أطراف ليبية تحدد شروطها لقبول تعديل اتفاق الصخيرات

طرح إعادة تشكيل المجلس الأعلى للرئاسة... وانتخاب رئيس له ونائبين

السراج خلال استقباله وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
السراج خلال استقباله وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

أطراف ليبية تحدد شروطها لقبول تعديل اتفاق الصخيرات

السراج خلال استقباله وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
السراج خلال استقباله وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

ركزت جلسات الحوار السياسي المنعقدة في تونس لليوم الثالث على التوالي على إعادة تشكيل المجلس الأعلى للرئاسة، وطرحت فكرة انتخاب رئيس ونائبين له، وعلاقة حكومة الوفاق بالمجلس الرئاسي، الذي سيبقي على صلاحية موسعة للقائد الأعلى للجيش الليبي المتنازع عليها مع مجلس النواب (البرلمان)، شرق ليبيا.
وأخفت النقاشات السياسية خلال اليوم الثالث من جلسات الحوار صراعاً سياسياً مبكراً حول من سيشغل رئاسة المجلس الأعلى للرئاسة، وعضوية هذا المجلس في شكله الجديد، حال الاتفاق على تشكيله.
كما طرح مقترح بقاء فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، في منصبه، شريطة بقاء نائبين من المجلس الرئاسي الحالي بالمؤسسة نفسها؛ أحدهما من الشرق وآخر من الجنوب، فيما طرحت كذلك فكرة تمكين شخصية توافقية من جنوب ليبيا من رئاسة المجلس الرئاسي، على أن يتولى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب (البرلمان)، منصب نائب أول للمجلس، وعبد الرحمن السويحلي، رئيس مجلس الدولة، منصب نائب ثان.
وخلال اجتماعات أمس، اختفت لغة الحوار بين الأطراف الليبية، حسب عدد من المتابعين لجلسات الحوار الليبي، ووجهت عدة أطراف سياسية رسائل إلى لجنتي الحوار الممثلتين للبرلمان ومجلس الدولة، هدف بعضها التموقع السياسي، والبعض الآخر يعمل على فرض شروطه السياسية بصفة مبكرة قبل المرور إلى المحطات الانتخابية المقبلة.
وبعد يوم أول طغت عليه لغة التفاؤل بالتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في ليبيا، برزت خلافات خلال يوم أمس، تمثلت في عدة شروط أملتها عدة أطراف سياسية، من بينها المجلس الأعلى للدولة، والمجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، للقبول بالتعديل المزمع إدخاله على اتفاق الصخيرات المبرم في ديسمبر (كانون الأول) عام 2017 في المغرب.
ولم تخف الأطراف التي حضرت جلسات أمس تمسكها بشروطها وعرضها على لجنتي الحوار السياسي، الذي سيتواصل وفق مصادر ليبية مطلعة إلى غاية يوم الاثنين المقبل، وفي هذا السياق اشترط عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، على بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «منح صلاحيات تشريعية لمجلس الدولة، مناصفة مع مجلس النواب (البرلمان)، مقابل موافقته على الإبقاء على المادة الثامنة المتعلقة بالمناصب القيادية، والمحددة لصلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي، وكذلك الإبقاء على تبعية قيادة الجيش لرئيس مجلس النواب (البرلمان)».
كما رفض السويحلي مبدأ السماح بعودة أعضاء كتلة 94 المستقلين من المؤتمر الوطني الليبي العام إلى المجلس الأعلى للدولة، وبرر ذلك باختيارهم الاستقالة الطوعية من عضوية المؤتمر العام.
وفي السياق ذاته، أصدر خالد رمضان أبو عميد، المتحدث باسم المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، بياناً أعلن فيه ترحيبه بمبادرة غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، وما جاء في خريطة الطريق المعلنة، ووصف ما توصل إليه سلامة بأنه «الحقيقة»، على حد تعبيره، وقدم 7 شروط للانخراط الكامل في خريطة الطريق الأممية، وهي أن يكون الحوار السياسي بين أبناء الشعب الواحد دون تدخل خارجي، وإطلاق سراح كل السجناء المحسوبين على النظام الليبي السابق دون قيد أو شرط، معتبراً هذا الشرط بادرة حسن نية، ورفع كل القيود الأمنية والعدلية ومذكرات الجنايات الدولية على المطلوبين دولياً، الذين شملهم العفو العام من رموز النظام السابق، والاعتراف بأن جميع الليبيين شركاء في الوطن دون إقصاء أو تهميش، وأن الكلمة للشعب لينتخب ويختار من يقوده، وعودة المهجرين والنازحين قسراً، ورد اعتبارهم، بالإضافة إلى تعويض المناطق والقبائل التي تعرضت لحروب ممنهجة من أجل أجندات داخلية أو خارجية. وأخيراً، وقف التدخل الخارجي بكل أشكاله، ورفع بند الوصاية التي تنتهجها أطراف إقليميه ودولية.
وفي سياق متصل، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلال مؤتمر صحافي أمس، أن الاتفاق السياسي الليبي سيحال إلى مجلس النواب (البرلمان)، بعد الانتهاء من تعديله وصياغته للتصويت عليه، وهو ما يتطلب تنازلات مشتركة للقبول به، وإضفاء الشرعية عليه.
وأضاف سلامة، موضحاً: «إننا على يقين بأن الاتفاق السياسي سيتم اعتماده، خصوصاً أن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (البرلمان الليبي) وعدني عندما التقيته بإعطاء الأولوية للتصويت على الاتفاق السياسي».
وأكد المصدر ذاته أن المؤتمر الوطني يشمل جميع الأطراف السياسية الليبية لتوسيع رقعة المشاركة في العملية السياسية، مبرزاً أن الاتفاق السياسي سيظل ساري المفعول خلال الفترة المقبلة حتى حلول موعد انعقاد المؤتمر الوطني الوارد ضمن خطة العمل من أجل ليبيا.
يذكر أن «خطة العمل الجديدة من أجل ليبيا»، أو «خريطة الطريق الأممية» تعتمد 3 مراحل، بدأت أولاها في تونس بالعمل على تعديل «الاتفاق السياسي» الذي وُقّع في منتجع الصخيرات. أما المرحلة الثانية، فتدعو إلى عقد مؤتمر وطني برعاية أممية لدمج «المنبوذين». في حين تهدف المرحلة الثالثة والأخيرة إلى تنظيم استفتاء على الدستور في غضون سنة، وفتح الباب أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.