مصري يحوّل «الخردة» إلى نماذج من القطارات

يعشق السكك الحديدية... ويتمنّى إقامة معرض دائم لأعماله

TT

مصري يحوّل «الخردة» إلى نماذج من القطارات

اشتهرت شخصية تاجر الخردة المصري «عبد الغفور البرعي» درامياً من خلال مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي»، التي قدمها الفنان الراحل «نور الشريف» قبل نحو 22 سنة، وتناولت رحلة صعوده من القاع للقمة بعد تجارته في الخردة، ومنها استقى مصري آخر المبدأ الذي كان يعمل به بطل المسلسل: «أنا بلم (أجمع) اللي الناس ترميه وأرجع أخليهم يشتروه تاني»، حيث جعله شعارا له في الحياة، وبما يصب في صالح موهبته.
«أحمد أبو الضياء»، أو كما يلقبه من حوله بـ«أحمد ديزل»، موظف بهيئة سكك حديد مصر، إلا أنّه خرج عن نطاق الوظيفة التقليدي من خلال إعادة تدوير الخردة ومخلفات البيئة والتوفيق بينها وترجمتها في عمل نماذج مصنعة يدويا من القطارات البخارية والجرارات (القاطرات)، وعربات مترو الأنفاق والسيارات والعربات الملكية القديمة، يدفعه إلى ذلك عشقه لعالم السكك الحديدية.
وفي ورشته الصغيرة؛ التي زارتها «الشرق الأوسط»، يعمل هذا الأربعيني على مزج القطع الحديدية والمعدنية والبلاستيكية المستهلكة وغير القابلة للاستعمال مجدداً مع بعضها البعض، محولا إياها إلى نماذج للقطارات بأحجام مختلفة.
يقول «أبو الضياء»: «منذ مرحلة الطفولة لدي موهبة تصليح الأشياء المُعطلة بالمنزل، وجمع القطع المستهلكة خصوصاً مخلفات المطبخ وإعادة توظيفها للاستفادة منها مرة أخرى وكنت ألقى أمامها ترحيبا من عائلتي التي شجعتني أكثر بأن خصصت لي غرفة في المنزل لتكون بمثابة ورشة صغيرة أستطيع أن أقوم فيها بتنفيذ النماذج الخاصة بالقطارات التي أهوى ركوبها وعمل تصميمات لها».
استمر «أبو الضياء» في هوايته بخطوات بسيطة لعدة سنوات، ومع عمله لدى هيئة سكك حديد مصر قام بتنفيذ عدد من نماذج القطارات وإهدائها إلى متحف السكة الحديد الكائن بـ«محطة مصر» (محطة السكك الحديدية الرئيسية في القاهرة)، التي وجد إشادة كبيرة مقابل تنفيذها، وهو ما ساهم في إلقاء الضوء على موهبته، ووجدت إقبالا غير عادي من زوار المتحف، مما دفع أن يطلبوا منه تنفيذ نماذج من القطارات لهم، وهو ما عمل على توسع عمله، فانتقل إلى إحدى الشقق الصغيرة وحوّلها إلى ورشة تحتضن مجسماته التي يصنّعها، لينتقل بأعماله من الهواية إلى الاحتراف.
ويسرد صانع نماذج القطارات أنّ مدير متحف السكة الحديد في آيرلندا، عندما جاء لزيارة متحف مصر، تفاجأ بوجود نموذج لعربة الملك فاروق الملكية، حيث أعجب بتصميمها، وطلب عمل نسخة منها لكي تعرض في متحف آيرلندا، وهو العمل الذي أوكل إليه، وبالفعل تمكن من تصميم ذلك النموذج في 4 أيام، مضيفاً أنّ مدير المتحف الآيرلندي أعجب به للغاية أكثر من إعجابه بالعربة الأصلية، وذلك بعدما تمعّن في الخامات التي وظفت مع بعضها البعض لكي تصنع منها العربة المصغرة، والتي ضمت ماكينات حلاقة ذقن مستعملة ونعل حذاء قديم.
كما يحكي عن أن وزيرة النقل البريطانية عندما حضرت أيضا لزيارة المتحف أعجبتها قاطرة بخارية، مصنوعة عام 1855. وتكرر الأمر حيث طلبت نموذجا، وبالفعل تمكن من صنع نموذج مصغر باستخدام إبر الخياطة وبعض الإكسسوارات وموتور قديم، وهي الخامات التي أعجبت بها الوزيرة للغاية.
وبخلاف المتحف، اشترك «ديزل» العام الماضي في أول معرض فني من نوعه في مصر تحت عنوان «فنون النماذج المصغرة والماكينات»، الذي عرضت فيه نماذج مصغرة ومجسمات صنعها وأبدعها عدد من أصحاب هواية التصنيع اليدوي للنماذج المصغرة.
يتابع «أبو الضياء»: «اعتمادي الأساسي يكون على خامات متواجدة في كل منزل، حيث أكون سعيداً للغاية أنني قمت بتحويل شيء بلا قيمة لمنتج ذي هدف»، ويوضح أنّ أكثر الخامات التي تروق له هي البلاستيك والخشب، وكذلك المعادن بأنواعها، وفي المقابل يصعب إعادة تدوير الزجاج والخزف لأنّه من الصعب تطويعهما. وحسب رأيه، فإنّ إعادة تدوير الخردة والمخلفات فن غير منتشر على مستوى العالم العربي، مبينا أن هناك محاولات فردية، أمّا توظيف المخلفات مع بعضها البعض فقلما يتواجد، وما يظهر فقط هو إعادة الخامات لحالتها الصب.
أما عن الصعوبات التي يواجهها، فيقول صانع نماذج القطارات: «أرى أنّ الفكرة الأساسية للعمل هي الأصعب، فالسؤال دائما يكون كيف سأعمل؟ وكيف أبدّل القطع الأصلية بقطع من الخردة، وكيف سأجمع المخلفات مع بعضها البعض، وهل ستوصل الفكرة أم لا، لذا دائما أقوم بوضع رسم تخيلي للنموذج، الذي يسمح لي بتخيل كيفية توفيق القطع مع بعضها البعض».
ويكشف «أبو الضياء» عن أمنيته في عمل معرض دائم لأعماله، أو قاعة مخصصة لعرض نماذجه، فهو لا يملك مكاناً حاليا للعرض، الأمر الذي فرض عليه تفكيك بعض النماذج التي كان قد صنعها، إلى جانب اقتصار عمله حاليا على تصنيع نماذج وفق الطلبات التي ترِد إليه فقط من جانب هواة السكة الحديد الذين يتردّدون على متحف الهيئة، أو من جانب زوار صفحته على موقع «فيسبوك» التي تحمل عنوان «متحف قطارات أحمد ديزل»، وهي الصفحة التي عملت على الترويج لأعماله، مبينا أنّه صنع أخيراً نماذج قطارات تحكي عن التسلسل التاريخي لتطور قطارات السكك الحديدية وذلك لصالح أحد الهواة.
كما يكشف عن أمنية أخرى وهي تأسيس مصنع للعب الأطفال بشكل غير تقليدي، بحيث تكون مصنّعة من الخردة أيضاً، وهو ما يعمل على تنمية عقل الطفل وتغذية خياله، وهو ما حاول فعله بشكل مبسّط مع أبنائه ونجل شقيقته، حيث يُعلّمهم كيفية التعامل مع المواد القابلة لإعادة التدوير.
ومن مبادئ هذا التعليم الذي يوصي به «ديزل» جميع الرّاغبين في تعلم تصنيع الخردة، هو وضع صورة للنموذج المراد تصنيعه، ثم تخيل كيف يمكن استبدال المكونات الأصلية بأخرى من المخلفات، وذلك «لأنّ الذاكرة فقيرة والاعتماد عليها فقط صعب، وهذه طبيعة النفس البشرية، لذلك فالصورة تسهل إثراء الذوق وتدريب الحس، وهو ما يصبّ في إتاحة استخدام جميع قطع الخردة والمخلفات، فلا توجد حدود للمواد التي يمكن استعمالها في التدوير والابتكار».



نجاح أول عملية فصل لتوأم سيامي في سلطنة عُمان

التوأم السيامي بين أحضان والديهما بعد نجاح عملية الفصل (العمانية)
التوأم السيامي بين أحضان والديهما بعد نجاح عملية الفصل (العمانية)
TT

نجاح أول عملية فصل لتوأم سيامي في سلطنة عُمان

التوأم السيامي بين أحضان والديهما بعد نجاح عملية الفصل (العمانية)
التوأم السيامي بين أحضان والديهما بعد نجاح عملية الفصل (العمانية)

نجحت سلطنة عُمان في إجراء أول عملية فصل توأم ملتصق، من نوع «أمفالوإيشيوباكوس» الذي يُعدُّ أحد أندر أنواع التوائم الملتصقة التي تتشارك في منطقة الحوض، مع ارتباط في الأمعاء والجهاز البولي والأوعية الدموية. واستمرت العملية 19 ساعة. ويخضع التوأم العُماني بعد العملية لرعاية طبية مكثَّفة، وسط تحسُّن مستمر في وضعهما الصحي.

وضمَّ الفريق الطبي الذي أجرى العملية عدداً من الأطباء المختصين في مجالات متعددة، ونخبة من الجرَّاحين والمجموعات الطبية من المستشفى السُّلطاني، ومستشفى خولة، ومستشفى المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية، ومستشفى نزوى، الذين عملوا بتنسيق متكامل ضمن خطة طبية متطورة لضمان النتائج الفضلى.

وقال الدكتور محمد جعفر الساجواني (طبيب استشاري أول في جراحة الأطفال بالمستشفى السُّلطاني)، رئيس الفريق الطبي في عملية فصل التوأم السيامي، إنّ التوائم الملتصقة من الحالات النادرة جداً، ولسوء الحظ فإن كثيراً من الأطفال لا يعيشون، إما قبل الولادة وإما أثناءها وإما بعدها، نتيجة التشوهات الخلقية التي لديهم، وهناك كثير من حالات الالتصاق الأخرى، إلا أنّ الالتصاق في منطقة الحوض من الحالات القليلة جداً؛ خصوصاً لدى البنات، وهو ما يزيد من تعقيدها لوجود كثير من الأجهزة في هذه المنطقة المعقَّدة.

ونقلت عنه «وكالة الأنباء العمانية» قوله: «كنا نتابع الحالة أثناء الحمل، وتمّ التواصل مع أطباء الحوامل، وقررنا أن يتم إجراء العملية وعلاجهما في سلطنة عُمان، وجرت الولادة بكل يُسر، وتمَّ نقل التوأم إلى العناية المركزة للأطفال الخُدَّج»؛ مشيراً إلى «وجود بعض التحدِّيات التي استطعنا تجاوزها خلال 11 شهراً من التحضيرات والاجتماعات والأشعات، لمعرفة مكان الالتصاق والأجهزة المشتركة بين التوأم».

وأضاف أنّ «ما ساعدنا في التحضير للعملية هو التخصُّصات والكفاءات العُمانية الموجودة في سلطنة عُمان؛ حيث أجرينا العملية في السابع من فبراير (شباط) الماضي، وتحقق فصل التوأم بنجاح».

وأوضح الدكتور علي بن طالب الجابري (طبيب استشاري أول عناية مركزة لحديثي الولادة)، رئيس قسم العناية المركزة لحديثي الولادة، أنَّ أطباء النساء والولادة اكتشفوا الحالة مبكراً، ثم تم التنسيق مع أطباء العناية المركزة لتكون ولادتهما آمنة بعملية قيصرية، وتكلَّلت الجهود بعمل مؤسسي وتخطيط مدة سنة تقريبًا، بدأ بمتابعة يومية لحالة التوأم وما بها من مضاعفات تم التغلب عليها، وبعدها خطَّط أطباء الجراحة والتخدير والتجميل والأشعة لإجراء العملية، مؤكّداً أنّ هذا النجاح هو نجاحٌ للنظام الصحي ونجاحٌ للأطباء العُمانيين القادرين على تنفيذ هذا النوع من العمليات النادرة.

سلطنة عُمان تنجح في إجراء أول عملية فصل لأحد أندر أنواع التوائم السيامية (العمانية)

وقالت الدكتورة نوال بنت عبد الله الشرجية (طبيبة استشارية في جراحة المسالك البولية للأطفال)، إنه في حالة التوأم السيامي الملتصق من الحوض، تكون هناك التصاقات في المسالك البولية وفي الحوالب، وهذه من أبرز التحدِّيات التي واجهناها خلال الجراحة، مؤكِّدة أن وجود فريق متميز من أطباء الأشعة ساعد في كشفها، واستطعنا التعامل معها، وخططنا لها منذ 11 شهراً.

من جانبه، أشار الدكتور مسعود بن ناصر العبدلي (طبيب استشاري في جراحة عظام الأطفال بمستشفى خولة) إلى أنه جرى تكوين فريق جراحة عظام الأطفال من مختلف التخصُّصات المعنية بجراحة عظام الأطفال، منها جراحة العمود الفقري، وجراحة الحوض، من مختلف المستشفيات، مضيفاً أنه عُقدت اجتماعات تحضيرية كثيرة لمناقشة التفاصيل؛ سواءً داخل الفريق نفسه أو مع التخصُّصات الأخرى للاستعداد لهذه العملية، وتمثَّل دور جرَّاحي عظام الأطفال في فصل التوأم في منطقة الحوض، وعمل قطع حوضي لتقريب الأطراف السفلية بعضها مع بعض.

ونقلت «وكالة الأنباء العمانية» عن سعيد المصلحي، والد التوأم، شكره للمسؤولين العمانيين، مشيداً بتفاني الفريق الطبي واحترافيته، وكل من أسهم في إجراء هذه العملية النوعية التي تكللت بالنجاح.