بودروم... لؤلؤة تركيا

يلقبونها بـ«لؤلؤة تركيا» وكان يندرج ضريح «موسولوس» فيها ضمن لائحة العجائب السبع في العالم القديم. فزيارة مدينة بودروم التي تقع في الجنوب الغربي من دولة تركيا في منطقة بحر إيجه هي بمثابة رحلة من العمر بحيث يستمتع صاحبها بأجواء ترفيهية مسلية.
قد لا نبالغ إذا قلنا إنك في بودروم ستشعر وكأن الجنة تحت قدميك. فزرقة بحرها وجمال طبيعتها الخلّابة واصطفاف بيوتها المطلية بالأبيض والأزرق في قلب التلال، إضافة إلى معالمها الأثرية وأسواقها التجارية الموزعة هنا وهناك تشكّل لوحة تضجّ بالحياة رسمتها أنامل سحرية.
ما إن تطأ أرض هذه المدينة حتى تعي أنك على موعد مع التسلية والفرح، ولدى مغادرتك لها ستحمل في قلبك جرعة من الحبّ، الذي سيغمرك لفترة من الزمن ليذكّرك بواحدة من أجمل عطلاتك الصيفية.
منطقة «غامبيت» هي واحدة من الأماكن التي ننصحك بالإقامة بها خلال رحلتك إلى بودروم. فهي تعدّ سياحية بامتياز بحيث تمتد على طول الساحل. ومن أحد فنادقها ستكون مهمة انطلاقك في رحلات مختلفة سهلة كون «غامبيت» قريبة من جميع النقاط السياحية الهامة في بودروم.
في بودروم ستنهال العروض السياحية عليك كرذاذ الشتاء وكي تبقى في منطقة الآمان دون أن تتعرّض لعملية نصب، ما عليك سوى أن تقصد إحدى الأكشاك الممتدة على طول ساحل «غامبيت» لتختار الرحلات التي تلائمك. ففرق الأسعار بين عروضها وتلك المقدمة لك في الفندق شاسعة.
سنقدم لك 5 برامج سياحية أساسية ننصحك بالقيام بها أثناء زيارتك لبودروم.
- جولة بالباص في مدينة بودروم
هذه الجولة التي ستكلفك 5 دولارات كافية لأن تعرّفك على أهم معالم وصناعات هذه المدينة فتتفتّل في أرجائها مع أصدقاء السفر بواسطة باص.
أول محطة يتوقّف بها الباص الذي يقلّك في جولة «بودروم سيتي» ستكون مع طواحينها القديمة في منطقة تعرف بـ«درمامباشو» التي تمثل رمزا من رموز مهنة قديمة كان يمارسها أهالي هذه المدينة في الماضي البعيد. وبعدها سيقلّك الباص إلى أحد المخازن الكبرى في بودروم التي تبيع مجموعة من العصائر الطبيعية وراحة الحلقوم المشهورة في تركيا بنكهات مختلفة. وبعد أن تتبضّع ما يلائمك من هذه الصناعات التي تدخلها أيضاً مساحيق التجميل والزيوت والمصنوعة من مواد طبيعية سينتقل بك الباص إلى أحد مصانع الجلد هناك. وخلال عرض أزياء قصير يستحدث خصيصا للسيّاح على مر الساعات، ستتعرف إلى أحدث موضات عالم أزياء الجلد، وبإمكانك أن تشتري جاكيتا أو فستانا من الجلد الطبيعي بتكلفة تتراوح ما بن 300 و500 دولار.
ومن المصنع هذا ستتوجه إلى المركز التجاري «ميد تاون» وهو أحد أكبر «المولات» في بودروم. وستكون من أصحاب الحظ السعيد فيما لو حدّدت زمن رحلتك في شهر أغسطس (آب) حيث التنزيلات تكون في أوجها ولا سيما في أسواق بودروم ومحلاتها الكبرى.
- رحلة في «الباخرة الحفلة»
قد يكون البرنامج السياحي الأجمل الذي تقوم به خلال رحلتك إلى بودروم هو ذلك الذي يحملك على متن «باخرة الحفلة». فهذا البرنامج الحافل بنشاطات كثيرة تقوم بها وأنت على متنه ستجعلك تمني النفس بالعودة إلى «لؤلؤة تركيا» مرة ثانية.
4 محطات أساسية ستعيشها على متن هذه الباخرة ستنقلك إلى أجواء مختلفة فتحطّ خلالها في 4 خلجان وشواطئ صغيرة (اضابا وباغلا وكامل وأكواريوم). وفي كلّ مرة تحطّ في واحدة من هذه الأماكن ترمي الباخرة بمرساتها لتتوقّف كليا. فتمارس هواية السباحة في بحر إيجه شديد الازرقاق لفترات تتراوح ما بين 30 و60 دقيقة في كلّ محطة. الموسيقى بكل هوياتها ستكون في انتظارك على متن هذه الباخرة، بحيث ستجد نفسك في حالة انسجام مع أنغام موسيقية متنوعة تدور ما بين أغان تركية (يا سلام واشقم بودروم) أو أرمنية (ميغانا) وحتى عربية لنانسي عجرم مثلا (ما تيجي هنا وأنا أحبك). لوحات راقصة موزّعة على طول فترة الرحلة يديرها أحد الشباب الأتراك (آيتاش) هي كفيلة بأن تبث فيك روح الحياة الحلوة وأنت في الهواء الطلق والبحر أمامك والسماء من فوقك. فنجم الرقص المذكور يتكفّل بحثّك على مرافقة إيقاع الموسيقى بطاقته الإيجابية اللافتة وحركات جسمه المطواعة واللينة، وهو الأمر الذي يخوّلك الجمع ما بين الموسيقى والطبيعة في وقت واحد.
أما المفاجأة التي يتركها لك قبطان الباخرة حتى المرحلة النهائية من هذه الرحلة التي تستغرق نحو الـ7 ساعات فهي فترة «دش الصابون» (Foam shower) بحيث تغطيك رغوته من رأسك حتى أخمص قدميك لتتكلل بالأبيض وتغيب ملامح وجهك للحظات فتشعر بأنك في حالة تحليق من نوع آخر تدور ما بين السماء واليمّ.
كل أجواء الفرح هذه ستأخذك إلى عالم من الاسترخاء بحيث تعود من هذه الرحلة وأنت مزود بالنشاط وبطاقة إيجابية لا تشبه غيرها.
- شاطئ «بيتاز» بقعة من الخيال
يعدّ شاطئ «بيتاز» (Bitez) بقعة مميزة في بودروم لما يمكنك أن تمارس فيها من نشاطات مختلفة كالغطس والسباحة والتزلج على المياه وركوب مظلة المياه وغيرها من الرياضات المرتبط اسمها بمياه البحر. إلا أن زيارة هذا الشاطئ الذي يبعد نحو 10 دقائق عن منطقة «غامبيت» أثناء الليل سيكون له مذاقا آخر لا سيما وأنه يشتهر بمطاعم السمك المنتشرة على طول ضفافه.
«سيغول» هو واحد من المطاعم المنتشرة على هذا الشاطئ والجلوس على إحدى طاولاته المتاخمة لمياه البحر، هي رحلة من نوع آخر ولكن هذه المرة مع المطبخ التركي. السمك وأنواع كثيرة من ثمار البحر يتمّ تحضيرها عند الطلب مشوية على الفحم أو متبلة بالليمون الحامض والثوم، ستفتح شهيتك طيلة مدة وجودك في هذا المكان الذي يلامسك فيه ضوء القمر عن قرب في ظلّ أنواره الخافتة وطعامه اللذيذ.
- الحمام التركي
لا يمكنك أن تمر بإحدى مدن تركيا دون أن تعيش تجربة «الحمام التركي» المشهورة به منذ القدم. فهذه الجلسة التي تتضمن إضافة إلى الجاكوزي والسونا والـ«بيلنغ» (تقشير جلد الجسم)، تنتهي بجلسة تدليك بزيوت معطّرة ستترك لديك الشعور بأنك مررت في صفحة من تاريخ تركيا القديم، ودخلت أحد حمامات سلاطينها واستخدمت جرنها الرخامي ومكيالها النحاسي، كما يخيّل إليك بأنك تشارك في واحدة من حلقات مسلسل «حريم السلطان» التركي والذي حقق شهرة واسعة في العالم أجمع.
نحو 90 دقيقة من الاسترخاء والهدوء ستترك أثرها عليك نفسيا وجسديا. فتشعر بأنك تخلّصت من هموم الدنيا مجتمعة فصرت بزنة ريشة تتطاير في سماء بودروم.
- قلعة بودروم الأثرية رحلة بين التاريخ والجغرافيا
تقع قلعة بودروم وسط المدينة ويحيط بها مراكز وأسواق تجارية كثيرة تعدّ عناوين رئيسية لممارسة هواية التسوق. هذه القلعة التي بنيت في عام 1402 تحت اسم «قلعة القديس بطرس»، تتضمن متحفا لحطام السفن التاريخية التي عثر عليها بمحاذاة السواحل الجنوبية في بحر إيجه في تركيا. كما نجد في هذا المتحف معروضات من العملات المعدنية والجواهر والأختام التي عثر عليها داخل السفن المحطّمة على مدى القرون.
هذه النشاطات هي نموذج صغير عما يمكنك أن تقوم به خلال زيارتك السياحية إلى بودروم. فليالي بودروم الساهرة حتى ساعات الفجر الأولى وكذلك الغطس في بحر إيجه ومشاهدة أنواع السمك الملوّن الموجود فيها، إضافة إلى السباحة مع الدلافين وركوب الخيل وزيارة «أكوابارك بودروم» وممارسة هواية السفاري وغيرها من الرياضات وخيارات السهر هي في انتظارك في بودروم المدينة التي لا تنام.