سجل القطاع العقاري السعودي منذ بداية العام الجاري انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة 29 في المائة لتبلغ 38.6 مليار دولار، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي التي تجاوزت الـ54.9 مليار دولار، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كل الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن ذلك الانخفاض يأتي امتداداً لما يحدث في السوق خلال السنوات الأربع الأخيرة، والتي بدأت حركة السوق تسير بشكل عكسي لتحقق نزولاً متتالياً في الأداء، إلا أن هناك العديد من الأمور التي تبلورت وتشكل ضغوطات مستمرة على حركة القطاع من المشترين والمستهلكين في العرض والطلب.
وتعددت أسباب انخفاض إجمالي قيمة الصفقات، إلا أن الرسوم تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض منذ اعتمادها من مجلس الوزراء، مدعومة بالعزوف الكبير، نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، ومدفوعة بالنزول في الطلب وخصوصاً التجاري منها يعتبر مؤثرا جداً في مسيرة العقار المحلي الذي طالما عانى من الارتفاعات في قيمته، من شأنه أن يفتح أبوابا أوسع فور بدء دفع الرسوم، وهو الذي يراهن عليه كثيراً الراغبون في التملك، الذين ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور فور بدء الدفع، خصوصاً أن القطاع لا يزال يشهد انخفاضات متتالية في الأداء والقيمة، وأثر عليه بشكل كبير برنامج «سكني» الذي سبق وأطلقته وزارة الإسكان، والذي يشكل تحدياً قوياً يهدد أداء المطورين العقاريين.
وقال راشد التميمي، المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة، إن هناك انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات، إلا أن ما يميز التسعة أشهر المنصرمة من العام الجاري أن هناك نزولا ملحوظا في القيمة، رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي.
وزاد: «ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، معرجاً بأنهم كعقاريين يرغبون في انخفاض في قيمة العقار، ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق، بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه، وأن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير، مفضلاً هذا السيناريو على بقاء الحال جامداً يشهد عزوفاً من المشترين وتعنت من البائعين».
وزاد التميمي أن ما أظهرته المؤشرات العقارية عن انخفاض في إجمالي قيمة الصفقات العقارية أمر ليس بجديد، لافتا إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير، بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لا يحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة، وهو ما فهمته الحكومة وأصدرت على أثرها العديد من القرارات التاريخية للسيطرة على القطاع من جديد، وهو ما بدأ بوضع بصمته الخاصة على العقار المحلي.
هذا وسجل القطاع العقاري منذ بداية العام الحالي انخفاضا في إجمالي الصفقات العقارية خلال الأشهر التسعة المنصرمة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بما يلامس الـ5.7 في المائة، حيث انخفض القطاع السكني بنسبة 4.4 في المائة، فيما انخفاض القطاع التجاري بنسبة 13.5 في المائة.
من جانبه، أكد مشعل الغامدي الذي يدير مجموعة استشارات عقارية، أن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق، خصوصاً أن الإعلان عن مشاريع جديدة بات الآن عملية متهورة، في ظل انخفاض الطلب، ونقص سيولة المشترين ،وتشدد جهات التمويل»، لافتاً إلى أن انخفاض الصفقات بهذا الحجم يوضح الحال الذي وصل إليه القطاع العقاري، مبدياً تفاؤله بمستقبل السوق، خصوصاً أن هناك انخفاضا في القيمة مدفوعاً بالحوافز الحكومية التي تمثل في دخول وزارة الإسكان كمطور عقاري، وإعلانها كمية من القروض العقارية ستمنح قريباً بالشراكة مع القطاع المصرفي.
وأوضح الغامدي، أن فقد السوق لما يلامس عن ثلث صفقاته، مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة، في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصا لقطاع الإسكان الذي يعيش أياما عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار، وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع.
وفيما يخص الربع الثالث من العام الجاري، قد أنهت نشاطها بانخفاض في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة 11.3 في المائة، لتصل إلى 11.4 مليار دولار مقارنة بـ12.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المنصرم.
من جانبه، أبان خالد الباز، المدير العام لشركة الباز للتطوير العقاري، أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين فإنه يعتبر أن هناك بصيص أمل نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة، في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك.
وأضاف الباز، أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبيناً أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصا كبيرا بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
انخفاض قيم الصفقات العقارية السعودية منذ بداية العام بنسبة 29%
تراجع أداء الربع الثالث بنسبة 11.3 في المائة لتصل إلى 11.4 مليار دولار
انخفاض قيم الصفقات العقارية السعودية منذ بداية العام بنسبة 29%
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة