جنازة مهيبة لطالباني في السليمانية وسط حضور عراقي وإقليمي ودولي

عشرات الآلاف رافقوا نعشه إلى مثواه الأخير

أكراد يشيّعون جثمان الرئيس العراقي السابق جلال طالباني إلى مثواه الأخير في السليمانية أمس (رويترز)
أكراد يشيّعون جثمان الرئيس العراقي السابق جلال طالباني إلى مثواه الأخير في السليمانية أمس (رويترز)
TT

جنازة مهيبة لطالباني في السليمانية وسط حضور عراقي وإقليمي ودولي

أكراد يشيّعون جثمان الرئيس العراقي السابق جلال طالباني إلى مثواه الأخير في السليمانية أمس (رويترز)
أكراد يشيّعون جثمان الرئيس العراقي السابق جلال طالباني إلى مثواه الأخير في السليمانية أمس (رويترز)

شارك عشرات الآلاف بينهم مسؤولون عراقيون في إقليم كردستان العراق، في تشييع جثمان الرئيس العراقي السابق جلال طالباني في مراسم مهيبة بالسليمانية، أمس. وعطلت كثرة الحشود تقدم الموكب الذي يحمل جثمان طالباني وقد لُفّ براية حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني، لمدة ثلاث ساعات، ونُقل من المطار إلى المسجد الكبير في معقل طالباني مدينة السليمانية شمال العراق.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أجهش كثيرون بالبكاء وأرادوا الاقتراب لتقبيل السيارة التي تنقل النعش، ما جعل الموكب يتقدم بصعوبة باتجاه المسجد.
وتوفّي طالباني، أحد أهم رموز الأكراد في العراق، في ألمانيا، الثلاثاء الماضي، عن 83 عاماً بعد إدخاله المستشفى بشكل عاجل. وهبطت الطائرة التابعة للخطوط العراقية صباحاً في السليمانية. وفُرش السجاد الأحمر واصطف حرس الشرف لأداء التحية في أرض المطار. وبعد أن ترجلت أرملته هيرو وابناه من الطائرة، وقف رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، الخصم لفترة طويلة، ورئيس الوزراء نيجيرفان بارزاني، في انتظار النعش.
وحضر أيضاً الرئيس العراقي فؤاد معصوم وهو كردي أيضاً، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي (شيعي)، ورئيس البرلمان سليم الجبوري (سني)، ممثلين عن حكومة بغداد وعن أكراد تركيا وإيران وسوريا.
وانضم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى المشاركين في مراسم التشييع. وقال ظريف على هامش مشاركته في الجنازة إن بلاده «صديقة دائمة للشعب العراقي بمن فيهم الأكراد»، مضيفاً أن «الأخطاء الاستراتيجية لبعض الأشخاص لا يمكن تسجيلها على حساب أكراد العراق»، وفق ما نقل عنه موقع الخارجية الإيرانية.
وأكد ظريف مرة أخرى موقف إيران من الوحدة العراقية وسلامة أراضيه. ودعا ظريف أكراد العراق إلى مواصلة السير على طريق طالباني الذي وصفه بأنه «رمز للوحدة وسلامة الأراضي العراقية».
وأثنى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، المعارض الشرس لاستفتاء الأكراد، على دور طالباني «في بناء عراق فيدرالي». وقال إن طالباني «وصف العراق بباقة زهور متنوعة» في إشارة إلى مختلف المجموعات.
ووضع المسؤولون والشخصيات أكاليل الزهور على نعش طالباني الذي لُفّ بالعلم الكردي بألوان الأحمر والأبيض والأصفر والأخضر، وعُزف النشيد الوطني العراقي ثم النشيد الكردي. ونُقل النعش فيما بعد إلى الجامع الكبير في المدينة.
وهذه هي المرة الأولى منذ إعلان النظام الجمهوري في العراق عام 1958 التي يواكب فيها تشييع رئيس عراقي كل هذا الحماس، حيث غاب الكثير من أسلافه مقتولين أو في المنفى. وأنهك المرض طالباني منذ عدة سنوات، وكان قد نُقل إلى ألمانيا قبيل تنظيم استفتاء كردستان العراق في 25 سبتمبر (أيلول) 2017، بسبب تدهور وضعه الصحي. وجلال طالباني المفاوض البارع والسياسي المحنك خلال سنوات عديدة من الكفاح لأجل قضية أكراد العراق، كان أول رئيس كردي للعراق (2005 - 2014).



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.