البرلمان اللبناني يقر سلّة ضرائب لتمويل زيادة الرواتب

«الكتائب» يدرس إمكانية الطعن في القانون مجدداً

مجلس النواب اللبناني في جلسة أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
مجلس النواب اللبناني في جلسة أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

البرلمان اللبناني يقر سلّة ضرائب لتمويل زيادة الرواتب

مجلس النواب اللبناني في جلسة أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
مجلس النواب اللبناني في جلسة أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)

أقر البرلمان اللبناني سلة جديدة من الضرائب، لتأمين الواردات المالية لـ«سلسلة الرتب والرواتب»، (زيادة رواتب موظفي القطاع العام)، وأغلبها ورد في القانون الضرائبي السابق الذي أبطله المجلس الدستوري. ولاقت الضرائب اعتراضا من نواب المعارضة، في وقت دافع فيه وزير المال علي حسن خليل عنها، عادّاً أن «مردودها لا يقتصر على تمويل (السلسلة) فحسب؛ بل يهدف إلى تقليص العجز في الموازنة العامة»، فيما اتهم رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل السلطة بـ«استخدام الوفر الذي ستؤمنه الضرائب، وتمويل حملتها الانتخابية من جيوب المواطنين». وأكد أنه «سيدرس إمكانية الطعن بهذا القانون».
الضرائب القديمة الجديدة، رفعت نسبة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) من 10 في المائة إلى 11 في المائة، كما زادت الرسوم على المشروبات والكحول والسجائر المستوردة، وعلى الطابع المالي ومعاملات كتّاب العدل، وفرضت رسماً على المسافرين في الدرجة الأولى (مائة دولار) والرحلات الخاصة (267 دولاراً)، وعلى المسافرين في الدرجة السياحية (37 دولاراً)، وفرضت رسوماً على الآتين إلى لبنان برّاً بنسبة ضئيلة جداً لا تتعدى 3 دولارات.
وزير المالية علي حسن خليل، أكد خلال الجلسة النيابية، أن «الإجراءات الضريبية هدفها الفعلي تقليص العجز في الموازنة بغض النظر عن (السلسلة)». وقال: «كل من يتحدث عن الإجراءات الضريبية شارك بزيادة الإنفاق، ولا يزايدنّ أحد في هذا الموضوع، وخدمة الدين زادت خلال سنة واحدة 760 مليار ليرة (نحو 500 مليون دولار)».
وتوقّف رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، عند ما أعلنه وزير المال، بأنّ «الضرائب التي فرضت لا علاقة لها بـ(سلسلة الرتب والرواتب)». وقال: «لهذا السبب اعترضنا عليها، وكان الحقّ معنا». ودعا اللبنانيين إلى أن «يحاسبوا على ما حصل. نحن قمنا بواجباتنا لنوفّر غلاء المعيشة على الناس»، عادّاً أنّ «الهدف هو زيادة مدخول الدولة من أجل تمويل الحملة الانتخابية للسلطة على حساب المواطن، في ظلّ العجز القائم». وختم الجميل: «سندرس مجريات الجلسة، والتعديلات التي ستحصل على القانون، وسنرى إذا (ما كانت) هناك إمكانيّة لتقديم طعن أمام المجلس الدستوري».
وتضاربت التقديرات حول القيمة التي ستوفرها الضرائب، حيث عدّ عضو كتلة «الكتائب» النائب فادي الهبر، أن «الضرائب التي أقرّت هي نفسها التي أبطلها المجلس الدستوري، وتطال بالدرجة الأولى فقراء الشعب اللبناني، خصوصاً ما يتعلّق بزيادة الرسم على الهاتف والطوابع البريدية». ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الضرائب التي أقرت تفوق إيراداتها 1900 مليار ليرة لبنانية (مليار و266 مليون دولار أميركي)، علما بأن تكاليف (سلسلة الرتب والرواتب) تقدّر بـ(800) مليون دولار سنوياً»، عادّاً أن الحكومة «تترجم عجزها السياسي والسيادي، وعجزها عن تحقيق الإصلاح، بضرائب على الفقراء».
لكنّ عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري، خالف زميله في هذه التقديرات، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضرائب التي أقرّت بالكاد تغطي مصاريف (سلسلة الرتب والرواتب) التي تبلغ 1490 مليار ليرة (993 مليون دولار أميركي)، وبالتالي، فإن عجز الموازنة السنوي سيبقى بحدود 7229 مليار ليرة (480 مليون دولار سنوياً)». وأكد حوري أنه «لا يوجد فائض في خزينة الدولة، لأن مصاريف الدولة أكبر بكثير من إيراداتها».
وتتحسب الحكومة والمجلس النيابي أيضاً، من خطر الوقوع مرّة جديدة في مأزق الطعن على قانون الضرائب الجديد، مما يضعهما أمام مواجهة واسعة مع الاتحاد العمالي العام، والهيئات النقابية التي تلوّح بإضرابات مفتوحة، وقال النائب فادي الهبر: «نحن في كتلة (الكتائب)، اعترضنا خلال الجلسة على هذه الضرائب الجديدة، وسندرس ما إذا كانت هذه الضرائب تنطوي على مخالفات دستورية، للنظر بإمكانية الطعن بها مجدداً أمام المجلس الدستوري»، مشدداً على أن «تمويل (السلسلة) لا يكون إلا بخطة اقتصادية طموحة تعيد النمو إلى البلد»، لكنه استدرك قائلا: «ما دامت الحكومة تفتقد اتخاذ القرار السيادي، فهي غير قادرة على اعتماد خطة اقتصادية فاعلة ومنتجة بسبب مصادرة قرارها، لذلك نراها تسعى إلى تصحيح هذا الخلل الاقتصادي والمالي، بضرائب من جيوب الفقراء».
ولا يسقط عضو كتلة «المستقبل» عمّار حوري فرضية الطعن على القانون، ورأى أن «إمكانية الطعن واردة، وهو حقّ دستوري، إذا تأمن 10 نواب للتوقيع عليه»، مذكراً بأنه «لا يمكن تأمين موارد مالية لـ(السلسلة) في الوقت الراهن إلا عبر الضرائب»، نافياً أن «تكون هذه الضرائب تطال بشكل خاص الطبقات الشعبية الفقيرة».
من جهته، أعلن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، تحفظه على «الاقتراحات الضريبية لتمويل (السلسلة)». وقال في مداخلته خلال جلسة مجلس النواب: «ورد في الأسباب الموجبة لمشروع القانون أن ما تم اقتراحه هو لمصلحة المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وهذا مجاف للحقيقة، والسبب الثاني لتحفظي يتعلق بالأثر الاقتصادي للضرائب عموما، وضرورة تبيان المردود الحقيقي لكل ضريبة على خزينة الدولة»، مستغربا تجاهل اقتراح القانون الذي تقدّم به من أجل إنصاف العسكريين.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.