تفاقم الانتهاكات الحقوقية في مناطق سيطرة انقلابيي اليمن

تسجيل 120 حالة قتل وتعذيب وسطو مسلح في كل مدينة شهرياً

TT

تفاقم الانتهاكات الحقوقية في مناطق سيطرة انقلابيي اليمن

تشهد عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين في اليمن، وخصوصاً في العاصمة صنعاء وإقليم تهامة، ارتفاعاً ملحوظاً في حالات انتهاك حقوق المدنيين، لتصل إلى قرابة 120 حالة في كل مدينة شهرياً، تشمل القتل، والتعذيب، والسطو المسلح على الممتلكات، مع إغلاق غالبية دور تحفيظ القرآن في بعض المدن.
ودعت منظمات حقوقية مدنية إلى سرعة تدخل الجهات الدولية لوقف تلك التجاوزات، التي زادت وتيرتها مع تقدم الجيش الوطني في عدد من الجبهات القريبة من صنعاء، مطالبين بضرورة الضغط لوقف عملية تجنيد الأطفال واختطافهم من منازلهم، إذ بلغ عددهم، وفقاً لوزير حقوق الإنسان اليمني، قرابة 20 ألف طفل من مختلف المدن قادتهم الميليشيات إلى جبهات القتال.
وقال الناشط الحقوقي في إقليم تهامة، عبد الحفيظ الحطامي، إن ميليشيات الحوثي وصالح، عمدت إلى تصعيد وتيرة الانتهاكات بحق المواطنين وحقوقهم الخاصة والعامة، لتثير الرعب في صفوف المواطنين وتمنع ثورة محتملة ضدها، نتيجة ضيق الشارع اليمني بما وصل إليه الحال، في غياب واضح للعديد من المنظمات الدولية في هذا الجانب. وأضاف الحطامي، أن «المواطن اليمني أياً كان عمله أو موقعه بات معرضاً للقتل العلني والتعذيب في سجون الانقلابيين؛ إذ لم يسلم العديد من المعلّمين في الآونة الأخيرة من السجن والتعذيب والقتل في كثير من الحالات، التي كان آخرها مقتل عائلة مكونة من أم وابنها، كون زوجها يعمل في قطاع التعليم، وغيرها من الحالات التي يتغافل عنها المجتمع الدولي، رغم المحاولات الحثيثة لتوصيل الصورة كما هي على أرض الواقع».
ولفت إلى أن مدينة ذمار سجّلت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وفق تقارير حقوقية، 120 حالة انتهاك طالت الحقوق الخاصة والعامة، منها تجنيد الأطفال والزج بهم في الحرب دون علم أهاليهم، والعودة بهم جثثاً من المعارك، واقتحام عشرات المنازل، وفرض الرسوم والإتاوات ومداهمة المنازل والقرى والمحال التجارية وملاحقة المعلمين، وإجبارهم على التدريس.
وسجلت محافظة إب، وفقاً للحطامي، 100 انتهاك في سبتمبر، تمثلت في اختطاف وقتل ونهب ومداهمات واقتحامات منازل واعتداء على موظفين عامين، وتجنيد أطفال بالقوّة. كما سجّلت محافظة الحديدة، خلال الفترة ذاتها، 50 انتهاكاً منها قتل طفل دهساً وعمليات تعذيب وقمع ونهب إيرادات ميناء الحديدة والجمارك التي بلغت 9 مليارات لشهر واحد، كما فرضت الميليشيات رسوماً وإتاوات على السكان، ونهبت المساعدات الإنسانية وتلاعبت بها.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن الميليشيات تمارس الآن مشروعاً طائفياً من خلال عقد دورات فكرية مناهضة لعقيدة وهوية الشعب اليمني، «إذ يخضع المئات فيها لعمليات تدريس وتدريب لتغيير أفكارهم بالمضامين الإيرانية وجماعات إرهابية ومتطرفة لا تعترف بالآخر وتناهض الشعب اليمني وأشقاءهم في الجوار العربي، إضافة إلى طباعة مناهج تحمل أفكار جماعة الحوثي ومشروعها التدميري»، لافتاً إلى أنه، بالتزامن مع هذه الأعمال، عمدت الميليشيات إلى إغلاق مدارس تحفيظ للقرآن الكريم واعتقال مدرسيها، وهدم بعض دور القرآن وإغلاق بعض المساجد.
إلى ذلك، قال سليم علاو منسق «منظمة هود لحقوق الإنسان في إقليم سبأ»، إن الحوثيين تعوّدوا على العيش في محيط انتهاك حقوق الإنسان، مضيفاً أنه منذ بروز هذه الجماعة زادت حالات الاغتصاب والاعتداء بشتى الطرق عليها، التي تصل أحياناً إلى القتل. وأضاف أن حرية الرأي والتعبير مفقودة في مناطق الحوثيين، إذ يجري استهداف أي معارض أو مخالف لتوجهاتهم وآرائهم، كما أن المدن التي تقع تحت سيطرتهم تنعدم فيها حقوق الأمومة والطفولة من خلال استهداف الأطفال بشكل مباشر، لافتاً إلى أن «كل ما يجري تدوينه من انتهاكات يتم التواصل فيها مع المنظمات الدولية التي نعول عليها في سرعة التعامل مع هذه الانتهاكات». وشدّد علاو على أهمية تفعيل الأجهزة الحكومية التواصل مع المنظمات الدولية كافة للرد على انتهاكات الميليشيات، وأن تكون هذه المنظمات موجودة في المواقع المهمة للحكومة اليمنية، وهو العمل الذي نفذته الميليشيات من خلال فتح مكاتب لهذه المنظمات داخل صنعاء ومدّها بكل التقارير وبعدة لغات.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.