رحلة طويلة لإدانة جندي سوري بارتكاب «جرائم حرب»

توجيه اتهامات رسمية استغرق وقتا بسبب نقص الأدلة

TT

رحلة طويلة لإدانة جندي سوري بارتكاب «جرائم حرب»

وقف جندي من الجيش السوري مبتسماً في وجه الكاميرا، بينما استقرت قدمه فوقه إحدى الجثث. ومن حوله، تناثرت جثث عدة على الأرض. تشبه الصورة المئات، إن لم يكن الآلاف، من الصور التي تدفقت من سوريا على امتداد الحرب التي تعصف بها منذ ست سنوات. ومع هذا، فإنه بالنسبة لمحققين على بعد 3.000 ميل بالسيارة، تحديداً استوكهولم، كانت هذه الصورة مختلفة. كان قد جرى تقديم هذه الصورة كدليل في إطار محاكمة انتهت بقرار إدانة تاريخي الأسبوع الماضي، يعتبر الأول من نوعه بأي مكان في العالم بحق جندي سوري لارتكابه جرائم أثناء الحرب.
من جانبها، تؤكد منظمات مراقبة أن قوات الرئيس بشار الأسد مسؤولة عن أغلب المجازر التي شهدتها الحرب. إلا أن الحالات التي جرت محاكمتها من قبل في السويد تضمنت مقاتلين من تنظيم داعش أو جماعات مسلحة تقاتل النظام.
وقد صدر حكم بحق محمد عبد الله، 32 عاماً، بالسجن ثمانية شهور لانتهاكه الكرامة الشخصية للأفراد الملقاة أجسادهم على الأرض أسفل قدمه في الصورة.
وفي الوقت الذي يشهد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حالة من التأزم بخصوص الحرب في سوريا ويتراجع مستوى الاستعداد الدولي تجاه عقد محاكمات رفيعة المستوى، لجأ محامون إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية والذي يسمح للمحاكم الوطنية بالنظر في جرائم دولية بعينها.
ومع هذا، فإنه في مؤشر على القيود التي تواجهها بعض القضايا ضد نظام الأسد وقوات الأمن التابعة له داخل المحاكم الأوروبية، رفض القاضي أنديرز لارسون الاتهام الأخطر المتمثل في القتل، مبرراً ذلك بنقص الأدلة.
في هذا الصدد، قال كيفين هيلير، البروفسور المساعد للقانون الدولي بجامعة أمستردام: «من سلبيات عملية الولاية القضائية العالمية كتلك أنها تجري داخل بلد لا علاقة طبيعية بينه وبين البلاد التي جرت بها وقائع القضية. مثلاً، ليس بمقدورك الحصول بسهولة على شاهد ينجح في الخروج من سوريا والقدوم إلى السويد للإدلاء بشهادته»، وذلك في إشارة إلى البند القانوني الذي جرى التقدم بالقضية الأخيرة أمام القضاء السويدي في إطاره. داخل الولايات المتحدة، دشن فريق قانوني سلسلة من الإجراءات ضد الحكومة السورية بسبب استهدافها المزعوم لصحافية أميركية تدعى ماري كولفين، عام 2012. في ألمانيا وإسبانيا، جرى توجيه اتهامات أيضاً إلى عدد من الأعضاء البارزين في الجهاز الأمني.
وتبعاً لما كشفه محققون ونشطاء معنيون، فإنه جرى العمل على القضية في السويد منذ سنوات. جدير بالذكر أنه في أعقاب وصول عبد الله إلى السويد لطلب اللجوء السياسي عام 2015. نبه نشطاء سوريون مجلس الهجرة إلى الصور الموجودة على صفحة عبد الله بموقع «فيسبوك» والتي تشير إلى أنه كان عضواً بجيش الأسد، ويبدو أنه تورط في انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء ذلك.
وقد أخفقت الجهود الأولى لتوجيه اتهامات رسمية لعبد الله جراء نقص الأدلة، واستغرق الأمر بعض الوقت من فريق المحامين والنشطاء السوريين المقيم في السويد حتى تمكنوا من إقناع السلطات بأن الجندي السابق ينبغي إلقاء القبض عليه.
من جهته، قال رامي حميدو، مدير منظمة الكواكبي السورية لحقوق الإنسان والذي يعيش حالياً في السويد، إن الاجتماعات أعقبتها فترات من الصمت بدت له دونما نهاية. وأضاف: «استغرق الأمر وقتاً طويلاً». بعد ذلك، بدأ حميدو ورفاقه يتلقون تهديدات بالقتل عبر الهاتف. وعن ذلك، قال حميدو: «كانت تهديدات بحق المرء نفسه وبحق أسرته وأقاربه في سوريا. لقد جعلتنا نشعر أن يد النظام قادرة على الوصول لنا بأي مكان».
الملاحظ أن قصة الجندي السوري تبدلت على امتداد إجراءات محاكمتين. في البداية، أخبر قاضيا أنه كان يعمل طبيباً بالجيش السوري ولم يحمل سلاحاً قط. ومع ظهور أدلة تشير إلى العكس، قال إنه أجبر من جانب قائد الوحدة التي كان يخدم في صفوفها على الوقوف لالتقاط تلك الصورة أمام عدد من الجثث التي كانت تخص مسلحين من «داعش». المعروف أنه بسبب الحاجة الشديدة إلى القوة البشرية، اعتمد الجيش السوري طيلة الحرب على المجندين الإلزاميين. وقدم نشطاء راقبوا صفحة حميدو عبر «فيسبوك» صوراً ظهر بها الجندي السابق وعلق عليها واصفاً دوره بـ«الشرف».
إلا أنه من دون توافر شهود، عجز القاضي لارسون عن الجزم بأنه أعدم الرجال الذين التقطت صورة له بجوار جثثهم.وخلال مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع، قال لارسون: «يجب أن يضع الجميع في اعتبارهم أن لدينا سابقة واحدة فحسب مشابهة في محكمة في منطقة سكاني، وصدر بها حكم ضد المتهم بالسجن ستة شهور»، وذلك في إشارة إلى قضية تضمنت مسلحاً من «داعش» جرى تصويره يمسك رأساً مقطوعاً.
ومع هذا، لا تخلو محاكمة الاثنين من أهمية رمزية. عن ذلك، قال هيلير: «إنها تذكر المتهمين المحتملين في سوريا بأن المجتمع الدولي ليس بأكمله متجاهلا للحاجة لتحقيق نوع من المحاسبة».
وقد بدا حميدو مرتاحاً تجاه الحكم، رغم شعوره بخيبة الأمل إزاء الفترة الطويلة التي استغرقها الأمر. وقال: «لقد أكدت منذ البداية أنه لن يكون هناك سلام دون عدل، ولن يكون هناك عدل دون محاسبة».
- خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.