«كنت طباخاً فحسب»... حجة مقاتلي «داعش» التي لا يملونها

90 % من الفارين من الحويجة مشتبه في كونهم مقاتلين ومنفذي مذابح

مقاتلون من «داعش» ادعوا أنهم طهاة في التنظيم الإرهابي عقب اعتقالهم على أطراف مدينة كركوك (نيويورك تايمز)
مقاتلون من «داعش» ادعوا أنهم طهاة في التنظيم الإرهابي عقب اعتقالهم على أطراف مدينة كركوك (نيويورك تايمز)
TT

«كنت طباخاً فحسب»... حجة مقاتلي «داعش» التي لا يملونها

مقاتلون من «داعش» ادعوا أنهم طهاة في التنظيم الإرهابي عقب اعتقالهم على أطراف مدينة كركوك (نيويورك تايمز)
مقاتلون من «داعش» ادعوا أنهم طهاة في التنظيم الإرهابي عقب اعتقالهم على أطراف مدينة كركوك (نيويورك تايمز)

يفر آلاف المدنيين أمام الحملة العسكرية الرامية لطرد عناصر تنظيم داعش من آخر معاقله الحضرية الكبرى في العراق، ويضمون في صفوفهم المئات من مقاتلي تنظيم داعش المشتبه بهم الذين يدعون براءتهم لدى وصولهم إلى نقاط التفتيش ويتوسلون طلباً للرحمة.
وفي الوقت الذي هرب فيه مدنيون من المعقل القوي المتمثل في مدينة الحويجة، طلباً للملاذ في كركوك ومدن أخرى داخل إقليم كردستان بالعراق، شهدت عطلة نهاية الأسبوع الماضي المرة الأولى التي يفد فيها النازحون المدنيون بأعداد كبيرة وفي صفوفهم رجال في سن القتال.
وتبعاً لما أفاد به مسؤولون عراقيون أكراد في كركوك، فإن 90 في المائة من هؤلاء الرجال مشتبه في كونهم مقاتلين تابعين لـ«داعش» - بما في ذلك بعض من نفذوا عمليات قطع رؤوس ومذابح - ويجري حالياً إجراء تحقيقات معهم. وحرص مسؤولون عراقيون أكراد على توخي أقصى درجات الحذر، الأحد، بينما تولوا التحقيق مع أحد المقاتلين المشتبه بهم داخل مكتب صغير، بينما جلست زوجته وأطفاله الأربعة في أرض وحلة بالخارج.
ووضع ملازم أول يداً على سلاحه داخل مقر «الأسايش»، جهاز الاستخبارات داخل الإقليم الكردي العراقي، بينما أشار باليد الأخرى إلى نقطة على الأرض. وفهم السجين الإشارة وجثا على ركبتيه عند هذه النقطة، بينما تولى عريف في «الأسايش» شد وثاق يديه خلف ظهره.
وقال السجين ويدعى صلاح حسن (32 عاماً)، ويصف نفسه بأنه عامل سابق بمجال البناء: «مهما فعلت، لن أتجسس لحسابك». وأجاب الملازم: «لا نهتم بهذا الأمر، نريد معرفة الحقيقة فحسب». وهنا تدخل العريف في الحديث بقوله: «أخبرهم أنك من عناصر داعش. لا تكذب».
وبالفعل، طأطأ حسن رأسه وأقر بذلك، ثم عاود النظر لأعلى وقال: «كنت طباخاً فحسب».
وهنا، لم يتمالك الملازم نفسه من الضحك، وأجاب: «أخبرني العشرات منكم أنهم كانوا طباخين فقط. يبدو أن التنظيم لديه أعداد غفيرة من الطهاة كما لو أن كل ما كان يفعله أفراده تناول الطعام فقط».
كان الهجوم العراقي ضد «داعش» داخل الحويجة قد بدأ في 21 سبتمبر (أيلول)، وبلغ الآن مراحله الأخيرة. وتقف قوات الجيش والشرطة الآن على أعتاب استعادة السيطرة على المدينة بأكملها، بدعم من ميليشيات شيعية. ومن المعتقد أن المدينة لا تزال تضم بين جنباتها 78 ألف شخص من سكانها، وما يصل إلى 3 آلاف مقاتل من «داعش».
من جانبهم، يبدي مسؤولون عراقيون أكراد عزمهم على تحديد هوية أي مقاتلين معروفين بتورطهم في مذابح بين الرجال الذين يفدون إلى نقاط التفتيش. وحال وجود اتهامات بحق أي منهم، سيجري تقديمهم إلى المحاكمة، بينما سيجري السماح للآخرين بالانضمام من جديد لأسرهم داخل معسكرات في المنطقة الكردية من العراق.
ولدى وصول الرجال الفارين إلى نقاط التفتيش، يجري بادئ الأمر تجريدهم من أحذيتهم والأحزمة التي يرتدونها (التي غالباً تكون مجرد حبل) والعمائم وأي متعلقات أخرى، ثم يدفعون للجلوس على الركبة في صفوف داخل غرفة واسعة مع رؤوسهم محنية نحو الأمام.
من جهته، وقف أوات جيزا، ضابط استخبارات كان يرتدي قناعاً واقياً من الغازات وقفازات، أمام 130 رجلاً راكعين على الأرض، كانوا جميعاً قد وصلوا الأحد إلى مقر رئاسة «الأسايش» في ديبيس، خارج كركوك. ونزع القناع من على وجهه لإخبار الرجال المحتجزين بالتقدم نحو الأمام.
وقال موجهاً حديثه إلى الرجال الجاثمين أمامه: «أخبرونا لو أن أحداً منكم كان عضواً بداعش، ولو لدقيقة واحدة أو ساعة أو يوم». وأضاف: «في وقت لاحق، ستكون لدينا قوائم بالأسماء وسنكتشف ذلك. إذا كنت أميناً، قد يطلق سراحك. وإذا استسلم أحدكم الآن وأخبرنا بالحقيقة، فإننا سنعامله بالرأفة، لكن إذا لم تفعلوا ذلك سنعاملكم بشدة».
داخل المقر القائم في ديبيس، الأحد، كان هناك 300 رجل على الأقل في سن القتال، ووصلت أعداد مشابهة يومي السبت والجمعة.
ومن بين الرجال الذين وصلوا الأحد، جرى عزل 60 منهم جانباً وتقييدهم باعتبارهم مقاتلين مشتبه في انتمائهم إلى «داعش». وجرى اقتيادهم إلى غرف أصغر، وبجانب ركوعهم على الأرض وانحنائهم، جرى ترتيب جلوسهم بحيث تواجه رؤوسهم الحائط.
وبدا المسؤولون الأكراد حريصين على إظهار أنهم لا يسيئون معاملة الوافدين. وأوضح ميجور جنرال هالو نجاة حمزة، رئيس جهاز «الأسايش»، أن قوات «داعش» كانت تهاجم كركوك من الحويجة على امتداد 3 سنوات، وأنه لدى وقوع عناصر من «البيشمركة»، القوة المسلحة الكردية، في أسر «داعش»، غالباً ما يتعرضون للتعذيب وقطع رؤوسهم.
وأضاف: «يطلقون النيران طوال الليل صوبنا هنا، والآن يقولون: نحن مجرد مزارعين أو طباخين. واليوم، قدموا إلينا طلباً للملاذ».
من بين المحتجزين جمعة صلاح (58 عاماً)، الذي اعترف أنه خدم في صفوف «داعش»، لكن «كمنسق»، مشيراً إلى أن دوره لم يتضمن المشاركة في أعمال القتال، وإنما فحص بطاقات هوية سكان المدينة، الأمر الذي دفع العريف للضحك.
وأكد صلاح: «أقسم بالله أنني لم أشارك قط في قطع الرؤوس أو أي شيء من هذا القبيل. ولم أشهد قط عملية قطع رأس»، لكنه اعترف بأنه سمع أن مثل هذه الأمور تجري في الحويجة.
من ناحيته، قال العريف: «إنه كاذب. سنحصل على اسمه ونعرف كل شيء عنه».
على بعد أميال قليلة، عند الخطوط الأمامية لقوات «البيشمركة» في مواجهة قوات «داعش» داخل منطقة الحويجة، استقبلت قوات كردية، الأحد، سيلاً من الرجال الشباب العزل بصحبة نساء وأطفال. وفصلت القوات الكردية الرجال عن النساء والأطفال، ثم تولت عناصر نسائية من «البيشمركة» تفتيش النساء داخل إحدى الخيام.
وذكرت بعض الجنديات الكرديات أنه في الوقت الذي نفى فيه معظم الرجال كونهم أعضاء في «داعش»، فإن غالبية النساء أقررن أنهن من أسر مقاتلي التنظيم.
وقالت واحدة من النسوة اللاجئات بينما أحاطها 4 أطفال صغار: «إننا نفر من الضربات الجوية».
جدير بالذكر أن تحالفاً تقوده الولايات المتحدة يتولى توجيه قصف مكثف لمواقع لـ«داعش» داخل الحويجة، دعماً للهجوم العراقي على المدينة.
من ناحيته، أجرى كمال كيركوكي، قائد «البيشمركة» بالمنطقة الغربية من كركوك، جولة عبر الخطوط الأمامية، حيث كان لاجئون من الحويجة يعبرون ووجه حديثه إلى 20 رجلاً محتجزين كانوا قد وصلوا للتو وجرى عزلهم عن الآخرين، قائلاً: «كرامتكم وشرفكم وزوجاتكم وأخواتكم في أمان هنا. أتعهد لكم أن أحداً لن يمسسكم بسوء». ورفع أحد المحتجزين صوته بالشكر، وقال: «كنا نعلم أن بإمكاننا الثقة في الأكراد». ومع هذا، مع رحيل القائد، وقف المسؤولون بالنقطة يحدقون بتجهم في وجوه المحتجزين.
وبينما لم تشارك قوات «البيشمركة» بقوة في الهجوم على الحويجة، أعرب قادتها عن دعمهم للعملية، وبدوا سعداء بالتخلص من المقاتلين المحتملين من ميدان القتال.
وبدا الوضع هناك بمثابة دليل قوي على أن الخلاف القائم بين الأكراد العراقيين والحكومة المركزية في بغداد حول استفتاء الأكراد بشأن الاستقلال، الاثنين الماضي، لم يؤثر على التعاون العسكري بين الجانبين في مواجهة «داعش».
* «نيويورك تايمز»



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.