قوات النظام تهاجم منطقة «خفض التصعيد» شرق دمشق

تدمير مدرسة في غارات على ريف حلب

عناصر من «الجيش السوري الحر» خلال تدريبات شمال حلب. (رويترز)
عناصر من «الجيش السوري الحر» خلال تدريبات شمال حلب. (رويترز)
TT

قوات النظام تهاجم منطقة «خفض التصعيد» شرق دمشق

عناصر من «الجيش السوري الحر» خلال تدريبات شمال حلب. (رويترز)
عناصر من «الجيش السوري الحر» خلال تدريبات شمال حلب. (رويترز)

دفعت قوات النظام السوري بتعزيزات إلى جبهتي حي جوبر وعين ترما شرق دمشق، بينما أحبطت فصائل المعارضة الهجوم، ورأى «الائتلاف الوطني السوري»، أمس، أن استهداف المناطق السكنية والمراكز الطبية والخدمية فيها «يصبُّ في مصلحة التنظيمات الإرهابية ويشكل خدمة لها».
وقال مصدر إعلامي مقرب من قوات النظام لوكالة الأنباء الألمانية إن «قوات الفرقة الرابعة من الجيش (النظامي) السوري دفعت بقوات عسكرية كبيرة على محوري عين ترما وحي جوبر، وسيطرت على عدد من الأبنية قرب دوار المناشر، وسلاح الجو السوري استهدف تحركات المسلحين ونقاطهم قرب دوار المناشر، ما أوقع بينهم قتلى وجرحى».
من جانبه، أعلن «فيلق الرحمن» المعارض أنه تصدى لمحاولة اقتحام مسلحي الفرقة الرابعة منطقة عين ترما وأعطب دبابتين وجرافة وعربة شيلكا وقتل العشرات من القوات الحكومية والمسلحين المساندين في الاقتحام.
وقال قائد في «فيلق الرحمن» إن «عناصر الفرقة الرابعة استهدفوا حي جوبر بـ19 صاروخ أرض - أرض من نوع (الفيل)، وبعد التمهيد المدفعي والصاروخي، دخلت آليات وعناصر القوات منطقة المناشر، إلا أن مسلحي (الفيلق) تصدوا لهم وأجبروهم على التراجع بعد تكبيدهم خسائر كبيرة في الأرواح، وتدمير دبابتين من نوع (T72 ) وجرافة وعربة (شيلكا)».
وأضاف أنه بعد «فشل القوات الحكومية في هجومها الذي تعد له منذ أيام، قامت بقصف مدفعي وصاروخي استهدف حي جوبر وعين ترما، وكذلك قصفت بلدة جسرين شرق عين ترما بالمدفعية الثقيلة وبأسطوانة شديدة الانفجار».
ويعد حي جوبر الدمشقي وبلدة عين ترما ضمن مناطق تخفيف التوتر ووقف النار، بموجب اتفاق وقّعه «فيلق الرحمن» مع الجانب الروسي منتصف الشهر الماضي، الذي نص على وقف إطلاق النار بشكل حازم بكل أنواع الأسلحة، وشمل جميع المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر في حي جوبر بالغوطة الشرقية.
وتضمن الاتفاق فك الحصار عن الغوطة الشرقية وإدخال المواد الأساسية التي تحتاج إليها، دون أي إعاقات أو ضرائب أو إتاوات، وإطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين من الأطراف المعنية بهذا الاتفاق.
وتعرضت القوات النظامية خلال الأشهر الثلاثة الماضية لخسائر كبيرة، بعد دفع قوات الفرقة الرابعة إلى استعادة السيطرة على حي جوبر وعين ترما.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «أطراف الغوطة الشرقية والعاصمة دمشق تشهد اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة، ومقاتلي (فيلق الرحمن) من جهة أخرى». وقال إن «المعارك تدور على محاور محيط المتحلق الجنوبي الذي يفصل بين دمشق وغوطتها الشرقية»، مؤكداً أن المواجهات «تجددت بين الطرفين على محور المناشر في حي جوبر الدمشقي، بالتزامن مع قصف النظام حي جوبر وأطراف بلدة عين ترما بـ15 صاروخ أرض - أرض».
ولقي 4 أشخاص حتفهم جراء القصف الجوي الذي استهدف مدينة دوما، التي يسيطر عليها «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية، وأعلنت «شبكة شام الإخبارية» المعارضة، أن طيران النظام «استهدف الأحياء السكنية في مدينة دوما بعدة صواريخ، وأن بعض الغارات طالت مركزاً لتأهيل المعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما أدى إلى (استشهاد) 4 أشخاص بينهم اثنان من مرضى المركز»، مشيرة إلى أن «القصف الذي طال المدينة، تسبب في إصابة عدد من عناصر الدفاع المدني».
أما موقع «الدرر الشامية»، فأكد أن «الطيران الروسي، هو من شنّ الغارات على مدينة دوما واستهدف مركزاً لذوي الاحتياجات الخاصة، ما خلّف عشرات الضحايا بين (شهيد) وجريح». وقال إن «مشفى ريف دمشق التخصصي، ناشد الأهالي من أجل التبرع بالدم»، موضحاً أن قوات النظام السوري «قصفت مناطق: حرستا، وسقبا، وعين ترما، وحي جوبر الدمشقي، وعربين، وحزّة، ومديرا، وجسرين، بالمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى مقتل شخصين».
إلى ذلك، أجرت لجنة التفاوض عن منطقة القلمون الشرقي، جولة مفاوضات مع الجانب الروسي في المحطة الحرارية التابعة لمدينة جيرود، بحضور النقيب سيرغي وشخصيات حزبية وقومية من جانب نظام الأسد، هدفها دعوة لجنة التفاوض إلى دمشق. ونقلت «شبكة شام» عن ناشطين قولهم، إن الجلسة «تخللتها مناقشة الوضع الراهن، وتضييق الحواجز على تحرك المدنيين والمواد الأساسية ضمن مدن القلمون الشرقي، كما تم طرح موضوع السيدة التي اعتقلتها قوات النظام قبل أيام، وضرورة إطلاق سراحها بأسرع وقت، حيث توعد الطرف الروسي بحل الأمر بشكل عاجل».
ووفق الناشطين، فإن لجنة التفاوض أكدت أن «موعد الذهاب إلى دمشق مرتبط بفك الحصار وتخفيف التضييق على حواجز مدن القلمون الشرقي، شرطاً أساسياً لتحديد تاريخ الذهاب، والإفراج عن النساء المعتقلات من مدن القلمون الشرقي في بادرة حسن نية، كما وضعت اللجنة المفاوضة تصوراً حول اجتماع دمشق يتضمن عدة بنود، أبرزها حيادية مكان الاجتماع (السفارة الروسية أو المحطة الحرارية)، ومعرفة الشخصيات المدعوة إلى الاجتماع من كل الأطراف، والتمثيل الروسي على أعلى مستوى، إضافة إلى نشر شرطة عسكرية روسية على الحواجز، على أن يكون الاجتماع تفاوضيا وليس احتفالا أو اجتماعا للتوقيع». وأكد ناشطون معارضون أن اللجنة «حددت البنود الموقعة في جنيف و(اللواء 81)، التي تعدّ خريطة طريق للعمل في المنطقة، وألا تكون خيارات النظام إما الحرب وإما الاستسلام، وقد حسمت الأمر قبل الذهاب، إضافة إلى تأمين الإجراءات الأمنية ذهاباً وإياباً، واقتصار الحضور على 3 وفود هم المعارضة والروس وأصحاب القرار من جانب النظام».
التصعيد في دمشق والغوطة انسحب على الشمال السوري؛ إذ جددت الطائرات الحربية غاراتها، أمس، على ريف حلب، مستهدفة بلدة باتبو الواقعة إلى الغرب من بلدة الأتارب بالريف الغربي لحلب، التي لم تشهد غارات منذ أشهر، وقال «المرصد السوري»، إن «الضربات وقعت فجر أمس، وأدت إلى تدمير مدرسة دون ورود معلومات عن سقوط ضحايا».
وحسب إحصائية صدرت عن الدائرة الإعلامية في «الائتلاف» أمس، «استهدف طيران نظام الأسد وروسيا أكثر من 47 مدينة وبلدة وقرية في عموم سوريا، وبلغ عدد الغارات الجوية نحو 500 غارة منذ 20 سبتمبر (أيلول) حتى يوم الثلاثاء (26 أيلول)، ما أدى إلى استشهاد ما يزيد على 280 مدنياً، بينهم نساء وأطفال». وبيّنت الإحصائية: «قصد الطيران الروسي إصابة 9 مشافٍ ومراكز طبية، ما أدى إلى تدمير بعضها بشكل كامل وتضرُّر أخرى، كما استهدف الطيران الروسي ونظام الأسد 3 مراكز للدفاع المدني و10 مراكز ومناطق حيوية وخدمية في مختلف المناطق السورية». وأضاف أن التصعيد يخدم «المشروع الإيراني التوسعي الطائفي ونمو وانتشار الإرهاب في المنطقة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم