السيسي يدشن المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة

أكد أن الإرهاب لن يعيق تحقيق التنمية في سيناء

TT

السيسي يدشن المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، إن «جهود التصدي للإرهاب لن تمنعه من تنفيذ تنمية حقيقية في سيناء»، التي تشهد اضطرابات أمنية وتفجيرات لجماعات مسلحة تتبع تنظيم داعش المتشدد.
وجاء تصريح السيسي خلال الاحتفال بتدشين المرحلة الأولى للعاصمة الإدارية الجديدة، التي تقع على بعد 45 كيلومترا شرق القاهرة، وذلك بحضور رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، وعدد من الوزراء.
وتعد العاصمة الجديدة أحد مشروعات السيسي العملاقة لتطوير اقتصاد البلاد، وجاءت بهدف خروج جميع أجهزة الدولة الإدارية ووزاراتها من زحام القاهرة، غير أن القاهرة ستظل هي العاصمة الرئيسية.
وخلال افتتاحه أمس، قال السيسي إن «تصدينا للإرهاب في سيناء لن يمنعنا من تحقيق تنمية فيها»، مضيفا أن «مواجهة الإرهاب والتطرف لا بد أن تكون بالإعمار والتنمية». وتابع موضحا: «لا بد من إعمار المناطق الجنوبية والغربية وشلاتين وشرق العوينات»، مشددا على أن «زيادة الجهود في إعمار تلك المناطق تأتي بسبب أهميتها الاستراتيجية».
وأضاف السيسي: «البعض لا يدرك حجم الجهد والتكلفة المالية لتحقيق التنمية في خمس محافظات، هي الإسماعيلية وبورسعيد والسويس وشمال وجنوب سيناء. نحن نتحدث عن 150 مليار جنيه لتحقيق ذلك».
ووجهت بعض الدوائر السياسية والمجتمع المدني انتقادات لبناء عاصمة إدارية جديدة، باعتبار أن المشروع باهظ التكلفة في بلد يعاني من أزمات اقتصادية، وأن ميزانيته لا بد أن توجه للصحة والتعليم كأولوية. لكن السيسي رد على تلك الانتقادات قائلا: «بعض الناس يتحدثون عن الأولويات، وأنا أؤكد في هذا الجانب أننا لا نملك تأجيل أي مشروع، فالبلد تنبض بالحياة، ومن ثم لا بد أن تنبض أولوياتنا أيضا بالحياة، ورغم أن كل المؤشرات توضح أننا نتحرك بمعدل عال، لكنني أرى أننا في أول خطوة لبناء دولة حديثة تحترم من الدول جميعا، وهو أمر لا يتحقق إلا بالجهد والعرق والتخطيط».
وتابع السيسي مبرزا أن «مشروع العاصمة الإدارية لم يكن على حساب تحرك الحكومة في كل المشاريع والأولويات الأخرى»، مؤكدا أنه يسعد بأي نقد من أي شخص يملك العلم والإلمام بالموضوع الذي يتحدث فيه، والتحديات التي تواجهها الدولة حاليا.
وأكد الرئيس المصري أن «التاريخ سيتوقف كثيرا أمام حجم الإنجازات التنموية الحالية»، مضيفا أن «ما يتم تنفيذه لا يخص العاصمة الإدارية الجديدة وحدها، لكنه ضمن جيل من المدن الجديدة»، مؤكدا أن «ما يتم في المدن الجديدة ليس على حساب مشروعات التنمية المستدامة في المدن الأخرى».
وتابع الرئيس السيسي قائلا: «لا أحد يتصور أن ما نتحدث عنه يتعلق بالعاصمة الإدارية فقط، ولكن التخطيط يخص المدن الجديدة»، وأضاف السيسي أن وزير الإسكان تحدث عن 850 ألف مواطن يعيشون في أماكن صعبة أو خطرة، ولا بد لهم أن يعيشوا في أماكن تليق بهم وبمصر، وقال بهذا الخصوص: «نحن نتحدث عن دولة تضم 100 مليون مواطن، وفي حال توقف النمو فإن حركة النمو العشوائي ستسبق، وتحدث مشكلات ضخمة في شبكة الطرق والبنية الأساسية ومياه الشرب والكهرباء، وستضطر الحكومة إلى حل هذه المشكلات المترتبة عن النمو العشوائي»، مضيفا أن «الجيل الجديد من المدن يسعى إلى استدامة النمو الذي يتناسب مع حجم سكان مصر».
وتساءل الرئيس السيسي: «أليس من حقنا أن نحلم... أليس من حقنا أن تكون لدينا 13 مدينة بهذا المستوى... حين يتحدث أحد عن الأولويات أقول لا أستطيع أن أهتم بقطاع دون قطاع، فلا يمكن أن أهتم بقطاع الصناعة دون التجارة، أو أهتم بالمياه دون الكهرباء، ولا أستطيع أن أهتم بمدن دون الصرف الصحي».
ونوه السيسي بضرورة «ألا يتصدى أحد لمواضيع كموازنة الدولة، دون أن يكون ملما بكل الأمور ذات الصلة، على اعتبار أن القضايا مترابطة بعضها مع بعض، وتؤثر كل قضية في الأخرى». وأكد أن فلسفة العمل في العاصمة الإدارية الجديدة هو إحداث واقع على الأرض، وقال بهذا الخصوص إن «فلسفة عملنا في العاصمة لم تكن مبنية على أن يتم طرح مشروع للمجتمع لكي نأخذ أموالا، لكن فلسفة عملنا في هذا المشروع هي أن نعمل جهدا كبيرا لإحداث واقع على الأرض، مثل ما نشهده اليوم ثم يتم طرحه للمجتمع».
وزاد قائلا: «وافقنا على طرح 10 آلاف فدان للمستثمرين في إطار الجزء الأول، ثم 40 ألف فدان، وهما القاطرة لـ170 ألف فدان، وتخطيط وتنفيذ مثل هذه المشروعات يحتاج من 20 إلى 25 عاما للانتهاء منه، لكننا نتحدث عن عام أو 18 شهرا».
وأكد السيسي، أنه سيتم نقل مقرات الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة بفهم جديد، وقدرة جديدة، ونظام جديد في المكان الذي تم تجهيزه، وقال إن الحكومة تحاول إزالة جميع المعوقات في المقرات الجديدة... ووزارة التخطيط تعمل بتعاون مع الوزارات المختلفة على تجهيز وتأهيل أعضاء الحكومة، الذين سيتم نقلهم بالشكل الجديد الذي نريده.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».