمل بشارة الأسمر لـ«الشرق الأوسط» أن «يتحول هذا المجلس إلى طاولة حوار اقتصادية اجتماعية دائمة بين أصحاب العمل والعمال، والتخفيف قدر الإمكان عن الأعباء التي يعاني منها المواطن اللبناني في حياته اليومية». وفي حين يطالب النظر بإيجابية إلى عمل هذا المجلس، يؤكد أن المطلوب منه العمل على اقتراح حلول لمختلف القضايا، ومنها أزمة النفايات والسير وخطة النقل المشترك وتنظيم عمل المؤسسات والحوار حول السياسة الضريبية وقانون الإيجارات وغيرها من الأزمات التي يعاني منها المجتمع اللبناني.
ولفت شقير إلى أن الهدف الأول سيكون الآن هو انتخاب هيئة مكتب المجلس والرئيس ومن ثم فتح الحوار مع الاتحاد العمالي العام بشأن طلب زيادة رواتب القطاع الخاص لنتوصل إلى حل يرضي الجميع في هذا الإطار وذلك بناء على دراسات لجنة المؤشر حول غلاء المعيشة منذ العام 2012 لغاية الآن، مؤكدا التزامه الاتفاق برفع الحد الأدنى للأجور.
وأوضح في حديث لـ«وكالة الأنباء المركزية» «وقّعت اتفاقاً في هذا الشأن مع الاتحاد العمالي العام في ديسمبر (كانون الأول) من العام 2011. وأنا أحترم ما أوقّع، وبالتالي إنني ملتزم الاتفاق على تصحيح الأجور».
وكانت صرخة المواطنين اللبنانيين مطالبة بتصحيح الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بعد إقرار زيادة رواتب القطاع العام وتمويلها من الضرائب التي طالت كل شرائح المجتمع.
وشرح شقير أن الاتفاق المذكور «يشترط على ألا تتدخّل الدولة في الشطور، وبالتالي يجب إلغاء العمل بهذا البند الذي يسمح لها بذلك، كوننا البلد الوحيد على الكرة الأرضية الذي يلتزم بذلك». وأشار إلى وعد تلقوه من رئيس مجلس النواب نبيه برّي «الذي نثق به كهيئات واتحاد عمالي عام على السواء، بإلغاء تدخل الحكومة في مسألة الشطور. ومن جهتنا، نلتزم كقطاع خاص زيادة سنوية على الحدّ الأدنى للأجور وفق نِسب التضخم، في ضوء مؤشر الغلاء الصادر منذ العام 2012 حتى العام 2017».
وكان المجلس الاقتصادي الاجتماعي قد أنشئ في لبنان عام 1995 تنفيذاً للإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف، وعينت هيئته الأولى عام 1999 «على أن يكون دوره وضع خطط لمعالجة الدين العام والحد من نسبة البطالة في ظل تراجع الاقتصاد وتقديمها للحكومة»، بحسب ما يوضح شمس الدين. لكن لم يسجّل للمجلس الأول الذي كانت تعود فكرة إنشائه إلى النقابات والاتحادات العمالية والأحزاب اليسارية، ليكون مركزا للحوار والتواصل بين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية أي نشاط لافت لهذا المجلس قبل أن يتوقف عمله بشكل نهائي مع نهاية ولايته عام 2002. قبل أن يعود رئيس الجمهورية ميشال عون ويطالب بإعادة تفعيله وصولا إلى تحقيق هذا الهدف يوم أول من أمس بتعيين 71 عضوا يمثلون مختلف القطاعات والمهن الحرة والنقابات والمؤسسات الاجتماعية وغيرها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.