التشجيع الصاخب يحول المقاهي المصرية إلى استاد لكرة القدم

الجمهور يفضّل أجواءها في المباريات المهمة

إقبال كثيف على المقاهي المصرية لمشاهدة المباريات المهمة
إقبال كثيف على المقاهي المصرية لمشاهدة المباريات المهمة
TT

التشجيع الصاخب يحول المقاهي المصرية إلى استاد لكرة القدم

إقبال كثيف على المقاهي المصرية لمشاهدة المباريات المهمة
إقبال كثيف على المقاهي المصرية لمشاهدة المباريات المهمة

بينما تخف حركة السير بشوارع العاصمة المصرية في نفس توقيت إقامة المباريات الكبرى للمنتخب والأندية المصرية، تزدحم المقاهي بمئات الآلاف من الجماهير العاشقة لكرة القدم، لتشجيع فرقها المفضلة، وتتحول المقاهي الكلاسيكية والراقية والشعبية في غضون دقائق إلى مدرجات ثابتة تضج بالهتاف والصياح مع التشجيع الحار. وبفضل تشفير معظم المباريات المهمة، اعتاد المصريون بمختلف فئاتهم التشجيع ومشاهدة المباريات من المقاهي التي لا يعلو فيها إلا صوت الجماهير الصاخبة.
مباراة فريق النادي الأهلي المصري أمام الترجي التونسي في إياب دور الثمانية بكأس الأبطال الأفريقي، التي أقيمت مساء السبت الماضي على ملعب «رادس» بالعاصمة التونسية، شهدت حضورا جماهيريا مكثفا على مقاهي القرى والمدن والأحياء في مصر، لمتابعة اللقاء المهم، الذي فاز فيه الأهلي بنتيجة هدفين لهدف، وصعد على إثرها إلى الدور نصف النهائي، وحبس مئات الآلاف من الجماهير أنفاسهم طوال مدة المباراة العصيبة على الناديين ولم يتنفسوا الصعداء إلا بإطلاق الحكم صافرة النهاية، وسط فرحة عارمة من الجماهير المصرية التي احتشدت خلف النادي الأهلي صاحب الجماهيرية الأكبر في مصر.
الإقبال الكثيف الذي تشهده المقاهي أثناء المباريات المهمة، يصب في مصلحة أصحابها والعاملين بها في المقام الأول، لتعويض فترات النهار التي ينشغل فيها الأهالي بأعمالهم ووظائفهم، وتحقيق أرباح كبيرة تفوق ما تحققه في أيام كاملة... إذ يحدد بعضهم سعراً موحداً للجلوس على الكرسي، من دون تقديم أي مشروبات، كما يستغل الكثير منهم حالة الزحام والحضور المضمون، ويرفع الأسعار بشكل استثنائي ومبالَغ فيه.
عمرو محمد (33 عاما)، عامل في مقهى شعبي بحي بولاق الدكرور في الجيزة، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ننتظر المباريات الأفريقية الكبرى للمنتخب المصري، أو لفريق النادي الأهلي بفارغ الصبر؛ لأنها تشهد إقبالا كثيفا من الجمهور المتعطش لتشجيع فريقه، ومساحة المقهى الصغير لا تسمح باستقبال كل هذا العدد ما يضطرنا إلى وضع الكراسي في نهر الشارع طول مدة المباراة، كما نستعين بكراسي إضافية من محلات الفراشة بالمنطقة قبل انطلاق المباريات بفترة كافية»، موضحا أن «الأمور تعود إلى طبيعتها فور إطلاق صافرة نهاية المباراة، وكأن شيئا لم يحدث».
ويقول أحمد عبد الفتاح (29 عاما)، مقيم في حي دار السلام بالقاهرة وأحد رواد المقاهي الشعبية لـ«الشرق الأوسط»: «ظاهرة مشاهدة المباريات على المقاهي بدأت منذ نحو 15 سنة مع بداية تشفير المباريات، ولم يشترك إلا عدد بسيط جدا من المواطنين في هذه الخدمة بسبب ارتفاع سعر الاشتراك السنوي، لكن المقاهي اشتركت وغامرت؛ أملا في تعويض قيمة الاشتراك من جيوب الجماهير المحبة لكرة القدم وللأندية المصرية الكبيرة وبالفعل كسبت الرهان».
يضيف «عبد الفتاح» قائلا: «زيادة الاشتراكات بالقنوات الرياضية المشفرة أدى إلى ظهور ما يسمى بالوصلات التي كان يتم مدها إلى مواطنين بمقابل شهري زهيد، ويتحكم فيها مصدر واحد من داخل شقة أو غرفة صغيرة من خلال جهاز استقبال واحد، وأدت هذه الظاهرة إلى عدم الاعتماد على المقاهي في تشجيع الأهلي والزمالك والمنتخب، قبل أن تتسبب الملاحقات الأمنية في تخفيف تلك الظاهرة ليعود المشجعين مرة أخرى إلى المقاهي».
ورصدت «الشرق الأوسط» زحاما جماهيريا كبيرا بالمقاهي المتنوعة بمعظم شوارع الجيزة والقاهرة، خرج الكثير منها عن النطاق المسموح به، لتمتد إلى نهر الشارع، وهو مشهد يتكرر، وبخاصة في مباريات النادي الأهلي والمنتخب المصري، وهو أمر لافت يحدث بالمناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية، وفي ذلك يتسابق أصحاب المقاهي لجذب زبائنهم بالاستعانة بشاشات عرض خاصة، واستخدموا كراسي حديثة يتم تأجيرها من أجل المباريات فقط. وتتفاوت أسعار المشروبات بها وفقا للمكان والتصنيف، فأسعار المقاهي الشعبية أقل بكثير من المقاهي الكلاسيكية والسياحية بوسط القاهرة، بجانب الأحياء الراقية مثل مصر الجديدة والتجمع الخامس.
من جانبه يقول محمد طوخي، (23 عاما)، من قرية تابعة لمركز طوخ، بمحافظة القليوبية شمال مدينة القاهرة «في كل مباريات النادي الأهلي المهمة ومباريات المنتخب نذهب إلى أكبر مقهى في قريتنا ويكون مزدحما جدا بالشبان والرجال، ومشاهدة المباريات بالمقهى لها مذاق خاص، بسبب الانفعالات المتباينة، والفرحة الجماعية، والتشجيع الحار، والتصفيق، تشعر بأنك في استاد كبير، وليس في مقهى شعبي صغير». ولفت أنه «لو خُير بين مشاهدة مباريات الأهلي في المنزل أو مشاهدتها على المقهى، سيختار المقهى لأنه يجمعه بأصدقائه وأقاربه الذين يشتركون معه في حب القلعة الحمراء والتشجيع الصاخب».
ولا يوجد تقدير رسمي لعدد المقاهي في مصر، بعد أن بات معظمها يعمل من دون تراخيص في ظل تشدد السلطات في منع إصدار تراخيص جديدة، ولا يخضع أغلبها للرقابة، ولا تلتزم بالاشتراطات القانونية. والقاهرة هي أكثر المدن العربية ازدحاماً بالمقاهي، وبخاصة المقاهي القديمة ذات الطابع التاريخي أو الثقافي، وبعضها مرتبط بأحداث ثقافية وتاريخية مهمة، ويعد «مقهى الفيشاوي» الذي يقع بحي الحسين العتيق أقدم وأبرز المقاهي في مصر، حيث تأسس عام 1797م.
وتوجد بالقاهرة مقاهٍ قديمة شهيرة مثل «زهرة البستان»، الموجودة بالقرب من ميدان طلعت حرب، وهي ملتقى للأدباء والمثقفين وعمرها يزيد على 80 عاما، وبالقرب منها يوجد مقهى «ريش» الذي يزيد عمره على 110 أعوام، ويحتفظ حتى الآن بطابعة الأرستقراطي، وجلس عليه في الماضي الأديب العالمي، نجيب محفوظ، وأمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى.
وفي قلب باب اللوق وسط القاهرة، يوجد مقهى «الحرية» الذي مر على افتتاحه أكثر من 80 عاما، أما مقهى «الندوة الثقافية» الذي يحتضن الأدباء والشعراء الشباب والفنانين المستقلين فإنه يقع على بعد أمتار من مقهى الحرية.
وتوجد بالقاهرة الخديوية مقاهٍ شهيرة عدة أخرى، مثل «أم كلثوم» التي تقع بزاوية متفرعة من شارع 26 يوليو (تموز)، وهو أشهر مقاهي المنطقة، بالتساوي مع مقهى «بعرة» الموجود خلف سينما «كوزموس»، بالإضافة إلى مقاهي «فينيكس» بشارع عماد الدين، و«المشير» بشارع محمد علي، الذي يعد حتى الآن موقعا خاصا لتجمع «الآلاتية»، والموسيقيين، وصمد المقهى ضد انتشار الأنشطة التجارية بالشارع وحافظ على هيئته ورونقه، ويشهد من حين لآخر تجمعات ومقابلات لبعض قدامى الموسيقيين المقيمين بالقاهرة والمحافظات، ويحرص على تلبية أذواق الجماهير العاشقة لكرة القدم، ويعرض المباريات المهمة للنادي الأهلي والمنتخب مثل باقي المقاهي التاريخية بقلب القاهرة.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».