النظام يُنهي وجود «داعش» في حماة ويفشل بوقف تمدده في البادية

10 كلم تفصل قواته عن مدينة الميادين... وعشرات القتلى المدنيين خلال عبورهم نهر الفرات

لدى تشييع أحد مقاتلي «حزب الله» في البقاع اللبناني أمس بعدما أعلن الحزب مقتله في معارك البادية السورية (أ.ف.ب)
لدى تشييع أحد مقاتلي «حزب الله» في البقاع اللبناني أمس بعدما أعلن الحزب مقتله في معارك البادية السورية (أ.ف.ب)
TT

النظام يُنهي وجود «داعش» في حماة ويفشل بوقف تمدده في البادية

لدى تشييع أحد مقاتلي «حزب الله» في البقاع اللبناني أمس بعدما أعلن الحزب مقتله في معارك البادية السورية (أ.ف.ب)
لدى تشييع أحد مقاتلي «حزب الله» في البقاع اللبناني أمس بعدما أعلن الحزب مقتله في معارك البادية السورية (أ.ف.ب)

يشهد الصراع بين قوات النظام وتنظيم داعش الذي يشمل أكثر من محافظة سورية، عملية غير مسبوقة من شد الحبال، بحيث إنه وبمقابل تقدم النظام في محافظتي حماة ودير الزور يواصل التنظيم المتطرف هجومه في البادية في الوسط السوري مستعيداً مناطق سبق وخسرها وموقعاً خسائر كبيرة في صفوف القوات النظامية وحلفائها، بلغت بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مائتي قتيل في أسبوع واحد. وأفيد أمس بمقتل عشرات المدنيين خلال محاولتهم الانتقال بين ضفتي نهر الفرات في محاولتهم الفرار أمام تقدم قوات النظام في دير الزور.
وأعلن «المرصد» أمس أن النظام تمكن من طرد «داعش» من آخر مناطق يسيطر عليها في ريف حماة الشرقي بوسط سوريا، لينتهي بذلك وجود التنظيم في كامل المحافظة. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «استكملت قوات النظام الأربعاء سيطرتها على كامل القرى التي كانت بيد تنظيم داعش في ريف حماة الشرقي، بعد معارك طاحنة بين الطرفين مستمرة منذ شهر»، لافتاً إلى أنه «مع تقدم قوات النظام، يكون وجود التنظيم في محافظة حماة قد انتهى بشكل كامل، بعد أكثر من ثلاثة أعوام من سيطرته على ريفها الشرقي».
وسيطر النظام، بحسب «المرصد»، على خمسين قرية وعلى بلدة عقيربات الاستراتيجية منذ بدئه هجوماً على المنطقة بدعم روسي في الثالث من سبتمبر (أيلول)، وتسببت المعارك العنيفة منذ اندلاعها بين الطرفين بمقتل 407 عناصر على الأقل من التنظيم، مقابل 189 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وبعد إنهاء وجود «داعش» في حماة، باتت قوات النظام تسيطر على أجزاء واسعة من المحافظة وعلى مدينة حماة (مركز المحافظة) بشكل كامل، فيما تتقاسم فصائل معارضة و«هيئة تحرير الشام»، التي تعد «جبهة النصرة» سابقاً أبرز مكوناتها، السيطرة على مناطق في ريف حماة الشمالي الشرقي وجزء صغير من ريف حماة الجنوبي.
وتزامنت سيطرة قوات النظام على كامل ريف حماة الشرقي، مع تقدمها أيضاً على حساب «داعش» في محافظة دير الزور، حيث أفيد بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الطرفين على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، بالريف الشرقي لدير الزور. وفي هذا السياق، قال «المرصد» إن قوات النظام التي مهّدت لعمليتها العسكرية عبر تنفيذ مئات الضربات الجوية وقصف صاروخي ومدفعي عنيف، تمكنت من تحقيق «تقدم استراتيجي» وباتت على مسافة نحو 10 كلم عن مدينة الميادين التي اتخذها تنظيم داعش مركزاً أساسيا له في «ولاية الخير» (دير الزور)، وقام في أوقات سابقة بتكثيف وجود الجهاز الإداري له داخلها.
من جهته، قال قائد في «لواء فاطميون» الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري، إن قوات النظام وأخرى تابعة له باتت على بعد 15 كيلومتراً من الميادين بعدما أحرزت تقدماً نحوها من جهة مدينة دير الزور. ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية التابعة للحرس الثوري، عن قائد «فاطميون» من دون الإشارة إلى اسمه أن «تلك القوات تهدف إلى فرض سيطرتها على منطقة الميادين والوصول إلى حدود البوكمال وإغلاق الطريق على إمدادات (داعش)» من الحدود العراقية.
وأحصى «المرصد» أمس مقتل «20 مدنياً على الأقل بينهم نساء وأطفال جراء غارات روسية استهدفتهم أثناء محاولتهم التنقل على متن عبارات من غرب نهر الفرات إلى شرقه، جنوب شرقي مدينة الميادين، هرباً من المعارك العنيفة بين قوات النظام وتنظيم داعش»، مشيراً إلى أن «ستين مدنياً آخرين هم في عداد المفقودين أو الجرحى». أما وكالة «سمارت» الإخبارية فنقلت عن ناشطين قولهم إن 50 قتيلاً وعشرات الجرحى سقطوا بقصف جوي يُرجح أنه روسي على معبر نهري على الفرات في مدينة العشارة بدير الزور.
لكن وبمقابل التقدم الذي يحققه النظام في دير الزور وحماة، لا تزال قواته عاجزة عن صد تقدم عناصر «داعش» في البادية. إذ أفيد بأن معارك عنيفة تدور بين الطرفين على محاور عدة في باديتي حمص الشرقية والجنوبية الشرقية، لليوم السابع على التوالي. وقال «المرصد» إن الاشتباكات تتركز شرق وشمال مدينة السخنة وفي محيط محاور المحطة الثالثة وجبل الهيل، بالإضافة إلى معارك عنيفة في محيط حميمة، لافتاً إلى أن تنظيم داعش تمكن من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على نقاط في محور حقل الهيل، فيما لا يزال يسيطر على مدينة القريتين وبلدة الطيبة وجبل الضاحك في شمال السخنة وريف حمص الجنوبي الشرقي. وأضاف «المرصد»: «تحاول قوات النظام بدورها استعادة ما خسرته بغطاء جوي وصاروخي مكثف، وسط فشل متتالٍ».
واعتبرت مصادر في المعارضة أن «عودة (داعش) إلى البادية ليست نتيجة استرجاعه قواه وإعادة تنظيم صفوفه، فعلى الأرجح معظم قيادته الكبيرة انتهت وهو مصاب بخلل تنظيمي ويقاتل الآن بشكل لامركزي». ورأت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قدرة التنظيم على التحرك مجدداً في مناطق سيطر عليها النظام بوقت سابق «مردها إلى كون هذه المنطقة (الصحراوية الشاسعة) من الصعب السيطرة عليها عسكرياً، كما أن لعناصر التنظيم خبرة في معارك الصحاري ومناطق العشائر». ورجّحت المصادر أن تكون البادية «منطقة صراع استنزاف» في المستقبل.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.