شهدت ولاية قندهار عاصمة الجنوب الأفغاني التي تعتبر المعقل السابق لحركة طالبان وعاصمتها الروحية (بحكم أن زعيم الجماعة الراحل الملا عمر كان يعيش فيها إلى خروجه منها مطارداً إلى مناطق القبائل الباكستانية عقب الهجوم الأميركي على نظام طالبان نهاية عام 2001)، أمس، وصول أول دفعة لمروحيات «بلاك هوك» الأميركية الشهيرة التي وعدت البنتاغون الجيش الأفغاني بتزويده بالعشرات منها في قتاله ضد طالبان وتنظيم داعش. ولطالما كانت الحكومة الأفغانية تشتكي من افتقار قواتها الجوية لسلاح الجو الفتاك في مواجهة مقاتلي طالبان، والجماعات المسلحة الأخرى، التي تقاتل القوات الحكومية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وكان المطلب الرئيس للحكومة الأفغانية خلال اجتماعات المانحين بأنها تبحث عن تعزيز قواتها الجوية في حربها ضد الإرهاب، وأخيراً تستجيب لها الولايات المتحدة الأميركية التي سلمت مروحيتين من طراز «بلاك هوك».
لكن ردّ جماعة طالبان الطرف المعني، من وراء تعزيز الجيش الأفغاني بالمروحيات المتطورة، لم يتأخر كثيراً، حيث ردت الحركة على تسليم أول دفعة من مروحيات «بلاك هوك» الحديثة طراز «يو إتش 60»، لقوات الأمن الأفغانية، حيث قال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد في بيان إن «القائد الأميركي الجنرال نيكلسون وأشرف غني الرئيس الأفغاني يجب أن يتذكرا أن قتالنا لا يعتمد على التكنولوجيا، لكنه قتال بدافع آيديولوجي»، وذلك في بيان صحافي أرسله المتحدث باسم طالبان إلى الوكالات والصحافيين في العاصمة كابل.
وأضاف مجاهد أنه «عندما سقطت الحكومة السوفياتية والشيوعية، تركوا مائة من الطائرات في القواعد الجوية. وكذلك اختبرت أميركا أيضاً مئات من مختلف الطائرات هنا منذ 16 عاماً».
ومضى في القول: «تعلموا من التاريخ. طائراتكم ستقوينا وستعمل من أجل مصالحنا وأهدافنا، تماماً مثل شاحناتكم (هومفي) و(فورد رانجر)».
وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني قد حضر أول من أمس مراسم تسليم الدفعة الأولى من الطائرات المروحية من طراز «بلاك هوك» التي يجري التزويد بها من قبل الحكومة الأميركية، وذلك خلال حفل أُقيم في المطار العسكري بقندهار الواقع جنوب البلاد.
وحضر مراسم الحفل أيضاً الجنرال جون نيكلسون قائد القوات الأميركية وبعثة الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلنطي (ناتو) في أفغانستان. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية دولت وزيري إن الولايات المتحدة تخطط لتزويد سلاح الجو الأفغاني بـ159 طائرة من طراز «بلاك هوك» حتى عام 2020. وأضاف وزيري أن الرئيس غني تسلم اثنتين من الطائرات الأربع التي كان من المقرر تسلُّمها، مشيراً إلى أن السبب وراء تأخر وصول الطائرتين الأخريين هو عدم جاهزيتهما للتسليم في الوقت الحالي. وتابع وزيري أن الطائرتين الأخريين سيجري تسليمهما قريباً. ووصلت الطائرات المروحية الأميركية إلى أفغانستان في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي. واستطرد وزيري قائلاً إن الطائرات المروحية التي تصنعها الولايات المتحدة ستساعد القوات الأفغانية على التغلب على التحديات القائمة في الحرب ضد الإرهاب.
وفي 3 سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن الرئيس الأفغاني خلال زيارة له إلى إقليم ننجارهار الذي يقع شرق البلاد أنه سيتم إنفاق ستة مليارات دولار على سلاح الجو الأفغاني خلال الأعوام الأربعة المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن سلاح الجو الأفغاني لديه أسطول من الطائرات المروحية الروسية من طراز مي 35 ومي 17، ولكن التحديات القانونية والعقوبات ضد روسيا أحدثت صعوبات فيما يتعلق بشراء قطع الغيار وصيانة الأسطول. ويعتبر تقديم الأسلحة المتطورة للجيش الأفغاني سلاحاً ذا حدين، حسب وصف البعض، يقول جمرود خان وهو محلل عسكري أفغاني إن عمليات الفساد المنتشرة في الجيش الأفغاني تؤخر تزويده من قبل الحلفاء بالعتاد والذخيرة، لا سيما أن تقارير أشارت إلى وجود ثغرات خطيرة في منظومة الجيش والمؤسسة العسكرية برمتها حيث سجلت حالات بيع السلاح والذخيرة من قبل الجنود الأفغان لمقاتلي طالبان».
وقد تفاقمت ظاهرة بيع سلاح وعتاد الجيش الأفغاني، وفقاً لما كشفه المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان، جون سوبكو، الذي حذّر أخيراً من أن الجيش الأفغاني ينخره الفساد، إذ يبيع مجندون فيه أسلحتهم وذخائرهم إلى طالبان. وتصل أسلحة الجيش والأمن المبيعة في السوق السوداء، إلى مقاتلي طالبان أيضاً، بحسب مسؤول محلي في الحكومة بولاية ننجرهار شرق البلاد. وكشف مراقبون عملية بيع سبع بنادق «كلاشنيكوف»، من قبل جنود منسحبين من قاعدة عسكرية إلى تجار، باعوها بدورهم إلى مقاتلي طالبان.
ويؤكد المحلل العسكري وحيد الله خوكياني عملية تزويد الجيش الأفغاني بمروحيات متطورة ضمن الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخيراً، والتي تركز في الأساس على تعزيز قدرات الجيش الأفغاني ليتمكن من التصدي لنفوذ طالبان المتزايد. وكان قد ترمب قد أعلن ما وصفه بـ«الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان وجنوب آسيا».
ورغم أنه لم يقدم تفاصيل كثيرة عن استراتيجيته الجديدة فإنّه قرر إرسال نحو 4000 جندي أميركي لينضموا إلى 8400 جندي أعلن أوباما في نهاية رئاسته أنهم سيبقون هناك، بعد أن صرّح في مطلعها بأن التورط الأميركي في أفغانستان سينتهي في نهاية رئاسته الثانية.
«طالبان» تتوعد «التكنولوجيا» الأميركية بقتال آيديولوجي
كابل بعد تسلمها مروحيات «بلاك هوك» من واشنطن تتحدث عن تفوق قواتها على المتمردين
«طالبان» تتوعد «التكنولوجيا» الأميركية بقتال آيديولوجي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة