حكومة الوفاق تزور غداً غزة لإنهاء الانقسام

«حماس» دعتها إلى البدء بحل مشاكل القطاع... ووفد مصري سيشرف على ترتيبات انتقال السلطة بيد الحمد الله

صورة أرشيفية تجمع قادة حماس يحيى السنوار وإسماعيل هنية وخليل الحية خلال وصولهم إلى معبر رفح بجنوب قطاع غزة (رويترز)
صورة أرشيفية تجمع قادة حماس يحيى السنوار وإسماعيل هنية وخليل الحية خلال وصولهم إلى معبر رفح بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

حكومة الوفاق تزور غداً غزة لإنهاء الانقسام

صورة أرشيفية تجمع قادة حماس يحيى السنوار وإسماعيل هنية وخليل الحية خلال وصولهم إلى معبر رفح بجنوب قطاع غزة (رويترز)
صورة أرشيفية تجمع قادة حماس يحيى السنوار وإسماعيل هنية وخليل الحية خلال وصولهم إلى معبر رفح بجنوب قطاع غزة (رويترز)

يضع رجال أمن تابعون للسلطة الفلسطينية اللمسات الأخيرة على خطة زيارة رئيس الوزراء رامي الحمد الله إلى قطاع غزة، غداً الاثنين، فيما ينهي مهندسون وعمالٌ ترتيب بيت الرئيس محمود عباس في غزة لاستقبال اجتماع الحكومة، الذي يجري لأول مرة منذ عام 2014.
ووضع وفد أمني وصل من الضفة الغربية إلى قطاع غزة خطة عمل مع رجال الأمن التابعين لحماس في قطاع غزة، في تنسيق مشترك قل نظيره. واجتمع الوفدان من أجل توزيع الصلاحيات وتأمين زيارة الحمد الله والوفد المرافق له، الذي سيكون مكوناً من عشرات الوزراء والمسؤولين، وذلك بحضور وزير الأشغال العامة مفيد الحساينة المقيم في غزة، الذي وصف ما يجري بأنه «لحظات تاريخية ومفصلية».
وكان وفد أمني من الضفة الغربية قد وصل إلى قطاع غزة، الخميس، مستبقاً وصول الحكومة. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حماس» ستعمل على تأمين الشوارع ومقرات إقامة الحمد الله والوزراء، والأماكن التي سيقصدونها، فيما سيتولى الأمن التابع للسلطة الفلسطينية وحرسه الخاص تأمين حمايته الشخصية.
ويفترض أن يذهب الحمد الله إلى غزة، غداً الاثنين، على رأس الحكومة الفلسطينية بكامل الوزراء والهيئات التابعة لها، على أن يعقد اجتماعاً للحكومة يوم الثلاثاء، إيذاناً ببدء العمل على إنهاء الانقسام، وستتبع ذلك اجتماعات ثنائية بين «فتح» و«حماس» في القاهرة، بهدف وضع خطة شاملة تتضمن تشكيل حكومة وحدة وإجراء انتخابات عامة. وجاءت هذه التطورات بعد أن أعلنت حركة حماس حل اللجنة الإدارية التي شكلتها قبل بضع شهور استجابة لجهد مصري كبير.
ورحبت «حماس» بقرار الحكومة الحضور إلى غزة وتسلم مهامها، ودعتها إلى البدء بحل مشكلات القطاع المتراكمة.
وسيصل الحمد الله إلى غزة عبر معبر بيت حانون «إيرز» الذي يخضع لسيطرة إسرائيلية، شمال القطاع، ثم يبدأ زيارة حافلة تتضمن لقاءات مكثفة مع قادة حماس وفصائل أخرى، وجولة لتفقد آثار العدوان الإسرائيلي على غزة والمواقع الحيوية والهامة، ثم عقد لقاء الحكومة في منزل عباس.
ويعتقد أن يلتقي الحمد الله فور وصوله بقيادات «حماس»، وعلى رأسهم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، قبل أن يعقد اجتماع حكومته الأكثر أهمية.
وإلى غاية غد الاثنين، سيكون المهندسون والعمال قد انتهوا من وضع يافطة كبيرة تحمل شعار السلطة الفلسطينية على منزل عباس الذي كانت تسيطر عليه «حماس»، كتب عليها مجلس الوزراء، مع صور خاصة لأبو مازن ستعتلي المجتمعين، وذلك في مؤشر مهم على تجاوز الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وقال الحمد الله إن حكومته شكلت عدداً من اللجان الوزارية التي تختص بتسلم المعابر والأمن والدوائر الحكومية، ومعالجة آثار وتبعات الانقسام، وكافة القضايا المدنية والإدارية والقانونية، الناجمة عن الانقسام، وما ترتب عليه من تحديات وعراقيل.
ويريد الحمد الله تسلم كل قطاع غزة بشكل فعلي وكامل، بما يشمل بسط ولاية الحكومة القانونية في جميع القطاعات. لكن يوجد أمام الحمد الله عدة ملفات معقدة، أهمها ملف الأمن الذي تسيطر عليه «حماس» بالكامل في قطاع غزة، وملف المعابر، وملف موظفي حكومة حماس السابقين. لكن يعتقد أن يتم تسوية الملفات ومعالجتها بهدوء وروية حتى لا تفشل المصالحة.
وسيشرف وفد أمني مصري، يفترض أن يصل قطاع غزة غداً الاثنين، على ترتيبات انتقال السلطة من حكومة «حماس» إلى حكومة الحمد الله. وفي هذا السياق أكد النائب مشير المصري، القيادي في حركة حماس، على أهمية الدور المصري باعتباره قوة دافعة ومظلة إقليمية للسير قدماً باتجاه تحقيق المصالحة.
وقال المصري في ندوة سياسية «إنه لم يعد مقبولاً استمرار الانقسام أمام الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وأمام التحديات التي واجهت الشعب والقضية الفلسطينية»، مضيفاً أن «اتفاق المصالحة هذا يعد الأخير، وهو فرصة تاريخية لإنهاء الانقسام، يجب على الأطراف الفلسطينية التقاطها واستثمارها باتجاه الوحدة الوطنية».
وبعد أن شدد المصري على أن حركته ملتزمة بكافة الاتفاقيات التي وقعت عليها سابقاً، وخصوصاً اتفاق القاهرة 2011 الذي يعد أساساً للاتفاق الأخير، أوضح أن «نجاح المصالحة الوطنية يتطلب توفر الإرادة السياسية الحرة دون السماح لأي طرف خارجي بالتأثير على قراراتنا الوطنية»، مضيفاً أن حركة حماس «معنية بإنجاح عمل حكومة الوفاق الوطني، وهناك خطوات فعلية على الأرض لإتمام ملف المصالحة... وستتوجه حركتا فتح وحماس للقاهرة للاتفاق على آليات التنفيذ، وفقا لاتفاق القاهرة 2011، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تعد لإجراء الانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني... الخ».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.