انقسام حاد في المعارضة الجزائرية حيال عزل الرئيس دستورياً

الليبراليون يؤيدون قرار تنحيته... والإسلاميون يعارضونه

TT

انقسام حاد في المعارضة الجزائرية حيال عزل الرئيس دستورياً

تواجه المعارضة في الجزائر انقساما حادا حيال قضية مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومدى قدرته على الاستمرار في الحكم. وفي حين ترى الأحزاب الليبرالية أن تنحية الرئيس أصبحت أمرا عاجلا حتى تستعيد مؤسسات البلاد نشاطها العادي، يقول الإسلاميون إن عزل الرئيس عن الحكم لن يحل مشكلة التداول على السلطة.
ويقود الدعوة إلى عزل الرئيس سفيان جيلالي، رئيس «جيل جديد»، الذي طالب رئيس الوزراء أحمد أويحيى بـ«التوقف عن الحديث باسم الرئيس لأنك لم تعد قادرا على أداء هذا الدور، بحكم أن عجز الرئيس بدنيا ليس خافيا على أحد». وقال جيلالي لوسائل إعلام محلية إن أعضاء «المجلس الدستوري» (المحكمة الدستورية) «مطالبون بعقد اجتماع عاجل لإعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، وبالتالي إطلاق الترتيبات الدستورية المعروفة»، في إشارة إلى المادة 102 من الدستور التي تفيد بأنه «إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. ويعلن البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه، ويكلف تولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها 45 يوما، رئيس مجلس الأمة. وفي حالة استمرار ألمانع بعد انقضاء خمسة وأربعين يوما، يعلن الشغور بالاستقالة وجوبا، وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوبا، ثم يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة مدة أقصاها ستون يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية».
لكن خبراء في القانون الدستوري يرون أنه يستحيل تطبيق هذه المادة عمليا لأن الدستور لا يوضح الجهة في الدولة التي ينبغي أن تطلب من «المجلس الدستوري» أن يجتمع ليتثبت من «المانع الصحي المزمن والخطير». ولما أدخل بوتفليقة تعديلات على الدستور مطلع 2016 لم يتم تدارك هذا الفراغ في الدستور. هذا زيادة على كون رئيس «المجلس الدستوري» ورئيسه مراد مدلسي، يعدان من أشد الموالين لبوتفليقة، وهو من عينه على رأس هذه الهيئة، ولا يوجد هناك شك في أنه سيعمل من أجل تنحيته عن الرئاسة. كما أن رئيسي غرفتي البرلمان من أكبر أنصار الرئيس واستمراره في الحكم، بحجة أنه «الأصلح والأكثر قدرة على إدارة أزمات البلاد، حتى وهو مريض».
يشار إلى أن بوتفليقة لم يخاطب الجزائريين بصوته منذ 4 سنوات، ويكتفي بمخاطبتهم عن طريق رسائل تنشرها وكالة الأنباء الرسمية.
أما الرأي المخالف لـ«العزل» فتتبناه «حركة مجتمع السلم» (أكبر حزب إسلامي معارض)، حيث صرح رئيسها عبد المجيد مناصرة بأنه «ليس هناك جدوى من تنحية الرئيس لأن ذلك لن يحل مشكلة النظام. وحتى لو تنحى بوتفليقة فالنظام سيختار شخصا آخر ليضمن إطالة عمره». وتبادل زعيما «السلم» «وجيل جديد» كلاما حادا بخصوص اختلاف رأي كل منهما في القضية.
ومعروف في الجزائر أن الجيش منذ استقلال البلاد عام 1962، هو الذي يختار الرئيس، من أحمد بن بلة (1962 - 1965) وهواري بومدين (1965 - 1978)، والشاذلي بن جديد (1979 - 1992)، ومحمد بوضياف الذي استدعي من منفاه الإرادي في المغرب ليتم اغتياله بعد ستة أشهر في يونيو (حزيران) 1992، واليامين زروال (1994 - 1999) وأخيرا بوتفليقة. وكل الذين تم عزلهم كانت بإرادة جنرالات الجيش.
وعندما سئل السعيد بوشعير رئيس «المجلس الدستوري» سابقا «كيف ستتصرف مع أزمة الرئيس الصحية، لو أنك ما تزال في منصبك، في ظل ما يطرح بخصوص اللجوء إلى المادة 102 من الدستور؟». فكان رده «صراحة لا يمكن أن أفعل شيئا. هذه القضية نفسية واجتماعية ثم سياسية، لذلك من الصعوبة على الإنسان العاقل الذكي أن يتدخل في هذه المسألة. فرئيس الوزراء قال إن الرئيس بخير، وإنه من مصلحة البلاد أن يبقى في الحكم».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».